التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    «أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    انخفاض كبير ب«حديد عز» الآن.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 7 يونيو 2024 بالأسواق    عيار 21 اليوم الجمعة 7 يونيو.. كم سجل سعر الذهب في مصر بعد الارتفاع الأخير؟    الحكومة تنفى تقليص مخصصات قطاع الصحة بالموازنة الجديدة 2024/2025    المشاط تبحث مع وزير التنمية الأذري ترتيبات انعقاد اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي في الربع الأخير من العام الجاري    بورصة الدواجن اليوم بعد الانخفاض.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الجمعة 7 يونيو 2024    العمل الدولية: معدل البطالة في قطاع غزة بلغ 80%    موعد مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري السوبر لكرة السلة والقناة الناقلة    أولى صفقات ماريسكا.. تشيلسي يعلن تعاقده مع المدافع توسين أدارابيويو    ضبط مخدرات قيمتها 2 مليون جنيه بالإسكندرية    تعليم بنى سويف: الانتهاء من جميع الاستعدادات لعقد امتحانات الثانوية العامة    عايدة فهمي ناعية المخرج محمد لبيب: رحل الخلوق المحترم    يا رايحين للنبي الغالي.. الأغنية المصرية على موعد دائم مع بهجة الحج    اليوم.. سلوى عثمان تكشف مواقف تعرضت لها مع عادل إمام في برنامج بالخط العريض    بعد رؤية هلال ذي الحجة.. موعد وقفة عرفات 2024 وأفضل الأعمال المستحبة    في ختام فعاليات المؤتمر الدولي الثالث والمعرض الطبي الإفريقي "صحة" إفريقيا" Africa Health ExCon 2024    صحة مطروح تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قرية جلالة بالضبعة    صدمته سيارة مسرعة.. الاستعلام عن صحة شخص أصيب فى حادث مروري بالهرم    خلال ساعات.. تعرف على موعد نتيجة الشهادة الإعدادية فى محافظة قنا 2024    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى المنيب دون إصابات    استجابة لأهالي الحي السابع.. إزالة إشغالات مقهى بمدينة نصر    الأيرلنديون والتشيكيون يتوجهون لمكاتب الاقتراع في ثاني أيام انتخابات البرلمان الأوروبي    يونس: أعضاء قيد "الصحفيين" لم تحدد موعدًا لاستكمال تحت التمرين والمشتغلين    تموين الإسكندرية تشكل غرفة عمليات لمتابعة توافر السلع استعدادا لعيد الأضحى    محمد صابر عرب: أهم ما نملكه التراث وعملت 20 سنة في إدارة وتطوير مؤسسات ثقافية    وزيرة الثقافة وسفير اليونان يشهدان «الباليه الوطني» في الأوبرا    مسئولة فلسطينية: الموت جوعا أصبح حالة يومية فى قطاع غزة    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    داعية إسلامي: أبواب الخير كثيرة في ذي الحجة ولا تقف عند الصيام فقط    «الصناعات الهندسية» وجامعة بورسعيد يبحثان تأهيل الطلاب لسوق العمل    زيلينسكي: الحرب الروسية ضد أوكرانيا نقطة تحول في تاريخ أوروبا    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الدائري بالقليوبية    تعرف على فضل صيام التسعة أيام الأوائل من ذي الحجة    ذا جارديان: "حزب العمال البريطانى" قد يعلن قريبا الاعتراف بدولة فلسطينية    خلاف داخل الناتو بشأن تسمية مشروع دعم جديد لأوكرانيا    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    خبراء عسكريون: الجمهورية الجديدة حاربت الإرهاب فكريًا وعسكريًا ونجحت فى مشروعات التنمية الشاملة    الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ 11 مشروعًا لمياه الشرب وصرف صحى الحضر لخدمة أهالى محافظة مطروح    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    «الدائرة الإفريقية».. شراكة من أجل المستقبل    منتخب السودان يتصدر مجموعة تصفيات كأس العالم على حساب السنغال    الأخضر بكامِ ؟.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري في تعاملات اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    تفشي سلالة من إنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن خامسة بأستراليا    افتتاح المهرجان الختامي لفرق الأقاليم ال46 بمسرح السامر بالعجوزة غدًا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    رغم الفوز.. نبيل الحلفاوي ينتقد مبارة مصر وبوركينا فاسو .. ماذا قال؟    عيد الأضحى 2024| أحكام الأضحية في 17 سؤال    ساتر لجميع جسدها.. الإفتاء توضح الزي الشرعي للمرأة أثناء الحج    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    حظ عاثر للأهلي.. إصابة ثنائي دولي في ساعات    إبراهيم حسن: الحكم تحامل على المنتخب واطمئنان اللاعبين سبب تراجع المستوى    في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
الموت .. دعوة للتفكير !
نشر في أخبار اليوم يوم 29 - 02 - 2016

لم تعرف البشرية.. عودة ميت من الآخرة.. ليروي لنا ما جري في العالم الآخر.. فينصلح حال البشر علي وجه الأرض.
الإثنين:
بعد أقل من نصف الساعة علي اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.. ألقي المستشار الألماني هليموت شميت كلمة قطعت محطات الإذاعة والتلفزة إرسالها لإذاعتها في أجواء مشحونة بالمشاعر الجياشة بدأها بجملة:
العالم اليوم.. بات أكثر فقراً!
جملة استدعتها الذاكرة بعد الإعلان عن وفاة الدكتور بطرس بطرس غالي.. وبعدها بساعات عن وفاة الأستاذ محمد حسنين هيكل.. وأكررها في هذه السطور.. وهي أن العالم بعد غيابهما بات أكثر فقراً.. لأن العالم عندما يفقد هذا الطراز النادر من المفكرين من أرباب الرؤية السياسية.. والوطنية الجارفة.. ويملك القدرة علي التحليل السياسي السابق لعصره وأوانه.. يصبح أكثر فقراً لأنه يسحب ببساطة شديدة من رصيد الثروة البشرية النادرة التي تضيع في لمح البصر.
الثروة البشرية للأمم تتناقص وتتراجع.. كلمات فقدت طرازاً فريداً من البشر.. الذين تتجاوز رؤاهم المستقبلية ما يجري علي أرض الواقع.. وهذا هو السر في ندرتهم.. لأن الندرة تعني أن المعروض أقل كثيراً من المطلوب.
وكان بطرس غالي واحداً ممن يملكون هذه الرؤية السابقة لأوانه والتي تجلت في جميع المواقع التي تقلب في ربوعها.. كما كان محمد حسنين هيكل.. من ألمع المفسرين لما يجري في كواليس السياسة.. وقام كلاهما بدور الشارح المدقق لخبايا لا نعرفها.. ونتطلع إليه بعيون حب الاستطلاع.. وهو يوضح لنا ما لا نراه.. ونتشوق لمعرفة أسراره وخباياه.
حالة واحدة لن نسمع فيها رأيهما.. وتوضيح ما يجري في كواليسها المثيرة.. وهي الموت لسبب بسيط هو أن الموت يحضنا ويدفعنا للتفكير.. وتأمل رحلة الحياة.. وصراعاتها المستمرة التي لا تتوقف إلا بالموت.. والتي ترتكب خلالها كل ألوان المنافسة.. بكل أسلحتها.. المباحة والمحرمة.
صراع مع الأمراض.. وصراع من أجل البقاء علي القمة.. ينتهي في رحلة غامضة في لحظات معدودات.. بلا عودة.. لأن الموت تذكرة ذهاب فقط.. والميت لا يحمل تذكرة عودة.
الموت تذكرة ذهاب.. بلا عودة ولم يجرب أحد رحلة العودة من دبيب الموت.. والميت يذهب فيزعج الأحياء.. لأنه صدمة ولكنه في كل الأحوال حالة تحضنا علي التفكير.. وهي حالة.. نشترك فيها جميعاً.. لأن الموت لا ينهزم ولا ينجو منه أحد.. ولا يعرف التراجع.. وان كان يبدو في كثير من الأحيان بأنه يختار.. وينتقي.. فيختار في بعض الأحيان الأفضل.. المتميز.. الذي يترك فقده وقعاً عظيماً في النفوس.. ويبدو منتقياً لصيده.. مثل كل من لهم سلطة الاختيار.. من باب المنع أو المنح.
الموت لا يعرف الاستثناء.. ولا المغالطة.. وأحسب أن المرء حين يري غيره يموت.. أو يسمع بذلك.. أو يقرأ خبر وفاته علي صدر مانشتات الصحف السيارة.. فإنه يستثني نفسه من هذا المصير لسبب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالي.. وان كان في نفس الوقت علي يقين جازم من أنه حتم لا راد له ولا حيلة فيه.. ولعله في ضمير عقله الباطن يشكر الله علي أن الموت لم يختطفه بعد.. والتعلق بوهم الاستثناء المستحيل.. وهو ما يخفف من وقع خبر وفاة الآخرين ويجعله محتملاً.. ويذهب ببواعث الجزع علي نحو القياس المشهود.. وكأنه يغالط نفسه.. مغالطة مشروعة.. مستأنفاً كل صراعات الحياة الفانية.. بكل ما ينطوي عليه ذلك من تجاوزات يعجز القلم.. وأنا أكتب هذه السطور.- عن الغوص في مستنقعاتها.
الحياة فانية.. حقيقة لا ريب فيها.. تجاوزها البشر.. عندما يتشبثون بأذيال مغريات الحياة.. بأساليب مشروعة تارة.. وبأساليب الجشع وانتهاك حرمات الآخرين بقسوة مفرطة.
وعندما تتأمل الحياة من حولك والتكالب علي المناصب.. والضياع والممتلكات.. وإقصاء المنافسين بكل ألوان النذالة المفرطة.. بالدس والأكاذيب والاتهامات الباطلة التي تقضي علي الأبرياء.. وتخريب بيوتهم وتهد قاماتهم العالية.. تجد نفسك أمام ترعة عجيبة.. لا تعرف ان رحلة العمر لها نهاية.. وان الذهاب محمولاً داخل نعش.. له موعد.. قادم.. لاريب فيه.. وان الميت لا يحمل معه سوي ثياب الكفن.
المشكلة.. ان الموت تذكرة ذهاب فقط.
ذهاب بلا تذكرة عودة.
ولم تعرف البشرية عودة ميت.. من الآخرة.. ليروي لنا ما جري هناك في العالم الآخر.. فينصلح حال البشر علي وجه الأرض.. لسبب بسيط هو أن الميت يحمل تذكرة ذهاب فقط.. بلا عودة وهنا تكمن فلسفة الحياة التي يجب أن تدفعنا في كل لحظة.. للتفكير وللتأمل.
آن ماري شيميل.. وبطرس غالي
الثلاثاء:
في يوم من الأيام في سبعينيات القرن الماضي.. كان لي لقاء بالمستشرقة الألمانية آن ماري شيميل بصحبة الدكتور باهر الجوهري المستشار الثقافي في ألمانيا بمنزلها بشارع ليني في قلب العاصمة الألمانية القديمة بون.. وكانت المناسبة هي صدور موسوعتها عن مولانا جلال الدين الرومي «ابن الرومي».. وهذه الموسوعة جسدت فيها تاريخ التصوف الإسلامي من خلال شخصية مولانا جلال الدين الرومي (1207 - 1273) ونقلت فيها فصلاً مستقلاً عن «التلاميذ والمريدين» لمذهب ابن الرومي.. وملامح ما كتبه في قصائد العشق الإلهي.. باعتباره نسيج الوجود.. وان الله سبحانه وتعالي خلق الإنسان من طين.. وان الله جل جلاله نفخ فيه أنفاس الحب.
وترجمت آن ماري شيميل رائعة مولانا ابن الرومي والتي قال في بعض أبياتها ان عرش الله سبحانه وتعالي تغمرها بانعكاسات الحب.. وان رياح الصباح تهب.. لأنها تريد أن توقظ بغزارة أزهار الحب.. إلخ.
المهم.. ان آن ماري شيميل أستاذة العلوم الإسلامية والدراسات العربية.. وأستاذة التصوف الإسلامي التي ترجمت مختارات من مؤلفات 40 متصوفاً إسلامياً.. وصاحبة كتاب تاريخ التصوف الإسلامي الذي يعد أول تحليل علمي للتصوف الإسلامي منذ بدايته وحتي العصر الحديث.
في هذه الزيارة استقبلتنا المستشرقة الكبيرة بحفاوة.. وماكدنا نتخذ مواقعنا حتي فوجئت بها تسألني عن أخبار بطرس غالي.
كان السؤال مفاجئاً.. فعدت أسألها:
هل تعرفيه؟!
اهتز جسدها الضئيل بضحكة اهتز لها شعرها الأبيض ونظارتها الطبية السميكة.. وقالت:
انه صديق قديم.. وقد تعرفت به سنة 1967 عندما كنت أقوم بتدريس مادة مقارنة «الأديان» بجامعة هارفارد وكان يتردد علي الجامعة كثيراً كمحاضر في الشئون السياسية.. وقدمت لي صورة لها مع الدكتور بطرس غالي يضع علي رأسه قبعة.. وبدأت تشيد بالمستوي الثقافي الرفيع.. ولاسيما في موضوع مقارنة الأديان التي يتمتع بها الدكتور بطرس غالي.
واستمر حوارنا بضع دقائق مشحونة بكلمات الثناء علي الدكتور بطرس غالي وإتقانه للفرنسية والإنجليزية.. وقالت لي انه يتكلم بعض الألمانية.
لم أكتب هذه الملحوظة في الحديث الذي نشرته معها في مجلة «آخر ساعة» وشاءت الأقدار أن تتداعي ذكريات هذه المتابعة.. بعد أيام من توديعنا.. لهذه العلامة العينية البارزة.. في تاريخنا الحديث الدكتور بطرس غالي.. وهي ذكريات مضت عليها حتي الآن 42 سنة!.
تجارة الحجارة!
الأربعاء:
من المفارقات الطريفة أن تثار في بلدنا ضجة كبري.. مابعدها ضجة.. بعد قيام عدد من الباعة في منطقة الأهرامات بالجيزة ببيع القطع المتناثرة حول الأهرامات لمجموعة من السائحين أبهرتهم الأهرامات وأذهلتهم جمال القطع وجلالها وعراقتها.. وارادوا العودة لبلادهم بقطع صغيرة من الأحجار التذكارية لرحلة العمر.. يضعونها في أماكن بارزة في بيوتهم.. ويقدمونها هدايا للأصدقاء الذين يتشوقون لزيارة الأهرامات.
الباعة يرون في بيع قطع الحجارة.. أداة للكسب والارتزاق علي مثال بقية الحرف.. والسائح يسعد بامتلاك قطعة من الحجارة لا يزيد وزنها علي عدة جرامات يحملها في حقيبة ملابسه.. والقضية كلها عرض وطلب.
وهي ضجة عجيبة وفريدة.. ولا يمكن تصور اندلاعها في بلد غير بلدنا.. الذي ينفرد بكل عجائب الكون.. أثارت غضب وزارة الآثار.. التي كان من المفروض أن تقوم بهذه المهمة من باب تشجيع السياحة.. والحد من احتمالات عرض الأحجار المزورة التي لا تمت للأهرامات بأدني صلة.
كان المفروض أن تتنبه وزارة الآثار لرغبة السائح في الحصول علي قطعة من الحجارة.. ووضع كل قطعة داخل علبة شفافة من البلاستيك محفوراً عليها بكل اللغات.. شهادة رسمية بأن هذه القطعة الحجرية الصغيرة هي قطعة حقيقية من حجارة الأهرامات وانه لم يلحق بها التزييف أو الاحتيال.
وزارة الآثار.. لم تقم لا الآن ولا زمان بهذه المهمة التي تدخل في صميم اختصاصها ونشاطها.. وتركت الأبواب مفتوحة علي مصاريعها.. للباعة البسطاء.. علماً بأن بيع هذه القطع الأثرية الصغيرة.. ليست بدعة.. ولنا في التجربة الألمانية خير مثال علي ما نقول.
وهي تجربة عشتها في برلين يوم 9 نوفمبر 1989 عندما قام عدد هائل من المتظاهرين الذين يطالبون بحرية السفر والتنقل بتحطيم سور برلين في الوقت الذي تدافع فيه الآلاف من المواطنين للحصول علي قطعة تذكارية من حجارته.. والذي كان قد شيدته حكومة ألمانيا الشرقية.. ليحل محله الأسلاك الشائكة التي كانت تفصل بين الألمانيتين «ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية».
كانت حكومة ألمانيا الشرقية قد بدأت في تشييده في 15 أغسطس سنة 1961 ليكرس الانفصال والانقسام بين الدولتين.. ويحول دون اتجاه سيول المهاجرين من شرق البلاد إلي غربها.
كان طول السور يبلغ 111٫6 كيلومتر من الأحجار و55٫7 كيلومتر من الأسلاك الشائكة والأبواب الحديدية.. بارتفاع أربعة أمتار.
المهم ان المتظاهرين استخدموا المعاول في هدم السور في التاسع من نوفمبر 1989 بعد أربعين سنة.. من عمره.. وتحولت حجارته فجأة إلي سوق رائجة لهواة الآثار التاريخية.
وأصبحت أكوام الحجارة الضخمة تتحول إلي قطع صغيرة ومتناهية الصغر يحملها كل متظاهر لإهدائها لجيرانه وأهله وأقاربه الذين لم يشاركوا في عمليات الهدم من باب الذكريات.
وكانت هذه الأحجار بلا هوية.. رسمية.. وبات يختلط فيها الحابل بالنابل بين كونها من أحجار السور أم أنها حجارة من مخلفات البناء إلي أن تدخلت الجهات الرسمية.. وقامت بوضع قطع الحجارة في علب بلاستيكية أنيقة.. وعليها تاريخ بناء السور في 15 أغسطس سنة 1961 وتاريخ هدمه في التاسع من نوفمبر 1989 ومعها اسم الجهة الرسمية التي أصدرتها وجملة «ذكري الأربعين».
ولاتزال هذه العلب البلاستيكية الأنيقة تباع في جميع متاجر ألمانيا الموحدة.. وأتصور أنها تحقق عائداً لا بأس به.. علاوة بالطبع علي الشهادة التي تحملها.. وأنها قطعة من السور الذي كرس الانفصال بين الدولتين لمدة 40 سنة.
هذه التجربة الألمانية تستحق من جانبنا التأمل.. وان تقوم وزارة السياحة بالتعاون مع وزارة الآثار في إعداد مشروع بوضع قطع الحجارة المنتشرة حول الأهرامات داخل علب بلاستيكية أنيقة يمكن إهداؤها للسياح وتزويد سفاراتنا بالخارج بالبعض منها من باب الدعاية لآثارنا الفرعونية وترويجاً للسياحة الثقافية التي تجاهلتها جهاتنا الرسمية لعقود طويلة.. وتركت الحجارة بين أيدي باعة يتنقلون بين السياح تنقل النحل علي الورود والأزهار في الوقت الذي تراقبهم فيه السلطات الرسمية من بعيد وهي تتثاءب وتتمطي.
لقد آن الأوان لنقل تجارة حجارة الأهرامات من القطاع الخاص إلي القطاع العام.. والتوقف عن إثارة الضجيج كلما باع البسطاء حجارة الأهرامات.
حسين السيد
الخميس:
التحليق نحو السماء السابعة عند الاستماع لأغنية عاطفية مشحونة بالمشاعر الجياشة.. يبدأ بالكلمة التي تهز قلب الحجر.. لو يفهمها الخالي.. علي رأي الموسيقار عبدالوهاب.
المتعة تبدأ بالكلمات التي تنقلك إلي عالم من الخيال.. ومن الصور التي يسرح بها خيال المستمع.. يليها اللحن.. ثم الصوت الذي يشدو بالكلمات.
التحليق في سماء المتعة يبدأ من الكلمة.. ومن الصور الذهنية التي تنقلها الكلمات.. فمنذ ساعات حلت ذكري وفاة واحد من ألمع نجوم الكلمات وهو الشاعر الغنائي حسين السيد وكانت مناسبة كي تتحفنا إذاعة الأغاني بسلسلة طويلة من القصائد التي استمعنا إليها بأصوات جميع مطربي عصره.. وفي مقدمتهم موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب الذي شدي له بأغنية «يا مسافر وحدك» و «عاشق الروح» و «علي ايه بتلومني» و «لما بشوفك جنبي.. طيفك ده تملي شاغلني».
كما غنت له شادية سلسلة طويلة من الأغاني.. وكذلك صباح.. وعبدالحليم حافظ الذي غني له أهواك.. إلخ.
أما نجاة الصغيرة فقد شدت له بأشهر أغانيها «ساكن قصادي».
وإلي جانب السلسلة الطويلة من الأغاني التي كتب كلماتها حسين السيد أجرت الإعلامية سونيا محمود حواراً مع أبنائه وأحفاده تحدثوا فيه عن ذكرياتهم مع الراحل العظيم.. وكانت المناسبة فرصة لتقديم العديد من الأغاني التي تعد من التراث الحقيقي للإذاعة المصرية وهو تراث لم نحسن استثماره تارة.. وجري بيع الكثير منه في صفقات تحوم حولها الشبهات.. تارة أخري!.
المهم.. ان اذاعة الأغاني تقوم بجهد مشكور في تقديم التراث الفني لكبار رموز الفن والتلحين والشعراء.. وتنقله للأجيال الجديدة التي لم تعاصر نجوم هذا الزمن الجميل.
ولكن بقيت بعد ذلك أمنية.. وهي التوقف عن المقدمات الطويلة التي تسبق حفلات أم كلثوم كل ليلة.. والتي يلقي فيها مقدم الحفل.. محاضرة مملة يصف فيها المقاعد وأسماء أعضاء الفرقة الموسيقية.. ولا ينقصها سوي إذاعة أسماء جمهور المشاهدين.
شكراً لإذاعة الأغاني وللإعلامية الكبيرة دولت أبوالفتوح.. صاحبة البرنامج الناجح «لسه فاكر؟».. وألف رحمة ونور علي روح الشاعر حسين السيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.