شهدت السنوات الأخيرة طفرة في نشاط الصيرفة الاسلامية علي مستوي العالم حتي تجاوزت ميزانيات المصارف الاسلامية 200 مليار دولار، و يتوقع الخبراء ان تشهد قفزات في حجم تعاملاتها العام القادم بعد أن اعترفت بها العديد من الدول الغربية، علي رأسها انجلترا وألمانيا.... و بالرغم من ذلك فان نسبتها من السوق المصرفي المصري لاتزال 5٪ فقط.. في الوقت ذاته تؤكد دراسات ميدانية أن نسبة كبيرة من غير المتعاملين مع البنوك في السوق المحلي يرجعون السبب في ذلك الي رغبتهم في الحصول علي خدمات متوافقة مع الشريعة! مادامت هناك رغبة و طلب علي الصيرفة الاسلامية فلماذا لا ينمو سوقها في مصر بنفس معدلات نموه في العالم؟ بسنت فهمي الخبيرة المصرفية تقول إن المناخ العام بما فيه من قوانين ونظم عمل لا يسمح للبنوك الإسلامية بالنمو أو التوسع .. بداية من الاشراف و الرقابة فالبنك المركزي لا يوجد به قطاع متخصص في مراجعة أداء البنوك الاسلامية بالرغم من أن معايير الاداء فيها تختلف تماما عن معايير العمل في البنوك التقليدية وبالتالي فان اسلوب الرقابة الموجود غير ملائم لها، و حتي الادوات المطبقة لإدارة السياسة النقدية لا تتناسب مع نظم العمل المتوافقة مع الشريعة فهي جميعا تعتمد علي اسعار الفائدة، وتعطي بسنت مثالا بإدارة السيولة لدي البنوك وتقول في حالة العجز أو الفائض في السيولة لدي البنوك يكون الملجأ الأخير لها هو البنك المركزي من خلال آلية الأنتربنك للاقتراض منه أو الإيداع لديه، هذه الآلية هنا لا تتعامل الا باسعار الفائدة وهو ما يجعل البنوك الاسلامية عاجزة عن الاستفادة بها كذلك أذون الخزانة و السندات الحكومية والتي تعطي حاليا سعر فائدة كبير تستفيد منه البنوك التقليدية، و لكن البنوك الاسلامية لاتستطيع الاستفادة بها، و رغم مطالبة البنوك الاسلامية باصدار الصكوك المتوافقة مع الشريعة والتي تختلف تماما عن السندات التقليدية الا أن مطالبها لم تلق قبولا حتي الآن، و تؤكد بسنت أن مثل هذه العقبات تم التغلب عليها في كثير من دول العالم سواء بايجاد نظام للإنتربنك متوافقة مع الشريعة أو بإصدار الصكوك وغيرها من الأدوات التي تمكن البنوك الاسلامية من ادارة أموالها باسلوب أكثر كفاءة، وتضيف قائلة أن العقبات تمتد الي الهيكل التنظيمي والأسلوب المحاسبي للبنوك الاسلامية فهي بنوك استثمار وينبغي ان يكون لها هيكل تنظيمي مختلف عن البنوك التجارية التقليدية. سيد القصير رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال يري أن عدم نمو الصيرفة الاسلامية في السوق المحلي يرجع بالدرجة الأولي الي عدم وجود وحدة رقابة متخصصة للتعامل معها في البنك المركزي، ويقول ان معايير الرقابة التي تطبق علي البنوك التقليدية لا تناسب عمل البنوك الاسلامية و يعطي مثالا بتملك الأصول و يقول وفقا لمعايير العمل المصرفي المطبقة لا يجوز للبنوك أن تتملك الأصول إلا نتيجة لاستيفاء دين، و ذلك يكون لفترة زمنية محددة وعلي البنوك ان تتخارج منها خلال تلك الفترة.. هذا المعيار يعتبر عائقا للمعاملات الاسلامية فهي في طبيعة عملها تقوم أساسا علي تملك الأصول لتطبيق صيغة المرابحة أو الاستصناع - ثم تتولي بيعها للعميل، و عند حساب السيولة تظهر مشكلة كيف يتم حساب هذه الاصول، ذلك يعني أن هذه البنوك تحتاج أساليب رقابة مختلفة عن البنوك التقليدية ولا بد من العمل علي توفيرها لها، ويضيف رئيس بنك التنمية الصناعية قائلا هناك عقبة أخري تحد من نمو الصيرفة الاسلامية في السوق المحلي وهي عدم تطبيق كافة صيغها، فحتي الآن لا يعرف السوق سوي صيغ محدودة جدا من المعاملات الاسلامية وهي في الاغلب تعتمد علي المرابحة، لابد من تفعيل كافة الصيغ الاسلامية حتي تتمكن البنوك المتعاملة بها من تقديم خدمات تلائم كافة احتياجات عملائها، علي أن توجد هيئة شرعية مركزية بالبنك المركزي تشرف علي البنوك الاسلامية ليطمئن العملاء الي التزامها بالضوابط الشريعة فعلا. د. محمد عبد الحليم عمر استاذ المحاسبة بجامعة الأزهر ورئيس مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي سابقا يطالب بانشاء وحدة متخصصة في البنك المركزي للرقابة علي البنوك الاسلامية ويري ان عدم وجود مثل هذه الوحدة يلعب دورا كبيرا في اعاقة البنوك الاسلامية والحد من نشاطها، و يقول ان العالم كله اعترف بهذه البنوك، وأنشأ وحدات متخصصة للرقابة عليها تراعي طبيعتها الخاصة في العمل، وفي المقابل فان البنك المركزي لدينا يعاملها وفقا لمعايير العمل في البنوك التقليدية، ولا يسمح بمنح رخص لتأسيس بنوك أو فروع للمعاملات الاسلامية، ولا يمنح تراخيص لتقديم أساليب وصيغ جديدة في المعاملات الاسلامية.