كتبت الأسبوع الماضي عن عودة المقولة سيئة السمعة " المجلس سيد قراره " الذي ظل البرلمان المصري يرفعه عقودا طويلة للإطاحة بمئات الأحكام القضائية ، ومصادرة القوانين التي تتعارض مع مصالح نواب حزب الأغلبية ، وأشرت إلي ما فعله برلمان الثورة بعد حكم المحكمة الدستورية ببطلان قانون الانتخابات وحل المجلس، وكيف شاهدنا نواب الأحزاب الإسلامية يتبادلون المقاعد مع نواب النظام القديم ، مستخدمين ذات الأساليب، مؤكدين علي أحقية المجلس وحده في إسقاط نفسه ليصبح البرلمان مرة أخري خصما وحكما !! متهمين المحكمة الدستورية بالتواطؤ مع المجلس العسكري علي حل البرلمان !! وللأسف لم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، وإنما تفتق ذهن اللجنة التشريعية علي دعوة نواب المجلس إلي التعامل مع الحكم علي باعتباره كأنه لم يكن ! و لجأت اللجنة لمحكمة القضاء الإداري لإلغاء حكم الدستورية العليا !! وقد قررت المحكمة تأجيل القضية، ولكن السؤال : هل يمكن أن ينهي هذا القرار تلك المهاترات التي لا تليق بطريق بناء دولة ديمقراطية حديثة ؟! أم أن الضغوط التي تمارس علي الرئيس الجديد محمد مرسي يمكن أن تدفعه إلي إلغاء حكم المحكمة الدستورية ، وإعادة المجلس بأغلبيته الإسلامية ؟، ويصبح أول رئيس منتخب خارجا علي الشرعية الدستورية واحترام القانون وأحكام القضاء !! وإذا التزم د.مرسي وسلم بالحكم القضائي هل سيحلف اليمين أمام المحكمة الدستورية،ويصبح رئيسا شرعيا للبلاد أم سيظل يمارس مقابلاته ومشاوراته ويتخذ قرارات دون سند شرعي ودستوري ، أم سيختار الطريق الثالث الذي لا يعبر عن دولة المؤسسات والقانون والحضارة ونري مشهد القسم وحلف اليمين في ميدان التحرير وتصبح سابقة تتندر بها الأجيال القادمة !! وفي حال كان د. مرسي ينحاز لرأي القوي الإسلامية في البرلمان وفرض إراته علي القانون، ولم يقبل حكم الدستورية بحل المجلس ، فماذا سيفعل الرئيس الجديد الذي ينتمي لجماعة الأخوان المحظورة ، إذا صدر حكم قضائي بحل الجماعة ؟!! هل سينصاع الي الحكم القضائي أم أنه مضطر لأن يسدد الفاتورة للجماعة التي وضعته علي مقعد الحكم وأدخلته قصر الرئاسة ويطيح بأحكام القضاء؟!! ويبقي السؤال .. سيادة الرئيس المنتخب من الشعب .. لمن نلجأ إذا اختلفنا معك ؟!! ومن يجيرنا إذا جارت وتغولت علينا سلطتك ، إذا انتهكت القضاء والقانون وفتحت الباب هكذا علي مصراعيه للخروج علي الشرعية وأصبحت مصر بلا معايير قانونية أو ضوابط شرعية ودستورية ؟!!