أكتب هذا المقال ولا أعلم كم ضحية سقطت علي أعتاب الميدان وقت نشره!؟ وأسطر تلك الكلمات ولا أعرف ما هو حجم الدماء التي سالت بين الإخوة الفرقاء عند قراءتها!؟ سيادة الرئيس.. أنني أستشعر غصة في قلبي وقطرات دماء شباب الوطن تتحول إلي مجرد "حبر أحمر " تسطر به القرارات ! وأحس بمرارة وأنا أري رجالك وأهل عشيرتك يستخدمون البسطاء لحماية قراراتك من الغضب الشعبي وثورة القضاة! وأسمع أنين العقل ونحيب الفؤاد وأنا أري المدفوعين باسم الدين يتشابكون ويتناحرون في الميادين والشوارع لتستعيد أنت كافة "ميزان العدل" المائل بلا وجه حق! إن الفارق كبير بين الخروج بحثا عن الحرية والعدل واحترام دولة القانون، وبين الجهاد والانتفاض دعما وتأييدا وتهليلا لما هو باطل! فالحرية كما قال الزعيم الراحل "غاندي "هي روح الإنسان وأنفاسه، فكم تساوي تلك الأشياء الثمينة؟! أفهم أن يخرج الملايين من تلقاء أنفسهم لإسقاط إعلان مستبد تؤسس لدولة لا تعترف بالقانون ولا تحترم القضاء، لكن ما يستحيل تقبله أو إدراكه هو حشد البشر لكسب مظاهر وصور التأييد، وتجنيد المواطنين لإزالة كافة أشكال المعارضة، والعصف بجميع صور الرفض مهما كلف ذلك الوطن من دماء وأرواح وأوجاع!! لقد سبق واستعرضت جماعات الإسلام السياسي والتيارات الدينية " عضلاتها "، وخرجت دعوات الجهاد مستغلة مشاعر وعقول البسطاء، وحشدت كامل قوتها في " جمعة قندهار " التي انطلقت باسم الشريعة، ورفعت فيها الرايات السوداء والخضراء، وعلت منها الشعارات العدائية منددة بالقوي المدنية، وهدد فيها المتظاهرون بتفجير الميدان وإشعال الوطن، وكأنهم في غزوة حربية لتحرير مصر من الكفار والمشركين!! ومع ذلك لم يزاحمهم أحد، ولم يحرض أي فصيل علي المقاومة والاقتتال! سيدي الرئيس.. لقد أخفق رجالك - الذين يتحكمون في مصير الوطن - حينما جعلوا من قراراتك سيفا بتارا يشطر قلب الأمة، ويقسم شعبها نصفين تحت ما يسمي بالإسلاميين والعلمانيين! هؤلاء الذين يقفون علي الشاطئ الآخر ليبررون إعلانك ويدافعون عن قراراتك التي أوصلت مصر إلي هذا الانشقاق والتشرذم والاحتقان، واليوم يبادرون بخطة تأجج نيران الفتنة، وتداهم السلام الاجتماعي، وتدفع للتناحر والتقاتل، وتزج بالمجتمع إلي حرب ما أنزل الله بها من سلطان!! إننا نرجوك أن تتراجع عن هذا الإعلان غير الدستوري، مثلما تراجعت من قبل عن قرارات خاطئة كان وراءها رجال من حولك، فالشعب ليس مسئولا عن قرارات متخبطة، ولن يتحمل تبعات نوايا ظالمة، وأطماع متأسلمة تريد أن تنقض علي عقولنا وحريتنا، حتي شرعية اللجوء للميدان والاعتصام والتظاهر يستكثرونها علينا ويريدون سلبها، لقد ولي زمن الخنوع والركوع، ولم ولن يرضي الشعب بقبول نظرية الأمر الواقع!! سيدي الرئيس تراجع حقنا للصراع والاقتتال، تراجع حرصا علي أرواح شباب الوطن.. أن الشارع يبكي أحواله، فما يجري علي أرض مصر اليوم لا يوصف سوي بالانتحار، انتحار وطن ارتوت أرضه بدماء الأشقاء!