مجدى عبدالعزىز الألم يعتصر قلبي علي ما يحدث الآن علي الساحة السياسية حيث تغول الجميع ولم يعد هناك أحد يفكر في مصر وما يحيط بها من مخاطر جسام تهدد أمنها القومي واستقرارها الاقتصادي فالجميع ينهش بأظافره في الجسد الطاهر بحثاً عن الغنائم والسطوة والنفوذ ولم يعد أحد يخشي القانون أو يرعي الحدود ويتقي الله وينصت إلي صوت العقل والضمير. لا اشعر برغبة في الحياة لقد سيطر علي اليأس والاكتئاب وكفرت بالديمقراطية التي تصورنا انها جنة الاحرار وضحي من أجلها الثوار ثم أصبحت تمثل علينا جميعا الوبال فنحن في حالة ضبابية لا فرق بين سواد الليل ونور النهار الكل غاضب الكل يصرخ الكل يتلاسن بالكلام المباح وغير المباح لم نعد نسمع بعضنا وأصبح حوار الطرشان هو السائد بين كل القوي السياسية والثورية في بلادنا والدنيا كلها تقف تتفرج علينا وعلي فضائحنا في الشوارع والميادين ومن خلال برامج التوك شو والأصوات الحنجورية التي يطلقها كل تيار ضد الآخر حيث يعتبر كل أئمة هذه التيارات انهم الصفوة وانهم النخبة وانهم حماة المعذبين في الارض وحملة المباخر التي تدعو الي الحب والسلام والخير والجمال. وبكل أسف أقول أنني أشعر بأن مصر التي عشت علي ترابها وشربت من نيلها وأكلت من خيرها لم تعد هي الأرض الطيبة مهد الأديان فقد تحولت إلي غابة وحلبة ضخمة للمصارعة بكل أنواعها اللا إنسانية فلم يعد للدماء حرمة ولم يعد للآدمية احترام وفقدنا روح المحبة والتسامح ونسينا أننا أحفاد أعرق الحضارات الإنسانية التي حملت مشاعل التنوير للعالم لإخراجه من عصور الظلام والتخلف ويا لها من كارثة ان نتحول اليوم من شعب أضاء الدنيا بحضارته إلي قوم تفيض قلوبهم بالغلظة وتكتسي عباراتهم بالحدة وتختفي من وجوههم حمرة الخجل علي ما يفعلونه بوطنهم الذي باتت تتقاذفه الرياح ولا أحد يدري ماذا ينتظره في الغد. انني أكتب ما يجيش داخل صدري وأشعر بأن الكلام قد خلص ولم يعد له هدف أم معني فالعبارات الحلوة أصابها الجفاف وحل مكانها العبارات المرة بطعم الصبار والضحكة ماتت علي الوجوه والفزع ارتسم علي الشفاه فأصبحت مرتعشة خائفة من أن تنطق بقول الحق في مواجهة الباطل الذي أصبح هو السائد في كل تصرفاتنا وكأننا لم نقم بثورة ضد الفساد ورموزه وضد القهر والنهب والسلب وكأننا بعد أن فعلنا كل ذلك أصابنا الحزن علي ما فعلناه واستخسر كل منا ان ينعم بنسمات العيش والحياة الحرة والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية وقررنا جلد الذات ودفن رؤوسنا بين حبات الرمال بعد ان حققنا ثورة عظيمة أذهلت العالم من حولنا. يا سادة حرام عليكم ألم يوجد بينكم عاقل يدعو إلي كلمة سواء ألم يتذكر أحد منكم أهله وناسه هل هانت عليكم مصر إلي هذه الدرجة فراح كل منكم يحرقها ويدمرها ويقتلع أشجارها ويلوث هواءها ونيلها ويشرد أولادها ويغتال أحلامها ويحصد براءة أطفالها ويخلع عنهم ثوب الأمن والأمان والطمأنينة. يا ناس يا عالم يا هووه أفيقوا قبل أن يأتي الطوفان علينا جميعا ولا نجد من يروي ظمأ العطاشي ويملأ بطون الجوعي أفيقوا يا أهل بلدي قبل أن نخسر الأخضر واليابس وقبل أن تصمت الشفاه وتجف الكلمات وتتحول إلي علقم مر تقشعر منه الأبدان وتتهاوي معه الأجسام لتتحول إلي مجرد ذكري لأمة كانت يوما تبني للبشرية كلها قواعد المجد ثم قتلها أبناؤها مع سبق الاصرار والترصد ويا بني وطني.. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.