■ ماريو فارجاس يوسا قبل 4 سنوات؛ ألّف ماريو فارجاس يوسا كتابا يؤكد فيه أن العالم علي وشك التحول إلي جحيم، واصفا الصحفيين بدعاة الفساد، والساسة بالميئوس منهم، وأن الحضارة انهارت بسبب ذلك المشهد، الآن عاد إلي دائرة الضوء مرة أخري بعدما ترك زوجته ذات الخمسين عاما من أجل امرأة أخري في الخامسة والستين من عمرها. ربما لا يكون ذلك مفاجئا بالنسبة للكاتب البيروفي الذي كان أحد المرشحين البارزين لرئاسة بلاده سنة 1990، كما يعتبر أحد الناجين المنتمين للحركة الأدبية ممن أعادوا إحياء الرواية في عصرنا، وربما يكون الفائز الوحيد بجائزة نوبل الذي وضع - في خطاب تسلمه للجائزة - متعة الكتابة في نفس منزلة العلاقة مع امرأة تحبها لأيام، ولأسابيع ولشهور دون توقف!، ثم أذهل وسائل الإعلام بقصة الحب الجديدة التي حولت حياته الخاصة إلي مادة للتسلية، فقال في مقابلة له مع الجارديان: "قمت بتأليف ذلك الكتاب الذي نشر بالإنجليزية الصيف الماضي تحت عنوان "ملاحظات عن موت الثقافة" وفجأة أصبحت ضحية نوعا ما". وأضاف: "حياتي الخاصة لم تعد خاصة بعد الآن، فهي في المجلات والصحف، بكل أشكال الثرثرة الغبية، التي لم أقدر علي مواجهتها، فأنا مثال حي علي أن كل ما أكتبه حقيقي"، وأتبع ذلك بضحكة عالية. علي قيد الحياة فارجاس يوسا (80 عاما) كان في أمريكا في 8 مارس الماضي، في مشهد أكثر اعتدالا، للاحتفال بمنحه جائزة مكتبة الكونجرس لأسطورة علي قيد الحياة، التي ابتُكرت في الذكري المئوية لذلك الصرح عام 2000، فعلق قائلا: "علي قيد الحياة، نعم، أعتقد أنني علي قيد الحياة، لكنني لست أسطورة". علي هامش الحدث اختلف المتحدثون حول أفضل أعمال مؤلف "ملحمة تولستوية"، و"حرب نهاية العالم" و"العمة جوليا"، منهم جين سمايلي وتوماس مالون وغيرهم، إلا أنهم اتفقوا علي قدرته علي الاستقاء من الثقافة الشعبية لخلق فن رفيع المستوي، مع اتساع مجال خبرته وتعدد مواهبه وأساليبه في الكتابة، فيقول الروائي البيروفي "ألونسو كويتو": "حين كنت صغيرا كنت أعتقد أن الروايات العظيمة تدور أحداثها في باريس أو لندن أو سان بطرسبرج، إلا أن رواية فارجاس يوسا "محادثة في الكاتدرائية" 1969 رائعة، حيث تدور أحداثها في ليما، وقد أرسي يوسا فيها مثالا يتجاوز الأدب". في مارس الماضي عاد يوسا ليتصدر أخبار الصحافة، ولكن هذه المرة في شكل خيالي، برواية مثيرة عنوانها "سينكو إسكينا"، وهو اسم أحد أحياء ليما، وتدور حول صحفيين تحولوا إلي أسلحة للدولة في بيرو الديكتاتورية. تطورات سيئة بعد فوز يوسا في الجولة الأولي بالانتخابات الرئاسية عام 1990، خسر أمام ألبرتو فوجيموري، الذي حكم عشر سنوات اتسمت بالفساد، وهو حاليا في السجن ببيرو، وفي تطورات سيئة فازت ابنته كيكو فوجيموري في الجولة الأولي بالانتخابات الرئاسية الشهر الماضي، فصرح يوسا للنيويورك تايمز عن الرواية قائلا: "لقد تم استغلال الصحفيين بطريقة منهجية من الحكومة لتشويه سمعة منتقدي الحكومة باعتبارهم منحرفين، وكان ذلك فعالا للغاية، فلا أحد يريد التعرض لفضيحة، وإذا كانت غرف النوم خطيرة فإنها أيضا ملاذ". ثم استطرد: "إنهم يريدون أن ننسي ما كان يحدث، وهو نوع من الحياة المؤلمة للغاية، حيث يصبح كل شخص ضحية محتملة، قد تموت دون أن تعرف من هو قاتلك، الإرهابيون، الحكومة، أم مجرد مجرمين عاديين؟"، غلاف كتاب "سينكو أسكيناز" يظهر علية امرأتان فوق فراش غير مرتب، إحداهما تقرأ جريدة تعلن في عنوانها الرئيسي أن البلاد تحت حظر التجوال. علاقته الجديدة أما كارمن بالسيلز وكيل يوسا الأدبي فتساءلت حين قرأت مخطوطة الرواية إن كان محتوي الكتاب المثير متأثرا بعلاقته الجديدة مع إيزابيل بريسلر ملكة الجمال السابقة ووالدة مغني البوب النجم إنريكي إجلاسيوس، فرد عليها يوسا: "هذا ليس من شأنك، يا كارمن"، وبرر ذلك: "لقد كانت فضولية مثل الجميع، الجمهور متلهف بنزعة غريزية". وأضاف: "الشيء الأساسي في الحب هو ما يطلق عليه الفرنسيون حب جنوني (نطقها بالفرنسية)، كيف تقولها بالإنجليزية؟ حب مجنون؟ لا تبدو جميلة، إنه نوع من الحب المطلق، لا يحتضن المشاعر والأفعال فقط، بل هو نوع من فهم العالم من منظور الحب، إنه شيء يحرك الجبال، ويثري حياة الناس بطرق لا يمكن تصديقها، تطير بك في عالم الخيال، وتفتح شهيتك للحياة". بوفاة جابرييل جارسيا ماركيز عام 2014؛ أصبح يوسا آخر الناجين من حركة الازدهار، ومن القلة القليلة الذين وضعوا أمريكا اللاتينية علي الخريطة الأدبية، فعلق عن ذلك قائلا: "معظم أصدقائي القدامي ليس فقط الأدباء..." ثم مترددا: "ماتوا". ينطلق يوسا - من واشنطن - في جولة لمدة شهر إلي جمهورية الدومينيكان وتشيلي والأرجنتين والبرازيل، يقول عن ذلك: "أعيش علي متن طائرة، أحتج، إلا أنني أعتقد أنني مستمتع بذلك"، ومن ناحيته؛ يجعل هذا النشاط المستمر، كاتب سيرة يوسا الذاتية "جيرالد مارتين" في حالة تأهب باستمرار، فيتحدث عنه يوسا: "أشعر بالرعب منه، لذا أحاول توسيع عمله"، وبالفعل نجحت الخطة، حيث نال مارتين الشهرة عن كتابته السيرة الذاتية لماركيز عام 2008، ولكنه مع يوسا الأمر مختلف، فيقول: "كنت في ليما نهاية العام الماضي، ثم في مدريد الشهر المنصرم من أجل الاحتفال بعيد ميلاد يوسا، وفي باريس الأسبوع الماضي بمناسبة نشر أعماله في سلسلة كلاسيكيات أبلايد، وهذا شيء نادر حدوثه لكاتب علي قيد الحياة وغير فرنسي". مرفت عمارة