حين يجلس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء القادم إلي جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مدينة شرم الشيخ لاستئناف المفاوضات المباشرة بينهما في محاولة للتوصل إلي سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين فلابد أنه سيتذكر أن هذه المدينة الجميلة كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي وأن الجنود الإسرائيليين كانوا يعيثون فيها فساداً بعد الانتصار الكبير الذي حققه الجيش الإسرائيلي علي القوات المصرية عام 7691 والهزيمة الساحقة التي ألحقتها القوات الإسرائلية بالجيش المصري - الذي ظلم في هذه الحرب - واستطاعت القوات الإسرائيلية أن تجتاح شبه جزيرة سيناء بالكامل لتصل إلي الضفة الشرقية لقناة السويس كما استطاعت اجتياح هضبة الجولان بأكملها في سوريا واحتلت الأراضي الفلسطينية والعديد من المدن الفلسطينية وسيطر الجيش الإسرائيلي علي كل هذه المناطق.. وسيتذكرون أيضاً أنه لولا شجاعة الرئيس الراحل أنور السادات وقراره بإشعال شرارة الحرب في هذه المنطقة بعد ست سنوات فقط من احتلال إسرائيل لها بعد اكتمال التخطيط والاستعداد الجيد لهذه الحرب حتي تحقق النصر لمصر والهزيمة لإسرائيل، وسيتذكرون أيضاً أنه لولا القرار الشجاع الثاني للرئيس السادات بإطلاق مبادرته التاريخية بالذهاب إلي إسرائيل في عقر دارها داعياً للسلام بعد الانتصار في الحرب ولولا المفاوضات المباشرة التي أجريت بين مصر وإسرائيل بعد ذلك حتي تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 9791.. لولا كل هذه القرارات والمبادرات الشجاعة للرئيس السادات ولولا مواصلة الرئيس حسني مبارك لمسيرة السلام من بعده لما تحرر كامل التراب الوطني لمصر حتي آخر نقطة عند الحدود الدولية عند مدينة طابا، ولما استعادت مصر سيطرتها علي أراضيها في سيناء وتحولت مدينة شرم الشيخ التي كانت محتلة علي أيدي القوات الإسرائيلية لأكثر من عشر سنوات إلي مدينة للسلام تزهو بتاريخها .. وحين يستأنف الفلسطينيون والإسرائيليون يوم الثلاثاء القادم الجولة الأولي من مفاوضاتهم المباشرة بعد أن انطلقت في واشنطن منذ أسبوعين برعاية الرئيس الأمريكي أوباما ومشاركة الرئيس حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو فإنهم يتطلعون إلي شرم الشيخ ويدركون أن هذه المدينة الجميلة استعادت جمالها وقطعت شوطاً طويلاً من التنمية والرخاء بفضل السلام .. المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ستكون صعبة وشاقة وكل طرف سيحاول أن يحصل من الطرف الآخر علي أقصي ما يمكن من مكاسب وإن كان الطرف الإسرائيلي هو الأقوي بحكم أنه يحتل الأرض ويسيطر علي ما فوقها وتحتها ويحكم سيطرته العسكرية علي العديد من المناطق المحتلة ويعتبرها أرض الميعاد التي تركها له الأجداد لكي يقيم عليها ويعمرها، والطرف الفلسطيني قد يكون الأضعف ظاهرياً لأنه لا يمتلك القوة العسكرية الهائلة الموجودة لدي إسرائيل أو التعاطف والمساندة والتأييد الأمريكي لها في جميع المحافل إلا أنه يملك قوة الإرادة في النضال والكفاح والاستشهاد في سبيل تحرير الأرض واستعادة الوطن ، كما يملك الطرف الفلسطيني دعماً عربياً هائلاً في مقدمته الدعم المصري حيث تضع مصر القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتها وتساند الفلسطينيين بكل ما تملك .. وحين يجلس المتفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون جنباً إلي جنب في مفاوضات شرم الشيخ فعليهم أن يدركوا أن هذه ربما تكون هي الفرصة الأخيرة لإنهاء هذا الصراع والوصول إلي حل سلمي لجميع القضايا المعلقة ولابد علي الطرفين أن يتخذوا القرارات الجريئة والشجاعة والصعبة في نفس الوقت لأن ذلك هو الطريق الوحيد لإقرار السلام والأمن للجميع ووقف نزيف الدم ووضع حل للاحتلال والعداء الذي استمر أكثر من ستين عاماً.. وعليهم أن يدركوا أن فشل المفاوضات هذه المرة سيؤدي إلي عواقب وخيمة ومزيد من الدمار والدماء.