اللجنة التأسيسية مجتمعه لوضع دستور جديد بعد أسابيع تنتهي الجمعية التأسيسية من وضع التصور النهائي للدستور وعرضه في استفتاء عام لأخذ موافقة الشعب عليه. والسؤال الذي يدور في أذهان الناس .. هل يتم طرح مواد الدستور جملة مرة واحدة أم ستطرح بالقطاعي؟ وهل يمكن أن يستوعب الشخص العادي هذه المواد بتعقيداتها عن طريق حملة اعرف دستورك؟ »أخبار اليوم« طرحت هذه الاسئلة علي المتخصصين فأدلي كل منهم برأيه. يقول المستشار عادل عبدالباقي الوزير السابق ورئيس جمعية حقوق الإنسان: في العادة تكون الاستفتاءات علي الدساتير الجديدة جملة واحدة، ولكنني أري ما يراه كثير من أصحاب الرؤي السياسية والنخب المجتمعية وهو أن يتم الاستفتاء علي دستورنا الجديد بابا بابا فإن ذلك سيكون أكثر تعبيرا للإرادة الشعبية وإذا لم يلق أحد الأبواب موافقة ورضا شعبيا فتعاد مناقشته وتعديله إلي أن تقر جميع الأبواب. ويجب أن يسبق الاستفتاء ندوات ومؤتمرات تجمع مختلف المواطنين الذين يمثلون الاتجاهات المختلفة وأن تقدم وسائل الإعلام المختلفة برامج خاصة عن الدستور يقدم فيها ضيوفها من الأساتذة والمتخصصين دراسات عميقة ولكنها مبسطة عن الدستور ومواده لتوعية الناس بها بحيث يمكنهم تكوين رأي صائب نحو ما سوف يتم استفتاؤهم عليه. ولا اعتقد أن حملة أعرف دستورك يمكنها أن تقوم بكل ذلك. ويوافقه في الرأي المستشار فؤاد بدراوي سكرتير عام حزب الوفد وعضو الجمعية التأسيسية للدستور مؤكدا أن ما جري عليه العمل في الدساتير السابقة هو الاستفتاء مرة واحدة علي النصوص المقترحة وهذا ليس مناسبا بالتأكيد لصعوبة أن يتمكن المواطن البسيط من تقييم المواد وتحديد موقفه منها في الوقت القصير المحدد لطرحه علي الرأي العام وهو 15 يوما.. ويقول إن هذا يخلق اشكالية كبري لأنه لو أردنا أن نفصل النوعيات المتشابهة من الدستور ووضعها في جزء واحد للاستفتاء عليه لاحتجنا لعدة أيام مما قد يفسد عملية الاستفتاء ذاتها، لذلك فالأنسب هو بعد أن تنتهي الجمعية التأسيسية من الاستماع إلي جميع وجهات النظر بحيادية تأخذ بالموضوعي منها وتصيغه باحترافية من قبل الأساتذة الدستوريين والقانونيين ومعهم السياسيين ورجال اللغة حتي نتلافي الثغرات من أي نوع وحتي لا يكون هناك أكثر من معني محتمل. وبعد ذلك يطرح المقترح علي الرأي العام بآليات متعددة ووسائل منتشرة . حوار مجتمعي عام ومن وجهة نظر دستورية يري د.رأفت فودة رئيس قسم القانون الدستوري بجامعة القاهرة انه باستقراء النظم المقارنة في الدول الأخري نجد أن كل دستور جديد يتم استفتاء الشعب عليه كاملا ومرة واحدة.. بل إنه في حالة التعديل يتم كذلك الاستفتاء عليها جميعا . وعلي المواطن أن يقول رأيه بالموافقة أو الرفض بالنسبة للمواد كلها وإلا أصبح صوته باطلا. إلا أنه يمكن معالجة ذلك بعرض المواد التي تنتهي منها كل لجنة فرعية من لجان الجمعية التأسيسية علي المواطنين عن طريق وسائل الإعلام وتجري حوارات جادة ومناقشات موسعة حولها ليكون الناس علي بينة كاملة بهذه المواد وهو ما تبدأه حملة اعرف دستورك ثم بعد أن تنتهي صياغة كل المواد وتوافق عليها اللجنة العامة للجمعية التأسيسية تعرض جميعها علي الشعب لفترة زمنية طويلة نسبيا لا تقل عن شهرين ، وتجند طاقات وسائل الإعلام القومية والخاصة ومؤسسات الدولة الرسمية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها لعمل حوار مجتمعي عام ليكون الشعب في نهايته علي بصيرة من أمره . غزوة الصناديق أما الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو لجنة المقومات الأساسية ونظام الحكم بالجمعية التأسيسية فيوضح أن معظم أدبيات العلوم السياسية تقول ان الاستفتاء علي الدستور لا يتم عليه بأكمله وانما علي بعض المواد محل الخلاف والتي تحتاج إلي حسم. وليست هناك آلية محددة للاستفتاء علي الدستور. وبالنسبة لتوعية الشعب بالدستور الذي سيحكم مصر أجيالا طويلة قادمة فلا تكفي حملة اعرف دستورك بل يجب أن تتبعها خطوات تبدأ علي وجه السرعة بالقاء محاضرات علي طلبة الجامعات لتنويرهم بوصفهم الطليعة التي سيطبق الدستور عليهم. ومن فرق يتم تشكيلها من بينهم يمكننا نقل جميع الأفكار والمعلومات التي اكتسبوها عن مواد الدستور لباقي المواطنين في الكفور والنجوع بتنظيم قوافل لهم. وإلي جانب ذلك اقترح عقد سلسلة مؤتمرات تبث علي الهواء مباشرة ويحضر ممثلون عن الأحزاب والقوي السياسية. وتتولي هيئة الاستعلامات طبع مقترح الدستور وتوزيعه علي الملايين مجانا . الأزهر والكنيسة المستشار علاء شوقي رئيس بمحكمة جنايات الجيزة يقول إن القانون يفرض أن يكون الاستفتاء مرة واحدة فلا عمليا ولا ماديا يمكن اجراء استفتاءات مجزأة. ونحن حين نطرح مشروع الدستور الجديد علي الشعب ليضع رأيه فيه مرة واحدة علي اجمالي مواده نكون وضعنا المواطن في طريق مسدود يختار كلمته حسبما رسخوا في ذهنه من ان الاستقرار مع قول نعم، أو يوافق وهو مكره علي دستور لا يريده وفي المرتين لا تكون إرادته حرة ويخالف المباديء العامة لحقوق الإنسان في اختيار حياته. والبديل أن يتم حوار مجتمعي موسع يمكن أن يكون في مكان عام يستوعب آلاف البشر، ويمكن أن يقسم الدستور إلي عدة أجزاء متجانسة وتتبني كل قناة أو وسيلة إعلام محترمة جزءا من هذه الأجزاء وتعلن عن مواعيد مناقشتها واتخاذ قرار بشأنها . مراحل الفلترة ويبدي الروائي والمحلل السياسي فؤاد قنديل عدم تفاؤله من صياغة الدستور حسب أفكار وأيديولوجيا تجعل الدستور منحازا لتوجه معين. وهو يوصي بضرورة مرور الصياغة بأربع مراحل »« الأولي طبع مقترح الدستور في كتيب خاص يوزع علي 1000 من الخبراء والعلماء البارزين في جميع المجالات وأن يكون جميعهم بعيدين عن أي توجه حزبي أو أيدلويوجي وفي خلال اسبوعين يقدم كل منهم تقريرا بما يراه، ومن ثم تعكف الجمعية التأسيسية علي مدارسة كل الأفكار التي تضمنتها التقارير وقد تري أن تدعو بعض أصحاب التقارير الجديرة بالمناقشة واجراء حوار توضيحي معهم. والمرحلة الثانية ان يتم ارسال الصياغة المنقحة إلي المحكمة الدستورية العليا لتقييم مواد الدستور وتصحيحها اذا لزم الأمر والإعادة إلي الجمعية التأسيسية. وتتمثل المرحلة الثالثة في توزيع الدستور بعد المراجعة الأخيرة واقرارها علي الصحف السيارة لنشره علي أوسع نطاق لتتمكن الجماهير من الاطلاع عليه وتحديد مواقفها.. وآخر المراحل هو اجراء الاستفتاء الذي يجب إعداد المواطنين له جيدا ليضعوا رأيهم الخاص بكل منهم في حرية وباقتناع.