قلبي حزين ومكسور علي حال بلدي، كأن كل هؤلاء الذين يزحمون الصورة مصريون مختلفون لا أعرفهم، كل طرف نائم في الذرة.. يتصيد أخطاء الآخرين، ويمسك لهم علي الواحدة! أهل بلدي انقسموا، كل فريق يشك في نوايا الآخر، تحولوا من مواطنين إلي أعداء وخصوم، كل فريق يري الحق معه، والآخر باطل، وإما أن يعلن هزيمته، ويرفع الراية البيضاء.. ويترك إرادته وحياته بين يدي الفريق الآخر، وإلا فإن مصيره أسود، لا يعلم أسراره إلا الله! نفسي مليئة بمرارة ثقيلة، وأنا لا ألمح بصيص أمل، يعيد المصريين إلي بعضهم البعض، أن يتعلموا درس التاريخ، وأنهم لم يصنعوا حضارة وتاريخاً، إلا وهم يعيشون شعباً واحداً، متفاهماً ومتفقاً ومتوافقاً. مهموم أنا والله، علي الحب الذي اختفي في غمضة عين، ومكتئب من مشاعر الحقد والكراهية والعنف، التي أصبحت طباع ناس بلدي. و»صعبان« عليّ حال المصري، الذي أصبح كائناً مليئاً بالشكوك والحذر، وفقدان الثقة في نفسه وفي كل الناس الآخرين، أين المصري البسيط الطيب، المحب لنفسه وللدنيا ولكل الناس، المصري الجميل الشهم الذكي المرح؟ هذا المصري ذهب لا أعلم إلي أين، فهل ومتي يعود؟! حزين وخائف ومكتئب، لكني مازلت أحلم أن يعود المصريون، ليس إلي حياتهم السابقة، ولكن إلي حياة أفضل، من كل سنوات الفقر والجهل والمرض، وكل عذابهم ومعاناتهم مع القهر والظلم، في معظم سنوات تاريخهم البائس! هل فعلنا يا رب في حياتنا السابقة جريمة نكراء أو خطيئة مخجلة، وهذا هو عقاب السماء لنا؟ أم هي حركة ودورات التاريخ مع الشعوب، تجعلها أياماً في عنان السماء، وأياماً أخري تسقطها من حالق، وتهوي بها تحت سابع أرض؟ والنبي.. ألطف يا رب بمصر، وأهل بلدي!