الحديث عما يتوافق مع الشريعة وما يحقق الأمن القومي و ما يتعارض معهما في القضايا الاقتصادية زادت حدته بشدة بعد الثورة، و بقدر أهمية هذا التوجه و ضرورة التركيز عليه إلا أن المبالغة فيه تفسد أكثر مما تنفع... فهل يعقل ان نحارب استثمارات عربية- رغم حاجتنا الشديدة للنقد الاجنبي - و نتوقف عن اصدار أداة تمويل متوافقة مع الشريعة خوفا علي الأمن القومي في الوقت الذي نلتزم فيه باتفاقيات تجارية تلزمنا بالتعاون الاقتصادي مع اسرائيل! و هل يعقل أن نرفض التعامل مع صندوق النقد لان قرضه ربوي، ونقف في وجه اداة تمويل اجمع كثير من العلماء علي شرعيتها و ونترك كما هائلا من المعاملات غير متوافقة مع الشريعة، بل و لا يعترض احد علي الفتوي السابقة التي صدرت بإباحة جميع المعاملات البنكية و كذلك معاملات شركات التأمين دون قيد أو شرط، رغم ان عدداً من أعضاء هيئة كبار العلماء من شيوخنا و اساتذتنا الاجلاء يعارضونها! ...لا أطالب بتجاهل جانب الامن القومي، و لا مهاجمة المعاملات المالية التقليدية ، و بالطبع لا أريد ان نتجاهل تطبيق المعاملات الشرعية، لكن علينا ان نتحرك بسرعة، و علي جهابزة القانون ان يضعوا الضوابط القانونية التي تحمي الامن القومي وفي الوقت ذاته تفتح الباب للاستثمار الاجنبي ... و لابد أن نتيح فرصة متكافئة للخدمات التقليدية و الشرعية في السوق، لابد ان نعي جميعا اننا نمر بوقت حرج، و في الوقت ذاته امامنا فرص ثمينة علينا ان لا نضيعها فحتي الآن نحن بوابة دخول المستثمرين إلي افريقيا التي تتطلع انظار العالم اجمع لها، هؤلاء المستثمرون لن ينتظرونا، و قد يتجهون في اية لحظة الي احدي دول الجوار، فنندم حين لا ينفع الندم.