سألني صديقي الحائر عن رأيي في الرئيس الراحل أنور السادات رحمه الله بمناسبة حرب أكتوبر.. هناك من يرفعه إلي السماء السابعة ويراه زعيما سبق عصره، وآخرون يخسفون به الأرض!! فهو في نظرهم أطاح بانجازات ثورة يوليو التي قادها عبدالناصر. قلت له: لاحظت صاحبي أن كل رؤساء مصر السابقين كانت بدايتهم جيدة، ونهايتهم تجدها كوارث!! عبدالناصر مثلا بدأ بالاصلاح الزراعي وقاد سياسة الحياد الايجابي، وعلي يديه دبت الحياة من جديد في القومية العربية وانحاز إلي الفقراء وكانت ذروة مجده بناء السد العالي، لكن نظام حكمه انتهي بكارثة الهزيمة المروعة علي يد العدو الصهيوني سنة 7691. وإذا جئنا إلي الرئيس الراحل أنور السادات نجد ان بدايته كانت جيدة جدا، فقد عمل علي اصلاح اخطاء سلفه، فأطلق سراح المعتقلين السياسيين، وأعاد إلي القضاء هيبته بعودة القضاة المفصولين إلي أعمالهم، وقام بإلغاء الحراسات التي فرضت علي أموال الأثرياء، ورأيناه سبق عصره ببداية التحول من النظام الاشتراكي إلي الانفتاح الاقتصادي، ومن نظام الحزب الواحد إلي تعدد الأحزاب، وإن كانت تلك الانجازات قد شابها الكثير من الاخطاء، فالانفتاح الاقتصادي شابه فساد ضخم بعدما تحول إلي سداح مداح دون ضوابط تحكمه! وتعدد الأحزاب ظل أمر شكليا، بسبب حرص السادات علي استمرار سلطته المطلقة! وبلغ الرئيس الراحل ذروة مجده في حرب أكتوبر المجيدة، والتفت الدول العربية حول مصر وقامت بقطع البترول عن أوروبا وأمريكا وفي سنواته الأخيرة رأينا تدهورا حادا لحكم السادات وانتهي الأمر بمصيبة تتمثل في مقتله وسط جيشه! وقلت لصديقي الحائر: من أهم ايجابيات ثورتنا انها فرضت قيودا علي من يحكم مصر، وبذلك يتجنب مصير من سبقوه، فلم تعد له تلك السلطات المطلقة، وانتهي عصر الزعيم الذي يحكم بلادي مدي حياته، ولأول مرة ستشهد مصر رئيسا سابقا بعد انتهاء فترة ولاية الرئيس محمد مرسي والتي لا تزيد سنوات حكمه في أحسن الأحوال عن أصابع اليدين!!