اقتربت مني ببراءة الطفولة رفعت يدها حاملة لعبتها الجديدة كي أراها، وعندما لاحظت أنني أطلت النظر إلى اللعبة ولم أعلق بشىء قالت لي بكل براءة '' مالك يا طنط؟'' نظرت إليها ولم أنطلق وبرغم أنني كنت قد عاهدت نفسي ألا أبكي أبداً وجدت دموعي تنهمر من عيني بدون أن أدري.. سألتني وقد ظهر الخوف واضحاً في نبرة صوتها '' مين اللي ضربك يا طنط؟'' قلت لها وأنا أضمها إلى صدري :-'' واحد وحش قوي قالت: - '' معلش أنا حضربه!'' وأخذت لعبتها وخرجت مسرعة تبحث عن أحد غيري تلعب معه.. وكأنها تقول :- ''مالي أنا بهذا العالم الحزين''.. ونظرت إليها من بعيد بعين تحسد طفولتها وبراءتها.. أين أنت مما أنا فيه؟!. ليت يعود بي الزمان كي أضحك وألعب مثلك وتكون دنياي مثل دنياك. دنيا كلها سعادة. أغلقت باب حجرتي وتوجهت إلى المرآة ونظرت إليها ولم أجد سوى مخلوقة غريبة يملأ الحزن والندم ملامحها.. كنت قد مررت بيوم طويل بدأت أحداثه بنهاية قصة حب لا أعلم سببا لفشلها.. سوى أنني طرف بها.. قصة عشت فيها بكل روحي وكيان.. وحلمت من أجلها أحلاماً كنت أعتقد أنها أول أحلامي المحققة.. ولكنها أحلام كأحلامي السابقة دائما أنسج خيوطها علي مغزل الأوهام .. لقد ضاعت آمالي وانهارت أحلامي وأصبحت وحيدة من جديد بل أشد وحدة من ذي قبل.. قيل لي كثيرا إنني متشائمة و حزينة.. ولكني أعرف حقيقة نفسي أكثر من كل البشر.. دائما كنت أبحث عن الحب وعن الفرح.. دائما كنت أسبح في بحر أمواجه تتلاطم باحثة عن شاطئ الأمان.. وعندما اعتقدت أنني قد وصلت إليه.. تغيرت حياتي تماما عرفت الفرح والسعادة.. لم أعد أنظر للدنيا من ذلك المنظار الأسود ولكنها أصبحت دنيا جميلة.. وطرت أحلق في السماء وكأنني عصفور قد ضمدت جراحه قريبا.. ونسيت الألم وطرت عاليا وظللت أعلو.. وأعلو.. وفجأة هبت ريح لا أعلم من أين أتت كسرت لي جناحا.. وسقطت بكل قوة علي الأرض فكسر جناحي الآخر ورفعت عيني فوجدت كل الألوان قد اختفت ولم يبق إلا اللون الأسود.. لا أعرف ماالسر في ذلك؟ أفتش عن السعادة وتهرب هي مني.. أبحث عن الحب ويضيع دوما مني.. لا أريد أن أفقد الأمل.. لا أريد أن أبكي، ولكن ما الحافز ؟ ما الدافع؟ أين الأمل؟ أين الطريق؟.. لقد دخلت علي من جديد ولكنها تبكي! لقد كسرت لعبتها.. -طنط العروسة انكسرت صلحيها ! -ولو صلحتها مش هتعيطي؟ -لأ.. حفرح قوي.. أمسكت بالعروسة.. هل من الممكن أن أصلحها ؟! لو استطعت أن أصلح ما انكسر.. ستكف عن البكاء.. ولكن سيظل بداخلها بعض الحزن لأنها انكسرت في يوم ما وفقدت بعض جمالها.. ولكن لو أنني اشتريت لها عروسة أخري أجمل وأكبر.. كيف ستكون سعادتها يا تري ؟!.. هل ستتذكر عروستها المكسورة؟ أم أنها ستفرح بعروستها الجديدة وتحافظ عليها قدر استطاعتها كي تظل دائما جديدة بلا أي كسر أو خسارة .. وبدون أي تردد أخذتها من يدها واشتريت لها عروسة.. تركتها تختارها بنفسها.. ولمحت في عينيها فرحة تفوق فرحتها بعروستها السابقة مئات المرات . -''أنا بحبك قوي يا طنط'' -مبسوطة؟ -قوى..خالص عند تلك اللحظة فقط رأيت الحافز والدافع الذي كنت أبحث عنه.. إن دافعي وحافزي هو البحث عن الأفضل.. إن حياتنا ما هي إلا متجر كبير للعرائس.. وتجاربنا فيها ما هي إلا مجموعة من العرائس سواء أكانت صغيرة أم كبيرة.. وقد تملك في يوم إحداها ثم تكسر منك بقصد أو بدون قصد.. وأمامك فرص كثيرة لتحصل علي غيرها ولكن عليك في كل مرة أن تحسن الاختيار.. وتترك ما فات لما فات.. وتنظر إلي الأمام وتدقق النظر.. وتختار عروستك الجديدة وأنت ضاحك مبتسم.. تنظر لها بعين الرضا وتحاول جاهدا بكل طريقة أن تحافظ عليها.. كلمتنا – يناير 2002