قرأت مسودة الدستور الجديد.. ولكن للحق لم أجد فيه ما تطمح إليه مصر الثورة. مسودة الدستور ليس فيها جديد عن دستور 71 الذي انتهي بحكم العسكري إلي ما آلت اليه البلاد من فساد حتي سقطت الدولة في أربعة أيام فقط! صحيح هناك بعض الاقتراحات في المسودة عن تقليص سلطات رئيس الجمهورية حتي لا نصنع ديكتاتورا جديدا.. ولكن هناك ايضا سلطات واسعة للرئيس لاتعوقه مستقبلا عن الانفراد بجميع السلطات في الدولة. مسودة الدستور الجديد أيضا أغفلت مبادئ ثورة 25 يناير ولم تهتم بالمرأة والطفل وكثير من الحريات التي نسعي جميعا لتطبيقها حتي نلحق بركب دول العالم المتقدم. أما اخطر ما في مسودة الدستور انها منحت الحزب الحاكم سلطات عديدة دون مراعاة لباقي التيارات السياسية الاخري وهو ما سيؤدي في النهاية إلي انفراد الحزب الحاكم بكل شئون البلاد تماما كما كان يفعل الحزب الوطني في السابق مما نتج عن ذلك تكريس لفكرة الفساد دون عقاب! وكأن الثورة جاءت لتزيل الحزب الوطني وتمنح حزبا آخر نفس المساوئ السابقة. إن مسودة الدستور الجديد كشفت بشكل قاطع ان ثورة 25 يناير لم تصل بعد للعقول وهدفها الرئيسي تغيير المفاهيم والافكار لا تغيير الاشخاص مازال بعيد المنال.. وهذه هي الطامة الكبري وسر عدم احساس المواطن العادي بأي تغيير في حياته بعد الثورة. وللأسف هناك كثيرون بدأت تزداد قناعتهم ان الثورة لم تكتمل ولن تكتمل طالما لم تتغير الافكار.. وان الثورة جاءت لتغيير الاشخاص فقط وربما جاءت باشخاص اقل كفاءة من سابقيهم.. وان البلاد تسير بخطي متسارعة إلي الهاوية وان الأمل الوحيد لإعادة الثورة إلي مسارها الصحيح يتطلب ثورة جديدة حتي ولو كانت ثورة الجياع. بالقطع لا نتمني هذا المصير لبلادنا.. وإنما نتمني عودة المسار الصحيح للثورة وعدم انفراد فئة من المجتمع بدستور يمثل كل الشعب وكل فئاته وطوائفه.