في اعتقاد معظم المثقفين والأدباء أن الادب الروسي هو تشيكوف وتولستوي وبوشكين ومكسيم جورجي وغيرهم.. وهذا صحيحا لكن ماذا عن الادب الروسي الجديد؟ ومن هم رواده؟.. لم تعد هناك حركة ترجمة نشطه مثلما كان في بداية الخمسينيات والستينيات لهذا الادب ! ومثلما كان مو يان الاديب الصيني الذي حصل علي جائزة نوبل للآداب هذا العام مفاجأة لغالبية المثقفين في مصر لعدم متابعة وترجمة الاداب العالمية وخصوصا الصينية فإن هناك ادباء جدداً في كل انحاء العالم لا نعرف عنهم شيئا ولم نقرأ لهم !! منذ أيام تردد اسم الاديب الروسي ميخائيل شيشكين علي المواقع الاخبارية بأنه رفض الانضمام لوفد بلاده المشاركة في معرض الكتاب الامريكي "بوك إكسبو أمريكا" الذي يقام بنيويورك نهاية مايو المقبل وذلك احتجاجا علي سياسة الرئيس الروسي بوتين. وتوقفت عند اسم هذا الكاتب الذي لم أعرفه من قبل ولم ار له كتبا مترجمة ومما زاد افتقادي لقراءة الادب الروسي الحديث انني اكتشفت من البحث عن هذا الاديب انه من اشهر الكتاب الروس المعاصرين وله آراء سياسية مناهضة لحكومة بلاده ولذلك اختار ان يعيش في زيورخ وان لديه العديد من المؤلفات التي حازت علي جوائز عالمية، وهالني في عملية البحث أن أجد كم التنوع في انتاج الادب الروسي بعد الاطاحة بنظام الاتحاد السوفيتي مما جعلها الي جانب الصين في مقدمة الترتيب الدولي لحركة النشر في العالم اذ تصل الي مائة ألف كتاب سنويا.. اما ميخائيل شيشكين الذي حصل علي أرفع الجوائز في روسيا فله رواية حققت مؤخرا أعلي المبيعات وحصلت علي العديد من الجوائز عنوانها " الساعة الثانية إلا عشر دقائق " يروي فيها قصة حب غريب من نوعه حب نشأ خلال فترة الصيف تحت نور الشمس قبل أن تأتي الحرب وتسبب الفرقة بين العاشقين بطلي الرواية.وكان العاشقان فولوديا وساشا قد عاشا قصة حب استمرت ثلاثة أيام فقط لكنها كانت كافية لتلهب مشاعرهما ومستقبلهما معاً فبعد الفراق بقيت المراسلات جسراً معلقاً بين قلبيهما كما بين الحياة والموت لكن الرسائل وللأسف الشديد تاهت عن هدفها ولم تصل إلي العنوان المنشود. وفي روايته البديعة كما يقول النقاد انه استطاع أن يصل إلي نتيجة مفادها أن الزمن هو نحن وعندما نختفي سيشفي الزمن من آلامنا ومعاناتنا حيث يقول البطل فولوديا: إن الزمن سيمضي كما يمضي مرض الخناق المهم هو الحياة الصاخبة التي تصيب محبيها بالدوار أما الموت فوحده الكفيل بإعطاء الحياة المعني الذي تستحقه. هذا بينما تري ساشا أنها عندما تعطي يدها لحبيبها ويمسك بها تشعر بسعادة تسكرها لفترة طويلة. هذا ما يريد قوله شيشكين لأن دورة الحياة كما يراها الروائي الروسي لا تنتهي إذ أن تبادل الأدوار يتم تباعاً بين الاجيال المتعاقبة ومع غياب بوصلة الزمان والجغرافيا والمجتمع تكتسب رواية "الساعة الثانية إلا عشر دقائق" طابع العالمية، كما أن المعاناة التي يعيشها بطلا هذا العمل الإبداعي تنطبق علي كل حبيبين إلا أن تعليق ميخائيل شيشكين علي هذه الرسائل المتبادلة بين البطلين تؤكد علي انعدام التواصل بين أفراد مجتمعات اليوم وبالتالي الانغلاق والعزلة والمعاناة ولا يكشف شيشكين عن مصير أبطاله وماذا سيحصل لهما في النهاية إلا ان النقاد اشاروا الي ان بطلة الرواية الحقيقية هي الحرب.