الموجات التصادمية تعيد طمي النيل وتخلصنا من الألغام المهندس إسماعيل حماد يعمل بشركة مصر للطيران.. شغلته مشكلتان تواجههما مصر منذ عقود دون وجود حلول عملية، المشكلة الاولي تتعلق بمياه النيل من جهة كمية المياه المهدرة سنويا في البحر المتوسط دون الاستفادة منها وأيضا تأثر خصوبة الاراضي الزراعية بسبب توقف ورود الطمي اليها بعد بناء السد العالي، المشكلة الثانية تتعلق بحقول الالغام في العلمين والساحل الشمالي وتأثيرها بعدم تنمية المنطقة أو الاستفادة من المياه الجوفية الموجودة أسفلها.. فكيف فكر في حلول غير تقليدية لهاتين المشكلتين؟ هذا ما نتعرف عليه في الحوار التالي.. نود في البداية التعرف علي فكرتك المعروفة ب «الباب الدوار» للحفاظ علي مياه النيل.. -الفكرة ببساطة تعتمد علي محاولة إعادة التوازن المائي والزراعي لمصر من خلال الاحتفاظ بكميات مياه النيل المهدرة في البحر الأبيض والبحيرات الشمالية والتي تصل إلي 8 مليارات متر مكعب سنويا، وتحويل ما سيتم توفيره من مياه فرع رشيد إلي منخفض القطارة لزراعته أسوة بزراعة أجدادنا الفراعنة لمنخفض الفيوم وكذلك تحويل ما سيتم توفيره من مياه فرع دمياط إلي سيناء والتي تحتاج إلي المزيد من المياه العذبة لملوحة أراضيها، واقترحت لذلك إنشاء باب دوار عملاق عند نهايات فرعي رشيد ودمياط يسمح بحرية الملاحة لمراكب الصيد مع تحقيق فاصل مستديم بين مياه البحر ومياه النيل عند كل درجة من درجات دوران الباب فلا يختلطان والإبقاء علي هذه الكميات المهدرة من المياه. وهذه الكمية المهدرة من المياه إذا أحسن استغلالها تستطيع أن تصنع فرقا سواء في مياه الشرب أو مياه ترعة السلام المتجهة إلي سيناء، ومياه ترعة النصر والحمام المتجهة إلي الساحل الشمالي ومطروح وذلك في تنميتها والتوسع في زراعة أراضيها. حائط صد وما الفائدة التي ستعود علي مصر من إنشاء مثل هذا الباب الدوار العملاق ؟ - هذا الفصل المستديم بالباب الدوار بين مياه البحر ومياه النهر سيمكننا من الاستفادة من كل نقطة في حصتنا من مياه نهر النيل وسيكون بمثابة حائط صد يدفع مياه البحر بعيدا عن الاختلاط بمياه النيل ودخول الدلتا من خلال فرعي رشيد ودمياط وتمليح أراضيها ومخزون مياهها الجوفي كل ذلك مع ضمان استمرار الملاحة عبر بوغازي رشيد ودمياط. وكذلك زراعة منخفض القطارة علي مياهه المباشرة وغير المباشرة قد يكون الاستغلال الأمثل لمواردنا وثرواتنا الطبيعية. وماذا في جعبتك من أفكار أخري حول النيل ومياهه؟ - لدي فكرة يمكن من خلالها إعادة الطمي الي مياه النيل بعد انقطاعه منذ بناء السد العالي وذلك لإحياء الخصوبة المتدهورة للتربة الزراعية، وذلك من خلال استخدام الموجات التصادمية للطائرات الأسرع من الصوت.. وقد تتعجبين لهذ الكلام ولكن هذه طريقة سريعة ومثالية خاصة ونحن في مرحلة العد التنازلي لحرماننا من كميات الطمي الوفيرة مع قرب تشغيل سد النهضة بكامل طاقته.. فالطمي سماد طبيعي لا بديل عنه وإن عوضته الدولة بملايين الأطنان من الأسمدة والمخصبات الكيماوية التي أدت إلي إرهاق ميزانية الدولة والفلاح ثم في النهاية إرهاق ميزانية الأسرة المصرية في توفير إحتياجتها اليومية من الخضر والفاكهة. فالطمي هو خلاصة خليط النباتات والأسماك المتحللة وروث الحيوانات وتربة هضبة أثيوبياوأواسط أفريقيا الخصبة والغنية بكل ما يحتاجه النبات من معادن لينمو نموه الطبيعي والصحي. وليس أمامنا في السنوات القليلة القادمة الباقية علي إكتمال إنشاء سد أثيوبيا وبدء عمله بكامل طاقته إلا الإسراع في التعامل مع الوارد الجديد لطمي النيل والذي كان يقدر قبل بناء السد العالي بحوالي 125 مليون طن في موسم الفيضان الذي يستمر لثلاثة أشهر وتبلغ ذروته عادة في الأيام العشرة الأخيرة من شهر اغسطس. لنبدأ بعد مرحلة تشغيل سد أثيوبيا بكامل طاقته في التعامل والإستفادة بكل ما سيجود به النيل ومنابعه الأخري وما سيسمح به سد أثيوبيا من كميات طمي متوقع أنها ستكون بالطبع أقل من المعتاد وصولها لبحيرة ناصر قبل ذلك سنويا، والنظر إلي كميات الطمي المترسبة في بحيرة ناصر والتي تصل إلي 7 مليارات متر مكعب علي أنها مخزوننا الإستراتيجي منه الذي لا يقل أهمية عن البترول والغاز الطبيعي وهذا إن لم ننجح في إقناع أثيوبيا بعمل تغييرات جوهرية في سدها الجديد تساعد علي استمرار تدفق مياه النيل وطميه. ولكن ما علاقة الموجات التصادمية والطائرات الأسرع من الصوت بالنيل والطمي؟ -تعتمد الفكرة علي أننا بعد الحصول علي الطمي من الفيضان قبل اكتمال سد النهضة سنعمل علي إثارته من باطن البحيرة وعدم ترسيبه عن طريق الموجات التصادمية المنبعثة من الطائرات الأسرع من الصوت.. فالمعروف عن هذه الموجات أن طاقتها تستهلك في تقليب تربة الأرض تحتها بما يسمي ظاهرة تنفيض السجاد unrolling celebrity carpet، ولأن الموجات التصادمية هي في الأساس موجات صوتية قادرة علي السريان في الغازات والسوائل والمواد الصلبة فهي تستطيع اختراق مياه بحيرة السد العالي والوصول إلي أعماق كبيرة وتقليب ما في هذه المياه من طمي فتمنع بذلك ترسب الطمي الوارد مع الفيضان الجديد وتكسبه دورة حياة طبيعية جديدة داخل بحيرة السد باستلام هذا الطمي من تيار مياه النيل القوي في منطقة ما قبل البحيرة وتسليمه إلي تيار مياه البحيرة الواصل في النهاية إلي جسم السد العالي. ونتيجة لتناهي صغر حجم ووزن جزيء الطمي فسيظل عالقا في تيار مياه بحيرة السد لمسافات طويلة ليكمل رحلته داخل البحيرة حتي يصل في النهاية إلي جسم السد العالي ويستمر في إكمال دورته الطبيعية في مجري النيل حتي المصب. فبالتركيز علي تسليط هذه الموجات التصادمية علي الأماكن التي تنخفض عندها سرعة المياه مثل مدخل بحيرة السد العالي بسبب زيادة مساحة سطحها عن مساحة المجري المائي قبلها، ومتوسط عرض البحيرة هناك 12 كم تستطيع الطائرة اجتيازها وهي علي سرعة الصوت مع تقليب مياهها بالموجات الصدمية الصادرة عنها في ثوان معدودات وذلك قبل أن تكتسب المياه عند هذه الأماكن خواص الركود التي ينتج عنها ترسيب ما تحمله المياه من طمي. تغيير العالم اهتمامك بمشكلة المياه والزراعة أمر طيب رغم أنه بعيد عن مجال عملك.. فهل من مزيد من الأفكار؟ الفكرة الثالثة تتعلق بمشكلة الالغام الموجودة بالساحل الشمالي للاستفادة بأمطارها القادرة علي تحقيق زراعة اقتصادية للقمح مع ريات تكميلية علي ما سيتم توفيره من مياه فرع رشيد.. ففي ذلك استرجاع لسلة غذاء العالم القديم والاكتفاء الذاتي من القمح، وذلك عن طريق استخدام الموجات التصادمية المنبعثة من الطائرات الأسرع من الصوت أيضا. وهذه الفكرة اعتبرها موقع جوجل وقتها من بين المائة فكرة القادرة علي تغيير العالم للأفضل. فمنطقة الساحل الشمالي موبوءة بألغام الحرب العالمية الثانية وهي تحوي تحتها مخزون المياه الجوفي لمصر. وستظل تنمية إقليم القطارة والصحراء الغربية ناقصة إن لم تتم إزالة هذه الألغام والتي استعصت علي الإزالة منذ أربعينيات القرن الماضي. ولأن طبيعة هذه الحقول فريدة من نوعها فهي تحتاج منا إلي استنباط وابتكار حلول فريدة أيضا لإزالتها تتجاوز الحلول التقليدية المطروحة وأساليب الإزالة المعروفة. وتقوم الموجات الصدمية المنبعثة من الطائرات الأسرع من الصوت بتوفير قوة رج واهتزاز وضغط واصطدام بحقل الألغام قادرة علي تفجير معظم ألغامه التي زادت حساسيتها للتفجير وتحتل مساحات شاسعة وتحول دون تنميتها (22% من مساحة مصر و20% من الغام العالم). فزيادة حساسية الألغام للانفجار لقدمها ستسهل مهمة قوي الموجة الصدمية في تفجيرها نتيجة لتهالكها وتآكل أجزائها الداخلية فلا تحتاج لنفس الوزن القياسي المطلوب لتفجيرها، بالإضافة لتشبع اللغم بأبخرة مادة (تي إن تي) التي تنفجر بالاهتزاز وقدرة الموجة الصدمية علي الوصول إلي الألغام العميقة نظراً لطبيعتها الصوتية. وسترسم حفر الألغام المنفجرة خريطة علي الأرض حقيقية ودقيقة لحقل الألغام نستطيع بها الوصول إلي باقي الألغام التي لم تنفجر. ألن تتأثر الطائرات بهذا التفجير أثناء تنفيذه؟ - لن تتأثر الطائرة المنفذة بالتفجيرات وذلك لسرعتها ووجودها علي ارتفاع أعلي من المدي المؤثر لانفجار اللغم ولحدوث جميع الانفجارات خلف الطائرة نتيجة لتكون الموجة الصدمية المنبعثة من الطائرة والمفجرة للألغام خلفها بالإضافة إلي المدي المحدود للموجات الانفجارية والذي يقدر بالأمتار وتلاشيها بعد ذلك فيحد ذلك كثيراً من تقدم جبهات الموجات الانفجارية خلف الطائرة.