عماد عبدالغفور يوم الخميس الرابع عشر من مارس قبيل المغرب في وقت عودتي من القاهرة للإسكندرية، فوجئت بتوقف السيارة عند الكيلو 54 من الإسكندرية، وخلال أقل من ساعة تجمعت مئات السيارات إن لم تكن أكثر من ذلك، وعند معاينة الأمر تبين أن ما لا يزيد عن عشرة أشخاص من أهل المنطقة قاموا بقطع الطريق الصحراوي، في محاولة لإرغام الإسعاف لسرعة الاستجابة لهم وإرسال سيارة إسعاف لهم لإنقاذ أحد المصابين من أقربائهم، وبالفعل استجاب الاسعاف لهم وأرسل سيارته وقاموا بفتح الطريق بعدما تأكدوا من تحرك سيارة الإسعاف بمصابهم ووصولهم للمركز الصحي.هذا المشهد المؤلم من انتهاك هيبة الدولة واستباحة القانون والذي شاهدته بنفسي، وأصبح مثالاً يتكرر أشباهه ونظائره في الكثير من شوارع مصر وطرقها. لم يشعر قاطعو الطريق بأي قدر من مراجعة النفس أو تأنيب الضمير، ولم يحسوا أنهم ارتكبوا ثمة جرم في حق الآلاف من أبناء الشعب المصري الذين لا ذنب لهم في حبسهم عن السير وتعطيل مصالحهم وقد يكون منهم المريض والكبير وذو الحاجة ومن لا يتحمل تعطيله تلك الساعات. لقد أصبح ذبح القانون وانتهاك هيبة الدولة من القيم السلبية الخطيرة، والتي سادت للأسف بعد ثورة يناير، فما الذي حدث؟ وكيف يمكن استعادة القيم الإيجابية مرة أخري في هذا المجال؟؟ قد يكون من الضروري اتخاذ خطوات عاجلة لاستدراك هذا الأمر ومنها: 1- لابد من حملة قومية تشارك فيها المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لإرساء سلطة الدولة وسيادة القانون والالتزام به، وإعداد العقوبات الرادعة التي لا استثناء فيها. 2- إعلاء قيم العدالة والمساواة بين أبناء الوطن. 3- أن يكون رئيس الدولة وقادة المجتمع هم أول من يلتزم باحترام القوانين وسيادتها والالتزام بها، وتطبيق القانون علي الحاكم والمحكوم علي حد سواء، ويجب أن يكون القانون في ذاته جازما حازما، فالقوانين الهينة اللينة الرخوة اغراء بالجريمة، والخروج علي نظم المجتمع ، وقد يكون من الضروري التذكير بأن النبي صلي الله عليه وسلم كان أول من يلتزم بالتشريعات والقوانين، ويحضرني خطبته يوم الفتح : (ألا وإن ربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربا عمي العباس بن عبد المطلب. 4- تطبيق اللوائح والقوانين لابد أن يكون بلا استثناءات قدر الإمكان وألا يسمح بخرقه تحت أي ظرف إلا للضرورة الحقيقية القاهرة وأيضاً يحسن التذكير بقول النبي صلي الله عليه وسلم لأسامة بن زيد: أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة!! وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. إن استمرار حالة السيولة الأمنية بهذه الصورة لم يعرف نظير له في مصر منذ زمن طويل ويهدد أصل وجود الدولة المصرية ولابد من تعاون الجهات المختلفة لوضع حد سريع لها.