»يا بخت من وفق رأسين في الحلال«..! هكذا يقول المثل الشعبي، فما بالك بمن يوفق أكثر من مائة رأس في الحلال.. وبالتحديد العدد يصل إلي 100 مستثمر دولي يمثلون 77 مؤسسة استثمارية كبري من أمريكا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي. هذا هو ما تم في عاصمة الضباب لندن أمس وأمس الأول داخل مجموعة من قاعات أحد فنادق العاصمة البريطانية. وهذا هو ما قامت به المجموعة المالية »هيرمس«! توفيق الرؤوس لا يعني المقصود من المثل الشعبي وهو الزواج، بل هو نوع من تعريف زيد ب عبيد وجلوس فلان مع علان.. هو نوع من اللقاءات وجها لوجه بين 31 مستثمرا من كبار رجال المال والأعمال من مصر والأردن والكويت ولبنان والمغرب وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وفلسطين رأسمال شركاتهم السوقي يصل الي 88 مليار دولار.. هؤلاء التقوا مع نظرائهم من ممثلي كبري الشركات من أمريكا وأوروبا من أصحاب المليارات الباحثين عن فرص الاستثمار ببورصات المنطقة العربية. ممثلو الشركات المصرية التي تتداول أسهمها ببورصة الأوراق المالية - وفي مقدمتها المجموعة المالية هيرمس وعامر جروب ومجموعة طلعت مصطفي وتيليكوم ايجيبت- وجهينة والنساجون الشرقيون والسويدي والقلعة وغيرها. عقدوا العزم واتجهوا إلي لندن بحثا عن المستثمرين الأجانب ومن قبلهم العرب حيث عقدوا لقاءات ثنائية علي مدي يومين كاملين وجها لوجه مع نظرائهم في الشركات العربية والأمريكية والأوروبية تم خلالها استعراض المراكز المالية والأوضاع الاستثمارية لتلك الشركات وكذا الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها مصر هذه الأيام والتي بدأت تتجه بشكل واضح إلي الاستقرار. ومن أول وهلة كان السؤال: هل هذا وقته وسط حالة الترقب.. وهل هو الوقت المناسب لمثل تلك المقابلات مع أصحاب رؤوس الأموال الذين يتحسسون مواضع أقدامهم قبل أي قرار؟! سؤال طرحته علي أحد أبرز اعضاء الوفد المصري وهو وائل زيادة رئيس قطاع البحوث بالمجموعة المالية هيرمس، وبمجرد طرحه جاءت اجابته سريعة وحاسمة: إنه أهم وقت لجذب الاستثمارات وقال ان الاقتصاد المصري في أمس الحاجة حاليا إلي مثل هذه المؤتمرات التي يتم خلالها لقاءات مع كبار المستثمرين في العالم العربي ودول أمريكا وأوروبا. وأضاف قائلا: صحيح هناك تحديات كبري ومشاكل عديدة تحول دون استقطاب الاستثمارات الأجنبية، ولكن لا يمكن الانتظار، فالأوضاع بمصر بدأت تتحسن وتتجه إلي الاستقرار السياسي والاقتصادي وكذا تحقيق بورصة الأوراق المالية بمصر لمكاسب بعشرات المليارات من الجنيهات خلال الشهرين الماضيين وهو ما يعوض الخسائر التي لحقت بها طوال 81 شهرا ماضية. وقال وائل زيادة ان الهدف الأول من هذه اللقاءات التي تمت هو جذب استثمارات مالية إلي بورصة الأوراق المالية، وأشار إلي أنه بدون وصول هذه الاستثمارات المالية سيكون من الصعب للغاية جذب أية استثمارات أجنبية مباشرة إلي مصر، فالبورصة هي المرآة التي تعكس الأوضاع الاستثمارية في أية دولة وبالتالي فإنها تمثل المؤشر الرئيسي لقدوم استثمارات مباشرة إلي مصر. وأضاف مشيرا إلي ان ما يدعم هذا الاتجاه هو تحقيق البورصة لمكاسب كبيرة مؤخرا. وأسأل وائل زيادة: لقد كانت أرباح البورصة نتيجة اقبال علي شراء الاسهم من المستثمرين الأفراد وكذا المستثمرين المحليين وكان ذلك هو العامل الحاسم في تحقيق أرباحها ولم يكن للمستثمرين الأجانب دور مهم في هذا الشأن.. ما رأيك؟ رد مؤكدا ان ذلك هو ما حدث بالفعل ولم يكن للأجانب دور ملحوظ، ولكن ممثلي الشركات المصرية أكدوا خلال لقاءاتهم مع أصحاب الشركات العربية والأجنبية بدء تحسن الأوضاع في مصر والمنطقة العربية، بشكل عام. وقال انه مازالت هناك حالة اقبال علي الاستثمار وما يمكن ان يطلق عليه »فتح شهية« الاستثمار التي يجب دعمها وتطويعها بما يكفل جذب أكبر قدر من الاستثمارات المالية إلي سوق رأس المال بمصر. وبعيدا عن الأوضاع المالية والاستثمارية للشركات التي تبحث عن استثمارات جديدة كان هناك سؤال آخر: ماذا يريد كبار رجال الأعمال من صانع القرار الاقتصادي في مصر؟ هذا السؤال طرحته أمام العديد من رؤساء الشركات المصرية والعربية والأجنبية وقد جاءت أقوالهم لتعبر عن الحاجة الماسة إلي »اليقين« والوضوح واستقرار السياسات وتوفير المناخ المناسب للاستثمار بعيدا عن ساحات المحاكم! هكذا كان لسان حال الجميع، ولكن وبصورة أكثر تحديدا جاءت أقوال وائل زيادة مشيرة إلي ان رجال الأعمال والمستثمرين لايريدون من صانع القرار الاقتصادي في مصر سوي التعجيل بثلاثة أمور مهمة: أولها وأهمها العمل علي معالجة القضايا الخاصة برجال الأعمال وايجاد حلول لها من خلال آلية واضحة دون اللجوء إلي أي نوع من أنواع »الفزع« التي تصيب رؤوس الأموال في مقتل! لسان حال رجال الأعمال والمستثمرين هنا يؤكد عدم التعليق علي أحكام القضاء ولكن هناك أوضاعا لا يمكن ان تجذب أي مستثمر أجنبي للقدوم إلي مصر، وهم بالتأكيد يقصدون ما حدث من قضايا تتعلق بإعادة شركات استثمارية إلي ملكية الدولة! صحيح إن وائل زيادة لم يذكر ذلك تحديدا لكن هذا كان واضحا من أحاديث معظم رجال الأعمال وممثلي الشركات المصرية والعربية التي شاركت في مؤتمر الاستثمار لدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا والذي شهدته العاصمة البريطانية لندن. وتحدث وائل زيادة عن الأمر الثاني المطلوب من صانع القرار في مصر مشيرا إلي ضرورة أن تكون هناك خطة شاملة تتعامل مع المشاكل الاقتصادية برؤية واضحة. وقال ان هناك حالة ضبابية بشأن العديد من الأوضاع غير المحسومة مثل احتمالات زيادة الضرائب والتي تبدو غير واضحة للجميع وخاصة المستثمرين! وثالث الأمور المطلوبة من صانع القرار - كما يقول رئيس قطاع البحوث بالمجموعة المالية هيرمس- تتعلق بالأوضاع المالية وخاصة ما يرتبط بالعملة المحلية والتخوف من عدم استقرارها، وقال ان الأمر يحتم ايجاد حلول حاسمة لمشكلة عجز الموازنة وكذا المشاكل التي ترتبط بحجم السيولة في السوق. وسؤال آخر لوائل زيادة: كيف تري الأوضاع في مصر الآن.. متفائل أم متشائم؟! قال: لا هذا ولا ذاك!.. وأضاف: تلك ليست اجابة دبلوماسية.. بل هي اجابة واقعية لما اشعر به.. أنا - وغيري- في حالة انتظار وفي حالة ترقب! هذه الاجابة كانت قريبة إلي حد كبير من أقوال آخرين من أعضاء الوفد المصري عندما طرحت أمامهم نفس السؤال.. كلهم في حالة ترقب.. ولكن الفارق أن بعضهم أكد انه ينتظر الأفضل وهو ما يدعم حالة التفاؤل التي تنتاب عددا لا بأس به من المستثمرين ورجال المال والأعمال وفي مقدمتهم المهندس صفوان ثابت رئيس مجلس إدارة شركة جهينة. وبعيدا عن هذا وذاك فإنه يمكن القول إن لقاءات لندن كانت بمثابة فرصة كبري لطرح فرص الاستثمار بمصر من خلال أسهم الشركات التي تتداول اسهمها في بورصة الأوراق المالية.. وهو ما يمكن ان يطلق عليه »توفيق الرؤوس في الحلال«! وهنا لا يمكن إغفال المهمة الشاقة التي قام بها فريق عمل بالمجموعة المالية .. لقد ضم فريق هيرمس- بجانب وائل زيادة رئيس قطاع البحوث بالمجموعة المالية - كلا من كريم عوض رئيس قطاع بنوك الاستثمار والعضو المنتدب لشركة هيرمس قطر التي تم تأسيسها مؤخرا، وكاشف صديقي رئيس قطاع إدارة الأصوال والعضو المنتدب لهيرمس قطر، ومحمد عبيد رئيس قطاع تداول الاوراق الماليةبالمجموعة المالية وهانزادة عبدالرحمن رئيسة قطاع التسويق بالمجموعة المالية وسارة بدر مسئولة العلاقات والاعلام ومي الجمال المديرة بإدارة التسويق وآخرين كانت لهم بصمة واضحة في اتمام اللقاءات في جو من الرغبة في تحقيق مصالح متبادلة. وفي النهاية.. تلك كانت مجرد بداية.. بداية لقرارات استثمارية يحسمها كل صاحب شركة أو مستثمر.. ويحسمها أيضا صانع القرار الاقتصادي والاستثمار في مصر باعتبار قراراته تمهد الأرضية الصالحة للاستثمار بعيدا عن القلق والانزعاج والتوتر والانتظار طويلا داخل أروقة المحاكم!