تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في نهاية هذا الاسبوع أول اجتماع لها بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، ووضوح الرؤية حول التوجهات الاقتصادية لمصر خلال المرحلة القادمة، فقد بدأ واضحا من جميع تحركات وتصريحات رئيس الجمهورية أنه يسعي إلي تشجيع الاستثمار وإزالة العقبات والعوائق التي تواجهه، كما بدأت تظهر في الافق بوادر استجابة من عدد من الشركات الاجنبية للاستثمار في السوق المحلي، يضاف إلي ذلك اتجاه معدل التضخم الاساسي الذي يرصده البنك المركزي إلي الانخفاض في الشهر الاخير. فهل يمكن ان تتجه لجنة السياسة النقدية في ظل هذه التطورات إلي خفض سعر الفائدة لتشجيع الاستثمار وتخفيف تكلفة تمويل عجز الموازنة العامة؟ اسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الاسبق ورئيس بنك مصر إيران يقول ان لجنة السياسة النقدية أمامها عدة اختيارات وفقا للاوضاع الاقتصادية مثل رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم،ولا ننسي ايضا ان الرفع من شأنه يزيد ميزة الادخار بالجنيه ويمنع احتمالات الدولرة، في المقابل هناك عوامل لا تدعم الاتجاه الي الرفع منها أن اسعار الفائدة علي اليورو والدولار منخفضة وبالتالي فان الفرق الاسمي ( بالرقم المجرد بغض النظر عن القوة الشرائية) لا يزال كبيراً، الامر الذي يحد كثيرا من احتمالات الدولرة، وهناك أيضا عوامل تدعم الاتجاه إلي خفض سعر الفائدة منها الرغبة في تشجيع الاستثمار لزيادة الانتاج، وهناك عجز كبير في الموازنة العامة قد يستدعي خفض سعر الفائدة لأن زيادتها تعني زيادة تكلفة تمويل العجز... فإذا أخذنا في الاعتبار أن سعر الفائدة علي أذون الخزانة انخفض بدرجة طفيفة مؤخرا وأن البنك المركزي قام بتخفيض الاحتياطي الإلزامي علي الودائع لدي البنوك من 14٪ إلي 10٪ وهو ما أتاح سيولة اضافية مجانية للبنوك... عندما نأخذ هذه العوامل في الاعتبار سنجد أنه من الأرجح أن يتم تثبيت سعر الفائدة في الوقت الحالي، ولا داعي للخوف علي الاستثمار لان تكلفة التمويل تمثل نسبة محدودة من تكلفة الانتاج، فهناك تكلفة خامات الانتاج والاجور... وغيرها والتي تمثل التكاليف الاساسية للاستثمار وتؤثر عليه بصورة أكبر من سعر الفائدة. ويميل منير الزاهد رئيس بنك القاهرة أيضا الي تثبيت سعر الفائدة، ويقول أن أسعار الفائدة الحالية تعتبر متوازنة سواء بالنسبة لآليات العرض والطلب أو لظروف السوق، وعجز الموازنة... وغيرها من العوامل الاقتصادية، كما أن السعر الحالي يعتبر داعما للجنيه أمام العملات الأخري، ويري الزاهد أن خفض سعر الفائدة لن يؤدي بالضرورة إلي تشجيع الاستثمار، ويقول في ظل الظروف التي تمر بها البلاد حاليا فإن الاستثمار يتأثر بعوامل أخري أكثر من تأثره بسعر الفائدة، منها الاستقرار والأمن وقبلهما القوي العاملة في المصانع والشركات... فكثير من المصانع الآن علي اختلاف أحجامها تعاني من مشاكل مع العمالة لديها، وهذه المشاكل لا تهدأ ولا تنتهي، وتأخذ صورا مختلفة، تارة تكون إضرابات أو اعتصامات ومطالب فئوية، وأحيانا تصل الي منع العمال الآخرين من العمل... وغير ذلك، فما يظهر في الاعلام هو نسبة ضئيلة من تلك المشاكل.