الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية وعضو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور قال إن مناقشات مستفيضة تمت بالفعل داخل الجمعية حول شروط الجنسية المطلوب وضعها في الدستور المقترح خاصة برئيس الجمهورية موضحا أن أساتذة الدستور والقانون بالجمعية أجمعوا علي أن الأمن القومي للوطن لا يسمح بوجود رئيس مزدوج الجنسية أو متزوج من أجنبية أو له أولاد يحملون جنسيات غير مصرية وأن ذلك ينطبق علي الجنسيات العربية وغيرها.. ولذا فإن مثل هذه الأفكار يستحيل تمريرها لينص عليها الدستور لانه بعد فترة قريبة قد نجد رئيسا زوجته إسرائيلية مثلا أو رئيسا له جنسية أمريكية أو أوروبية بجانب جنسيته المصرية. فلأي جنسية سيكون ولاؤه!؟ وشدد علي أن كل ذلك مازال أفكارا مطروحة من المؤكد انها سترفض لانه ليس هناك دولة في العالم تسمح بذلك في دستورها، ففي فرنسا لا يسمح للحاصلين علي الجنسية درجة ثانية بالترشح لرئاسة الجمهورية وأمريكا لا تسمح أيضا لهؤلاء بالترشح للرئاسة علي مستوي المقاطعات والولايات وعلي المستوي الفيدرالي أيضا وكشف أن الاعتراضات المباشرة في لجنة نظام الحكم علي موانع الجنسية في الدستور كونت اتجاها عاما يرفض التغييرات في موانع الترشيح خاصة حول الزوجة والأصول والأبناء لمنع اثارة أية مشاكل مستقبلية علي شخص وانتماء المرشح لرئاسة الجمهورية الذي يجب أن يكون هذا الانتماء خالصا لمصر وحدها. انقسام في الانتماء ويضيف الدكتور صلاح فوزي رئيس قسم القانون الدستوري بكلية حقوق المنصورة أن ما طرحه بعض أعضاء الجمعية التأسيسية حول جنسية المرشح لرئاسة الجمهورية يتناقض مع المباديء الدستورية العامة والتي يتوجب الالتزام بها، لأنه وفقا لما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا واستقر في قضائها المتواتر فازدواج الجنسية يشكك في الانتماء الخالص والكامل للوطن ويخل به لان مؤداه الانقسام بين انتماءين. ومن ناحية أخري فشرط الجنسية يعد شرطا ضروريا وأساسيا تشترطه القوانين لتولي الوظائف العامة فمن باب أولي لابد من لزوم اعماله لتولي الشخص مهام سياسية.. خاصة الرفيع منها وفتح الباب علي مصراعيه حسب الطرح المتداول في الجمعية التأسيسية بالنسبة لجنسية مرشح الرئاسة من شأنه أن يوقع الدولة في اشكاليات كبري مستقبلا كتولي شخص متزوج من إسرائيلية منصب رئيس الجمهورية وهو ما لم يتصوره أحد ولا يقول به قائل لأنه يتعارض مع الثوابت القومية الالزامية علي مدي عقود طويلة. وأنا شخصيا أري أن يوضع قيد آخر بالنسبة لجنسية الأبناء حيث يكون بمقدورهم التنازل عنها وفقا لنصوص القانون وبذلك يمكن أن يكون النص المقترح: »وألا يكون المرشح لرئاسة الجمهورية حاصلا هو أو زوجته أو أحد أبنائه علي جنسية أجنبية«. تعسف وإخلال بالمساواة لكن الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو مجلس الشعب السابق يري ان حق المصري والمصرية في الترشح لجميع المناصب حق أصيل لا يمكن مصادرته فكلنا نمتلك الأهلية الكاملة لمباشرة حقوقنا جميعها والسياسية أولها وأبرزها. لذلك فإن الشروط الخاصة بالجنسية التي نص عليها الاعلان الدستوري الصادر في مارس 2011 كان بها كثير من التعسف وأخلت بمبدأ المساواة.. ومن هذا المنطلق فإنه لا مانع من أن يتقدم للترشح لرئاسة الجمهورية من هو مزدوج الجنسية بشرط التنازل عن الجنسية الأجنبية التي يحملها ليكون مصريا فقط. ويمكن تنظيم الحالات الاستثنائية بالقانون وليس بمواد في الدستور لمنع أي خطر علي الأمن القومي، كأن يكون المرشح قد قضي عددا معينا من السنوات متواجدا خلالها في مصر وليس في الخارج.. في أمريكا مثلا هناك عدد أدني من السنوات يجب أن يكون قد قضاها المرشح في الولاياتالأمريكية قبل التقدم بأوراقه للترشيح. ويتابع أنه لا يحبذ التدخل في الاختيارات الشخصية للمواطن وألا يتخذ الدستور الحياة الشخصية للمواطن وسيلة لمنعه من ممارسة حقوقه السياسية فهذا خطأ بالغ، ورئيس الجمهورية هو المسئول عن قراراته ولا أحد سواه من عائلته أو من غيرهم. مشاركة الرئيس قراراته أما المستشار أحمد الخطيب بمحكمة جنايات الإسكندرية فيقول إن فلسفة التشريع تقوم علي وضع الضوابط القانونية الحاكمة للمجتمع بما يضمن الحفاظ علي مصالحه العليا وأمنه القومي. وبالنظر لأهمية منصب رئيس الجمهورية باعتباره المنصب الإداري الأعلي في البلاد والمسئول عن مصالحها فقد درجت الدساتير المصرية السابقة علي اشتراط ضرورة أن يكون الرئيس متمتعا بالجنسية المصرية ومولودا لابوين مصريين، ولزيادة التأكيد علي ذلك سار علي هذا النهج الاعلان الدستوري الصادر في مارس 2011 مضيفا شرطا ألا يحمل رئيس الجمهورية هو أو أي من والديه جنسية أخري وألا يكون متزوجا من غير مصري وذلك لتلافي ازدواجية الانتماء الوطني والذي يعد شرطا أساسيا لقيادة البلاد، لان العلاقات الدولية تتسم بعدم الثبات حسب تغير المصالح والأهداف الاستراتيجية فلا يمكن أن نضمن ولاء تاما لرئيس مزدوج الجنسية أو زوجته التي تشاركه حياته ذات جنسية غير مصرية، لذلك يلزم التشدد ومد الحظر إلي الزواج بغير مصري سواء كان عربيا أو أجنبيا بالنظر إلي ما لذلك من أهمية بالغة في التأثير علي قرارات الرئيس إلي جانب الاطلاع علي أسرار الدولة وقد وصلت الأمور في بعض الأحيان لمشاركة الزوجة الأجنبية في إدارة البلاد واتخاذها قرارات مصيرية مثلما حدث مثلا في تونس ومصر. ومن هنا لتفادي تلك الازدواجية في مجتمع تتشابك فيه العلاقات وتتعارض فيه المصالح فيجب قصر حق الترشيح لرئاسة بلدنا علي المصريين فقط المولودين لآباء يحملون الجنسية المصرية دون مزدوجي الجنسية والمتزوجين من زوج غير مصري، وعلينا الانتباه إلي أن هناك كثيرين لهم صلات نسب مع رعايا دول كانت عدوا استراتيجيا لمصر. دستور عام 1971 ويؤكد الدكتور نبيل حلمي أستاذ القانون الدولي وعميد كلية حقوق الزقازيق الأسبق انه علي الرغم من التأثير الكبير لرئيس الدولة علي سياسة بلده والذي يستند إلي قناعاته وخلفياته السياسية والثقافية والمجتمعية إلا أن معظم دساتير الدول المتحضرة لم تلجأ إلي تقييد جنسية من هم حول الرئيس فيما عدا الأبوين والجدين الذين يتربي في كنفهم ويتأثر بمنهجهم والحكمة من ذلك هي ترك حرية الاختيار الديمقراطي للشعب ليقرر رئيسه بصرف النظر عن أموره الشخصية التي هي ملكه.