علي نهج الراحل العظيم الشيخ زايد بن سلطان تمضي دولة الإمارات في سياستها التي لا تستهدف إلا الخير لأبنائها ولأشقائهم في الخليج العربي وفي الوطن العربي كله. وعندما يقول الشيخ محمد بن زايد: إن دعم واستقرار مصر هو مفتاح الاستقرار للعالم العربي كله. فهو لا يردد حديثا دبلوماسيا، ولكنه يعكس إيمانا حقيقيا بما يجمع بين مصر والإمارات.. حكاما وشعوبا وأوطانا. في حرب أكتوبر.. لم يكن قد مضي علي الدولة الوليدة إلا سنوات قليلة. وكان ايراد البترول مازال متواضعا والشركات الأجنبية تسيطر علي أسواق الإنتاج والتوزيع. وكانت الإمارات تبدأ بناء الدولة من الصفر حقيقة لا مجازا. فسنوات الاستعمار الطويلة لم تترك وراءها شيئا له قيمة. أقول ذلك وقد كنت شاهد عيان علي لحظة ميلاد الدولة وانتهاء سنوات الاحتلال البغيض. ومع ذلك، فما أن انطلقت الحرب حتي وضع زايد رحمه الله كل امكانيات الدولة الوليدة في خدمة حرب تحرير الأرض العربية. لم يكتف يومها بقراره التاريخي بالمنع الكامل للبترول عن كل من يدعم إسرائيل، وإنما سارع الرجل باصدار تعليماته لتحصل الإمارات علي قرض مالي من البنوك العالمية تقدمه لمصر وسوريا دعما للجهد العربي في حرب العبور العظيم. وعلي مدي السنين.. ظلت العلاقات بين مصر والإمارات نموذجا يحتذي في التعاون بين الحكومات والمحبة بين الشعبين الشقيقين. وعندما رحل الشيخ زايد رحمه الله، ظلت الإمارات علي عهدها، وظلت العلاقات علي متانتها. وها نحن نشهد تأكيدا جديدا علي عمق هذه العلاقات باعلان الشيخ محمد بن زايد أثناء زيارته الاخيرة لمصر عن قرار أخيه الشيخ خليفة رئيس الدولة بدعم مصر بوضع 2 مليارات دولار وديعة ترفع الاحتياطي في البنك المركزي، واتاحة 2 مليار دولار أخري للاستثمار في مصر. دعم مشكور بلا شك. لكن الأهم من الدعم المالي هي روح المحبة التي تربط بين الإمارات ومصر. ومشاعر الاعتزاز بمصر والتقدير لدورها والإيمان العميق بأنه لا استقرار ولا أمن للعالم العربي إلا باستقرار مصر وقدرتها علي مواجهة كل التحديات. والجدير بالتأكيد عليه أيضا هو هذا التطابق في وجهات النظر نحو العديد من القضايا الأساسية الخاصة بأمن المنطقة وتقدمها.. بدءا من الموقف ضد الإرهاب وعدم انحساره في داعش وحدها. بل امتداده لكل الجماعات المماثلة واعتبارا الاخوان هم أصل التطرف وأساس الإرهاب. وانتهاء بالتصدي لمخاطر القوي الاقليمية الطامعة في مد نفوذها في الارض العربية، مع رفض الانجرار إلي الحروب المذهبية التي يراد لها ان تدمر ما تبقي في الوطن العربي، والاصرار علي أن العروبة وحدها هي القادرة علي حشد أبناء الوطن العربي كله دون تفرقة عرقية أو مذهبية لمواجهة المخاطر، وبناء المستقبل. شكرا للإمارات.. حكاما وشعبا شقيقا. وكل التحية لمن يرفعون راية العروبة، ويجعلون من العلاقات بين مصر والإمارات مثالا يحتذي في العلاقات العربية.