أستطيع أن أخلص بنقاط محددة من تقرير لجنة (جون تشلكوت) : 1- العراق، ونظام صدام حسين، لم يكونا يشكلان أي تهديدٍ علي بريطانيا ومصالحها، وقصة امتلاكه أسلحة دمار شامل غير صحيحة ومبنية علي معلوماتٍ استخباراتية مغلوطة. 2- الخيارات الدبلوماسية مع بغداد كانت متاحة، لكن قرار الحرب جاء مستعجلًا، قاطعًا الطريق علي أي جهد تفاوضي. 3- لم تكن بريطانيا أو الولاياتالمتحدة تمتلك رؤية حقيقة لعراق ما بعد صدام، مما فاقم من تكاليف الحرب. 4- يُشير التقرير إلي طبيعة علاقة توني بلير بالرئيس الأمريكي جورج بوش والتبعية المطلقة التي كان يمثلها بلير لبوش. وكمثال، فإنه في 28 يوليو/تموز 2002م، أكَّد توني بلير لبوش أنه سيكون معه «مهما كان». 5- فشلت حكومة توني بلير في تحقيق الأهداف التي كانت قد حددتها لنفسها في العراق، وقتل أثناء الصراع أكثر من 200 بريطاني. ناهيك عما تكبده الشعب العراقي من خسائر فادحة. فبحلول يوليو/تموز 2009م كان عدد العراقيين الذين قتلوا من جرَّاء الصراع قد وصل إلي 150 ألف عراقي علي الأقل، وربما يزيد العدد علي ذلك، فضلًا عن نزوح ما يزيد علي مليون شخص. 6- ركَّز التقرير بشكل موسع جدًا حول ضعف التجهيزات الخاصة بالقوات البريطانية في العراق من نواح متعددة، مؤكدًا أن القوات لم تكن بحالة من الجاهزية الكاملة عند اتخاذ قرار نشرها في العراق. والسؤال الذي يطرح في هذا السياق: هل يمكن بناء علي تلك النقاط إلزام المملكة المتحدة بدفع تعويضات جراء مشاركتها في حرب عدوانية ؟ والسؤال الذي يطرح في هذا السياق: هل يحق للشعب العراقي مطالبة الولاياتالمتحدةالأمريكية ومملكة المتحدة دفع تعويضات مادية ومعنوية له جراء عدوانهما واحتلالهما للعراق في نيسان/إبريل عام 2003م؟ في القرار الصادر عن مجلس الأمن في تاريخ 22آيار/مايو عام 2003م، والمرقم 1483م، اعتبر القرار في ديباجته كلا من الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة دولتين محتلتين للعراق، وهذا ما أكده مجلس الأمن في قراره الصادر في تاريخ 8حزيران/يونيو عام 2004م. وبهذين القرارين يصبح لزاما عليهما تعويض العراق مادياً ومعنوياً لأن كل مسوغاتهما وتبريراتهما للحرب لم تكن قانونية. فالمبررات التي ساقتها الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة للعدوان علي العراق واحتلاله ليس لها أي مسوغ قانوني في ميثاق هيئة الأممالمتحدة والقانون الدولي العام ولذا فإن هذا العدوان الاحتلال هو انتهاك لهما وتهديد خطير للسلم والأمن الدوليين. فالاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق في العام 2003م، هو نسخة من احتلال العراق للكويت في العام 1990م لذا كان علي مجلس الأمن الدولي أن يطبق نفس الإجراءات ونفس المعايير إزاء احتلال العراق للكويت. ولكن هذه الاجراءات لم تطبق لسيادة منطق القوة علي منطق الحق. يتطلب إلزام الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة بدفع تعويضات للعراق أن تقوم الأحزاب والمنظمات العراقية غير الحكومية ومراكز البحوث والجامعات والنقابات وبقية مؤسسات المجتمع المدني، ومن الآن بتسليط الأضواء باستمرار علي الموضوع وتوثيق كل ما يتعلق بالعدوان والاحتلال من ممارسات ومن ذلك انتهاكات قوات الاحتلال لاتفاقيات جنيف لعام 1949. ومطلوب أيضاً التعاون مع الجامعه العربيه التي رفضت العدوان علي العراق ودانت التحركات العدوانيه قبل بدء العدوان وكذلك مع المنظمات العربية والإقليمية والدولية ذات العلاقة لبلورة رأي عام دولي يقر بالعدوان والاحتلال ويدين الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها قوات الاحتلال ويطالب الدول والمنظمات الدولية المعنية بتحمل مسئوليتها بمطالبة الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة بتعويض العراق عما لحق به من أضرار وفق القانون الدولي العام باعتبار أن التعويضات هي أحد الجوانب الأساسية في عملية التسوية المستندة علي القانون الدولي ومبادئ العدالة الطبيعية لإنهاء النزاع. أما بشأن الهيئة المناسبة الذي يستطيع فيه العراق مقاضاة الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة فهو ما نتناوله في المقال القادم. سفير العراق الأسبق في موسكو