في العاشر من ابريل 1958 استيقظت مصر علي رحيل رائدة كبيرة من رواد الصحافة المصرية والعربية.. رحلت السيدة روزاليوسف التي اصدرت عام 1926 مجلة تحمل اسمها.. استقطبت فيها كبارالمفكرين والسياسيين.. تزوجت من الممثل المعروف محمد عبد القدوس وأنجبت منه ابنها إحسان عبد القدوس.. وفي اليوم التالي لرحيلها كتب الأستاذ محمد التابعي مقالا قصيرا مفعما بالمشاعر التي يعجز القلم عن وصفها. القلم لا يطاوعني لأن أكتب عن روز اليوسف ميتة.. إنه نفس القلم الذي كثيرا ما كتب عنها وهي نجمة المسرح وكوكب الصحافة. كيف يستطيع القلم الذي كتب شهادة الميلاد أن يكتب شهادة الوفاة؟! لست أعرف كيف أبدأ...... روز اليوسف لم تكن بالنسبة لي صديقة فحسب، وإنما كانت شريكة الشباب. كانت رفيقتي في الكفاح الطويل الشاق. كانت جزءا من صراعي في الحياة وكنت جزءا من حياتها المليئة بالعرق والدم والدموع..! كان اسمي يظهر إلي جوار اسمها في عشرات المجلات التي أصدرناها. في قضايا الصحافة. في محكم الجنايات. في معارك الحرية التي خضناها. في قصة الطغيان التي عاشتها الصحافة في عهود الاستبداد. كنت أجد فيها الصديق الوفي. والزميل القوي، والشريك في المحن والخطوب. رأينا الفشل معا والنجاح معا. وذقنا الإفلاس معا والأرباح معا. ومررنا في الهزائم جنبا إلي جنب. وانفضت شركتنا ولم تنقطع صداقتنا. وفرقتنا الأيام ولكنها لم تستطع أن تنسينا ذلك الماضي المليء بالأحلام والآلام! وهاهي تذهب اليوم. وأشعر ان جزءا مني قد ذهب معها. إنها أيام الشباب. الأخبار-11 إبريل 1958 كنوز : كشفت روزاليوسف عن صلابة شخصيتها في مقال بعنوان " الحق باق " تنقل فيه لابنها إحسان عبد القدوس درسا في الصمود عندما تقول.. " من كان علي الأرض لا يخشي السقوط، لقد عشت يا إحسان وأنت تعلم هذا تماما، أني لا أخشي السقوط لأني نبت من الأرض، ظلت قدماي فوقها دائما، مع الناس في أعماق المجتمع المصري عشت دائما أحس بإحساسهم، وأفكر مثل عامتهم، وأناضل بقلمي من أجلهم، وهذا الارتباط بالأرض جعل قدميَ ثابتتين. لم تستطع حكومة مهما بلغ من طغيانها أن ترغمني علي الركوع لأن الجميع كانوا يعلمون أنهم لايملكون ما يمنعونه عني وكان هذا مصدر قوتي دائما وهو نفسه كان نقطة الضعف عند خصومي في الرأي في كل العهود السابقة ذلك لأنك ياولدي لم يكن لك ما ترجوه عند الناس فليس عندهم ما يذلونك به، وهذه الصرامة في مواجهة الطغاة إيمانا بالحق وشجاعة في الدفاع عنه وهي الميراث الحقيقي الذي سأورثه لك، وليس المجلة لأن الصحف تقوم وتنتهي لكن الحق باق، والمدافعين عنه لا يفنون حتي لو علقوا علي المشانق ".