شغلت عملية الاستفتاء علي الدستور الجديد مصر والعالم كله الذي تابع باهتمام بالغ ما واكب ذلك من احتجاج وتأييد.. ومازالت واشنطن علي درب الدبلوماسية الحذرة في تعاملها مع مصر وإدارة الرئيس محمد مرسي. ومع الاعلان عن تولي السناتور جون كيري لحقيبة الخارجية الأمريكية والحديث عن خبرته كسياسي عاصر الحرب والسلام من خلال تجربة حرب فيتنام ركزت التقارير علي مدي اهتمامه بالتحرك الدبلوماسي كوسيلة للتعامل مع القضايا العالمية. وذكر مصدر مطلع أن كيري سيضع ملف الشرق الأوسط علي قائمة الأولويات.. وعلي الرغم من انه لا يوجد في الأفق حاليا أي بادره لتحرك عملية السلام فان هناك حديثا في كواليس الخارجية عن أن وزير الخارجية الجديد سيدفع ويشجع الرئيس محمد مرسي علي القيام بدور الوسيط فيما بين إسرائيل والفلسطينيين لكسر الجمود الذي حال دون نجاح المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.. وقد يكون هذا الحديث وراء ما تردد اكثر من مرة مؤخرا في الإعلام الأمريكي حول دعوة رئيس مصر لزيارة إسرائيل! وقد كان كيري أول سياسي أمريكي يطالب الرئيس السابق مبارك بالتنحي.. ومن المعروف ان مراكز البحوث السياسية الأمريكية لا تتوقف عن دراسة الأوضاع في مصر وتعيد الدراسة مع كل تطور لتقدم لإدارة الرئيس أوباما توصيات حول مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية. وقد قام معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني والناشط في هذا المجال منذ اسابيع بارسال لجنة لتقصي الحقائق في مصر ضمت ممثلين للحزبين الجمهوري والديمقراطي هما: فين ديبر العضو الجمهوري السابق في الكونجرس عن ولاية مينسوتا والرئيس السابق للصندوق الوطني للديمقراطية والسياسي جريجوري كريج الذي عمل مستشارا بالبيت الأبيض خلال إدارة الرئيس اوباما والذي سبق ان شغل منصب مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية اثناء إدارة الرئيس كلينتون. وعادت اللجنة بتقرير رفعته إلي صناع القرار بالولاياتالمتحدة ودعت اللجنة في هذا التقرير إلي ضرورة أن يكون التعامل مع مصر علي أساس شراكة بعيدة عن الأوهام وعلي أساس المصالح المشتركة. وقالت اللجنة في تقريرها إن مصر بعد ثورة يناير تختلف تماما عن مصر التي قامت الإدارات الأمريكية علي مدي أكثر من ثلاثين عاما بعقد شراكة استراتيجية معها وهو ما يتطلب اعادة تقييم شامل للعلاقات الثنائية. وقدمت اللجنة في تقريرها توصيات محدودة لإدارة الرئيس أوباما حول كيفية تأمين المصالح الأمريكية في مصر الجديدة. وشملت ابرز التوصيات: قيام السياسة الأمريكية التي ستطرح علي القيادات المصرية علي مجموعة من الخيارات الواضحة حول سبل التعامل لقيادات وطنية مسئولة وتري اللجنة ان واشنطن لا تستطيع اقناع أو اجبار القيادات الدينية التي تسيطر علي الحكم في مصر بالتخلي عن ايديولوجيتهم العميقة ولكن الولاياتالمتحدة يمكنها ان تستخدم نفوذها في التأثير علي السلوك المصري. لابد من موافقة الرئيس أوباما علي تقديم شهادة للكونجرس الامريكي تؤكد ان مصر قد حققت التزاماتها علي كل من المسارين: السلام الاقليمي والتعاون الاستراتيجي وذلك كشرط لاستمرار المساعدات الأمريكية ومساندة تقديم القروض الدولية لمصر. لابد للرئيس الأمريكي وقيادات الكونجرس من اخطار الجانب المصري بشروط اضافية غير رسمية حول الديمقراطية الدستورية والمشاركة السياسية الجماعية التي تحمي حقوق الإنسان والمرأة والاقليات الدينية. أن تقوم الإدارة الأمريكية باقتطاع جزء من المعونة العسكرية التي تقدم لمصر والا يقل هذا الجزء عن مائة مليون دولار مبدئيا علي أن يزيد فيما بعد لعدم جهود الحكومة المصرية المنشطة لمكافحة الإرهاب في سيناء. أن تتعامل الإدارة الأمريكية بنشاط مع جميع الموجودين علي المسرح السياسي المصري حتي لو كانت تيارات المعارضة ضعيفة ومقسمة. وفي منتدي عقده معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني تحدث جريجوري كريج عن بعض ملاحظات لجنة تقصي الحقائق واستهل حديثه بالتأكيد علي أهمية مصر وأن ما يحدث فيها ستكون له تبعات ضخمة ليس فقط علي الشرق الأوسط بل والعالم وللامريكيين.. واشار إلي أن انهيار اقتصاد أكبر دولة عربية قد يدفع المنطقة بأكملها إلي درك الركود وأن وأد الديمقراطية ستكون له انعكاسات سلبية علي الدول التي تأثرت بالانتفاضات العربية. وقال جريجوري أن عملية التغيير الجذري لم تنته وأن احتمال قيام ثورة مضادة مازال قائما.. وأبرز ما يواجه الرئيس محمد مرسي من توتر حقيقي ما بين الحكم وواقع الأزمة الاقتصادية من جهة وولائه لمباديء الإخوان من جهة أخري.. وقال: »إن السؤال عما اذا كان مرسي رمزا وطنيا أو مجرد ممثل جماعة الإخوان المسلمين وينفذ سياستها مازال بلا جواب في مصر هذه الأيام«. ولم يغفل السياسي الأمريكي بطبيعة الحال الاشارة إلي مأزق الاقتصاد المصري وتأثيره السلبي علي جميع جوانب الحياة وذكر ان القيادة المصرية تفتقر إلي استراتيجية شاملة للتعامل مع الوضع الاقتصادي مما يشكل مصدرا للقلق. أما ويبر عضو الكونجرس السابق فقد تناول قضية المعونات الأمريكية لمصر واوضح رفضه لفكرة تقديم المساعدات لمصر دون شروط لضمان استمرار التأثير الأمريكي. كما اوضح كذلك رفضه لفكرة وقف جميع المساعدات لمصر. وقال: إن ترك مصر سوف يكون له اثر كارثي علي المصالح الأمريكية وأمن الحلفاء وبالتالي فالبديل هو وضع شروط للمساعدات التي تقدم لمصر«.