ستون رجلاً حول الرسول (صلي الله عليه و سلم)

لم يحب حبه أحد

وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم يودع جيش الاسلام الذاهب لملاقاة الروم في غزوة مؤتة ويعلن أسماء أمراء الجيش الثلاثة , قائلا:
" عليكم زيد بن حارثة.. فان أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب.. فان أصيب جعفر , فعبدالله بن رواحة".
فمن هو زيد بن حارثة"..؟؟
من هذا الذي حمل دون سواه لقب الحب.. حب رسول الله..؟
مظهره وشكله , كان كما وصفه المؤرخون والرواة:" قصير , آدم , أي أسمر، شديد الأدمة , في أنفه فطس"..
كان الرسول صلي الله عليه وسلم يعلم تعلق زيد به , وكان في نفس الوقت يقدر حق ابيه فيه.. هنالك قال حارثة:"ادعوا زيدا , و خيروه , فان اختاركم فهو لكم بغير فداء.. وان اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار علي من اختارني فداء"..!!
وتهلل وجه حارثة الذي لم يكن يتوقع كل هذا السماح وقال:
" لقد أنصفتنا , وزدتنا عن النصف"..
ثم بعث النبي صلي الله عليه وسلم الي زيد , ولما جاء سأله:" هل تعرف هؤلاء"..؟
قال زيد: نعم.. هذا أبي.. وهذا عمي.
وأعاد عليه الرسول صلي الله عليه وسلم ما قاله لحارثة.. وهنا قال زيد:
" ما أنا بالذي أختار عليك أحدا , أنت الأب والعم"..!!
ونديت عينا رسول الله بدموع شاكرة وحانية , ثم أمسك بيد زيد , وخرج به الي فناء الكعبة , حيث قريش مجتمعة هناك , ونادي الرسول:
" اشهدوا أن زيدا ابني.. يرثني وأرثه"..!!
وكاد قلب حارثة يطير من الفرح.. فابنه لم يعد حرا فحسب , بل وابنا للرجل الذي تسميه قريش الصادق الأمين سليل بني هاشم وموضع حفاوة مكة كلها..وعاد الأب والعم الي قومهما , مطمئنين علي ولدهما والذي تركاه سيدا في مكة , آمنا معافي , بعد أن كان أبوه لا يدري: أغاله السهل , أم غاله الجبل..!!
تبني الرسول زيدا.. وصار لا يعرف في مكة كلها إلا باسمه هذا زيد بن محمد..
وفي يوم باهر الشروق , نادي الوحي محمدا:
"اقرأ باسم ربك الذي خلق , خلق الانسان من علق , اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم , علم الانسان ما لم يعلم...
وما ان حمل رسول الله صلي الله عليه وسلم تبعة الرسالة حتي كان زيد ثاني المسلمين.. بل قيل انه كان أول المسلمين...!!
أحبه رسول الله صلي الله عليه وسلم حبا عظيما , وكان بهذا الحب خليقا وجديرا.. فوفاؤه الذي لا نظيرله , وعظمة روحه , وعفة ضميره ولسانه ويده... كل ذلك وأكثر من ذلك كان يزين خصال زيد بن حارثة أو زيد الحب كما كان يلقبه أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام..
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقرأ غيب المعركة المقبلة حين وضع امراء الجيش علي هذا الترتيب: زيد فجعفر , فابن رواحة.. فقد لقوا ربهم جميعا وفق هذا الترتيب أيضا..!!