محمد عبدالقدوس سألني صديقي الحائر: ما رأيك في هؤلاء الذين يقومون بأداء فريضة الحج كل عام؟ وقبل أن أجيب سارع إلي القول: أوعي تكون موافق علي سلوكهم هذا؟ والحقيقة أنني تميزت غيظاً من كلامه، لكنني ضبطت أعصابي وتساءلت: وما الذي يضايقك؟ رد قائلاً: الفلوس التي تذهب إلي هناك أقصد الأراضي المقدسة ينبغي أن تنفق علي بلدنا فيما يفيد الناس من مشروعات. قلت له: وهل عندك مانع في الجمع بين الحسنيين إذا قدر علي ذلك؟ ولم أترك له الفرصة لكي يجادلني من جديد بل شرحت وجهة نظري قائلاً الموضوع أكبر من تلك النظرة الضيقة، والناس في رأيي ينقسمون إلي قسمين.. هناك من يذهب الي الحج لأسباب دنيوية مثل أن يسافر علي حساب جهة ما سنوياً مثل بعض اخواننا الصحفيين!! أو آخرون شغلتهم خدمة الحجاج والتجارة والبزنس!! وهناك قسم ثان يحرص علي أداء الفريضة سنوياً لأنه يريد أن يستريح من الدنيا الصعبة التي يعيش فيها، فالحياة مليئة بالمتاعب والنكد، ولن نجد السعادة الحقيقية إلا في الحياة الأخري بإذن الله، فمن حق من يعاني ويتعب أن يأخذ اجازة، وبدلاً من أن يذهب الي المصيف فانه يفضل الأراضي المقدسة، ومن يفعل ذلك يستحق تعظيم سلام وأقول له يا بختك يا عم.. عقبالي!!. وحاول صاحبي الحائر أن يتكلم، لكنه التزم الصمت عندما وجدني أقول وكل المطلوب هو التوازن في الأمور! ومن غير المعقول أن يكون بخيلاً علي بيته، ثم يذهب سنوياً إلي الحج! أو أن تجده فظاً في أخلاقه مع أنه يؤدي تلك الفريضة كل عام وهذا يعني أن حياته فيها حاجة غلط!! يعني عباداته منفصلة عن سلوكه، يستحق في الأمر الأول تقدير ممتاز بينما تراه يأخذ صفر مربع في تعاملاته مع خلق الله وإسلامنا الجميل يرفض هذا التناقض ويطلب منه أن تكون أخلاقه زي الفل بما يتفق مع حرصه علي التقرب الي الله والحج كل عام.