أعداد ضخمة من ميليشيات حزب الله تقاتل فى سوريا في منطقة السيدة زينب بإحدي ضواحي العاصمة السورية، يختفي تماما الوجود السوري، ويغطي النفوذ الايراني كل ارجاء المنطقة التي حولتها طهران إلي ما يصفه ناشطو الثورة السورية ب "مقاطعة إيرانية" تحت إشراف "حزب الله" اللبناني. وقبل يومين، جرت في مقام «السيدة زينب» مراسم تكريم القيادي الراحل في «حزب الله»، مصطفي بدر الدين ذو الفقار، والذي قتل في ظروف غامضة، الجمعة من الاسبوع الماضي. ورغم حضور عدد من ضباط الأسد هذه المناسبة، إلا أنها خلت من أي علم أو راية أو دلالة تشير إلي أن هذه المنطقة سورية بالأصل. "احتلال إيراني بمباركة الأسد" هو التوصيف الأكثر تكرارًا من قبل الناشطين والحقوقيين السوريين، معتبرين أن دخول طهران العسكري وخسائرها الكبيرة في سوريا ليس دعمًا للأسد كما يقال، بل ترسيخ ل "احتلال طائفي" يغير من بنية المجتمع وديمغرافيته. وقد ادي توافد الشيعة من كل مكان في العالم للقتال في سوريا إلي ظهور مائة «حزب الله» صغير هناك. وقارنت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية بين دور حزب الله في لبنان، ودوره في سوريا، وخلصت إلي أن دور حزب الله في لبنان الذي يتمثل في خوض حرب غير تقليدية ضد الاحتلال الإسرائيلي، قد نال إعجاب الجماهير العربيّة. لكن عند تسليط الضوء علي دور الحزب في سوريا، تؤكد المجلة ان تدخل الحزب في الأزمة السورية، كلفه الكثير من المقاتلين وأساء لسمعته إقليميًا ودوليًا، ولم تعد مكانته كما كانت خاصة لدي شعوب المنطقة من أهل السنة. وفي ضوء دوريّ الحزب في لبنانوسوريا، تناولت مجلة "فورين بوليسي"، النشاط المشبوه لميليشيات حزب الله اللبناني في الأزمة السورية الداعم لنظام بشار، وتأثيره في استفحال المشهد الدموي.ولفتت المجلة إلي أن عناصر حزب الله تكثف من نشاطاتها في الضاحية خصوصا، لاعتقادها حسب المذهب الشيعي أن قبر حفيدة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام موجود فيها. حيث يصطف عشرات المقاتلين عند مرور جنازات زملائهم القتلي، وهم يحملون الأكفان ملفوفة بالعلم السوري علي باب المسجد، لكن بمجرد دخولهم إلي ساحة المسجد يتم استبدال العلم السوري براية حزب الله ذات اللونين الأخضر والأصفر. وأردفت المجلة في وصف المشهد أنه ما إن تعبر الجنازة محمولة علي أكتاف المحاربين، حتي يلتفت جميع المقاتلين إلي الجنازة لتأدية تحية حزب الله، مصحوبا بشعار يردده المقاتلون بقولهم "نحن مستعدون للموت من أجلك زينب". وتروي فورين بوليسي أنه من أجل زيارة ضاحية السيدة زينب يجب الحصول علي إذن من القوات التابعة لحزب الله وليس النظام. وتعتقد المجلة أن حزب الله في ضاحية السيدة زينب، يعمل علي إنشاء جيل جديد من الميليشيات الشيعية. لكن الحزب لا يعترف بذلك، ولا يقر أن لديه في سوريا أعدادا كبيرة من المقاتلين، ودائما ما يشدد في تصريحاته أن عناصره موجودة في سوريا بهدف تقديم الاستشارات والخدمات الدفاعية فقط، وليس القتال علي الجبهة الأمامية. وحسب ما كتبت المجلة فإن ضاحية السيدة زينب، بات فيها الشيعة الذين فروا من الاقتتال الطائفي، هم الغالبية العظمي من السكان لعلمهم أن الضاحية هي ملاذهم الطبيعي الذي احتضن علي الدوام الأقلية الشيعية. لهذه الأسباب أصبحت الضاحية عامل جذب لكراهية الشيعة من قبل تنظيم داعش، فمنذ بداية العام الحالي استهدف التنظيم الضاحية بتفجيرين أديا لقتل وجرح المئات من المدنيين. كما هاجم التنظيم في وقت سابق وسط السوق التجاري في الضاحية عبر قنبلتين، قتل فيهما أكثر من 100 شخص ما بين عسكري ومدني. وتشير فورين بوليسي ان المسجد التاريخي وسط الضاحية يحظي بحراسة مشددة حيث يطوف الزوار القادمون من شتي بقاع العالم الشيعي والمقاتلون حول المقام مرتدين الأوشحة الخضراء علي رؤوسهم. ورغم الأعداد الكبيرة التي تصل المسجد لا تغفل أعين الحراس أبدًا عن أي شيء، فيتم مصادرة الهواتف وتفتيش الزوار بدقة شديدة، إذ لم يصب المسجد بأضرار تذكر منذ بداية الأزمة. في حين يصطف المقاتلون الشباب الذين قدم بعضهم من العراق وبلدان أخري بزيهم العسكري لينالوا البركة بلمسهم المقام أو برفع أيديهم في دعاء صامت سائلين السيدة زينب أن تشفع لهم، كما تصف فورين بوليسي. وكانت إيران قد بدأت إرسال الميليشيات الشيعية إلي سوريا، لدعم النظام السوري في الحرب الدائرة، حين لاحت في الأفق بوادر سقوط نظام بشار عام 2012، حيث بلغ عدد هذه الميليشيات التي يحمل أفرادها جنسيات إيرانية وأفغانية وعراقية وباكستانية ولبنانية، 18 ألف مقاتل. وكلهم عبارة عن ميليشيات شيعية جاءت من دول تخضع لنفوذ ايران، وعززت وجود الميليشيات بفرقٍ من قوات الحرس الثوري والقوات الخاصة، في سوريا بهدف إعادة التوازن للحرب السورية أولاً، ومن ثم ترجيح كفة نظام بشار. ولعبت سياسة طهران التحريضية حيال وجوب حماية الأماكن المقدسة بالنسبة للشيعة في سوريا، دوراً كبيراً في حشد الميليشيات الشيعية وإرسالها إلي سوريا، لا سيما أنّ دمشق، تحتضن أضرحة السيدة زينب، والسيدة سكينة وأماكن أخري تعدّ مقدسة بالنسبة للشيعة. بالإضافة إلي ذلك فإنّ المبلغ المدفوع لكل فرد من تلك الميليشات(600دولار)، ويعدّ مبلغاً كبيراً للعناصر الشيعية التي تعاني الفقر في العراق وباكستان وأفغانستان. واستقدمت إيران معظم الميليشيات الشيعية إلي سوريا، من حزب الله اللبناني، والشيعة الأفغان الذين لجأوا إلي أراضيها، وأصدرت حكومة طهران الشهر الماضي، قانوناً يمنح الجنسية الإيرانية لأهالي قتلي الشيعة الأجانب الذين يحاربون لصالح إيران في الخارج. ويشارك حوالي 9 آلاف من الميليشيات الشيعية في القتال بجنوب محافظة حلب، فيما يتوزع قرابة 5 آلاف من هؤلاء في محافظات درعا ودمشق والقنيطرة، ويتوزع 4 آلاف مناصفة بين شمال حمص وريف اللاذقية. وإضافة إلي عناصر الميليشيات ، هناك فرق من الحرس الثوري والقوات الخاصة الإيرانية، تشارك في جبهات القتال إلي جانب النظام السوري. ينتمي أكثر الميليشيات الشيعية التي تحارب علي جبهات القتال في سوريا، لحزب الله اللبناني، فالمعارضة السورية أكّدت بأنّ عناصر الحزب دخلت خط المواجهات أواخر عام 2012، ويبلع إجمالي عدد عناصر حزب الله في جميع أنحاء سوريا حوالي 10 آلاف مقاتل. وفي بدايات تدخل حزب الله اللبناني هناك نشطت عناصره في المناطق السورية المتاخمة للحدود اللبنانية، وخاصة في أطراف الزبداني وجبال القلمون، وبعد 6 أشهر، مدت عناصر الحزب وجودها إلي مدينة القصير بريف حمص وأعلنوا وجودهم بشكل رسمي.