القماش «الشفتشي» هو نوع ذو نسيج دقيق يكشف معظم التفاصيل، معلومة يعرفها الكثيرون، لكن القليلين سمعوا عن «أطباق الشفتشي» والتي تصنع من الفضة وتعتمد علي تشكيلات من خيوط الذهب والفضة، تتضافر معا لتكوين أشكال تشبه الدانتيل، لهذا يطلق عليها أحيانا اسم الأطباق المدندشة.. أو المدلعة..! تحتاج صناعتها الي دقة ومهارة لن تتحقق الا يدويا، وهو ما جعل الصين تعجز عن إغراق السوق بها مثلما فعلت مع منتجات أخري عديدة. في ربع السلحدار جلس الحاج عصام «55 عاما» داخل ورشته، يرتدي نظارة مكبرة ويستغرق في العمل، علي طاولة امامه توجد أدوات لحام وأعداد كبيرة من الأحجار الكريمة وشرائط الفضة، أوضح أن النظارة ضرورية لأنها تساعد علي تكبير حجم التفاصيل فيتمكن من العمل. ويؤكد أن صناعة هذه الأطباق وغيرها من المشغولات تتطلب وقتا ودقة وتعبا ومن الصعب أن تتم إلا يدويا وهي تحتاج الي مهارة وتركيز عال جدا.. ويقول: لذلك بدأت في الأندثار ، فالاطفال يرفضون العمل بها، رغم أنني بدأت العمل مع والدي وعمري 9 سنوات خلال فترة الاجازة، لأتعلم اصول المهنة واساسياتها. جدران غرفته الصغيرة التي لا تزيد مساحتها علي 3 في 4 امتار شاهدة علي ذكرياته السعيدة يشير اليها قائلا: أنا عمري تقريبا من عمر هذه الشقوق التي اخترقت جدران ورشتي ففيها حياتي بالكامل هي بيتي وورشتي فلم أعرف غيرها طوال عمري. يشاركه العمل عم فتحي الذي يبلغ من العمر 63 عاما. تراه منهمكا في عمله، مرتديا نظارته المكبرة يتعامل مع أدواته بمهارة وأمامه الاحجار الكريمة وشرائط الفضة الرقيقة وبجواره مكواة اللحام يلتقط بأنامله شرائط الفضة ويرتبها بدقة كأنه يرسم لوحة فنية جميلة تتكون من مجموعة من الورود أو الاشكال الهندسية المختلفة والمعشقة معا. ويقول عم فتحي: تطورت صناعة الفضة ولم تعد تقتصر علي عمليات الحفر بل امتدت الي الصناعة بطريقة الشفتشي ويوضح أن اطباق «الشفتشي» تكون شفافة تشبه في صناعتها «المنخل السلك» الذي تستخدمه ربات البيوت في المنازل .. ويواصل: بسبب التغيرات والأزمات الاقتصادية ترك كثير من الصنايعية المهنة وعملوا سائقي «توك توك» وميكروباصات لعدم وجود طلبات، لكنه رفض ترك مهنته التي يعشقها لأنه يمارسها منذ أن كان عمره 15 عاما يصمت قليلا ثم يشير الي أنه يقوم بعمل التصاميم الفنية من الألبوم الممتليء بالرسومات والاشكال الاسلامية والفرعونية الجميلة. وتختلف أطباق الفضة في زينتها ما بين المرصعة بالعقيق أو الكهرمان أو سن الفيل وقد يتراوح سعر الطبق الواحد المصنوع بعناية بين 1500 و3000 جنيه. ويؤكد ان اعتماد «الشفتشي» علي الصناعة اليدوية منع الصين من منافسة المنتج المصري، لأن الفضيات التي تأتي من هناك صماء لا تتسم بالجمال أو الفن أو المهارة، ولأن التعامل مع شرائط الفضة الدقيقة يحتاج الي الحذر والدقة، فإن تقدم السن يؤثر علي جودة المنتج الذي يقبل عليه الأجانب أكثر من المصريين.