سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حلفه أمام «الدستورية» يفقده القوى الثورية.. وأمام البرلمان يجعله مخالفًا للقانون سياسيون وقانونيون يدعون الرئيس الجديد للالتزام بأحكام القضاء للخروج من المأزق
لم تهدأ الأوضاع فى مصر بمجرد إعلان تتويج الدكتور محمد مرسى رئيسا للجمهورية فالأزمة التى فرضتها الأوضاع الراهنة تهدد شرعية منصب الرئيس الجديد وتجعل «مرسى» فاقدا لأهليته كرئيس للجمهورية رغم إعلان اللجنة العليا للانتخابات فوزه بفارق يصل إلى 900 ألف صوت عن منافسه الفريق أحمد شفيق. فحملة «مرسى» الانتخابية أعلنت رفضها للإعلان الدستورى المكمل وعدم حلف الرئيس الجديد اليمين أمام المحكمة الدستورية فمرسى يصر على أن يحلف اليمين أمام مجلس الشعب المنحل وعدم الاعتراف بقرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل البرلمان الذى استند إلى حكم المحكمة الدستورية وهو ما يضع منصبه على المحك خاصة أن أساتذة القانون الدستورى أكدوا أن مرسى يبقى الرئيس المنتخب دون أن يمارس أى صلاحيات حتى يحلف اليمين ويتسلم سلطته. ومع رفض مرسى الالتزام بما جاء فى الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل ساعات من انتهاء التصويت فى اليوم الأخير من جولة الإعادة تصبح كل سلطاته مجمدة ورهينة قبوله لحلف اليمين أمام المحكمة الدستورية وهو ما يمكن أن يمثل مأزقًا آخر له. فلو قبل مرسى حلف اليمين أمام الدستورية سيكون ذلك بمثابة قبول للإعلان الدستورى المكمل وهو ما يعنى خسارته للقوى الثورية التى ساندته فى الانتخابات واعتصمت معه فى التحرير على مدار خمسة أيام متتالية ومن الممكن أن تتحول دفة المظاهرات والاعتصامات الرافضة لبقاء المجلس العسكرى فى الحكم ناحية محمد مرسى رئيس الجمهورية باعتبار أن قبوله للإعلان الدستورى يدشن فترة انتقالية جديدة تحت حكم العسكر. وفى الوقت نفسه لو تمسك مرسى بموقفه وقام بحلف اليمين أمام البرلمان المنحل لن يتمكن من ممارسة صلاحياته فى الوقت نفسه على اعتبار أن البرلمان المنحل ليس له وجود وسيكون حلف اليمين غير دستورى ويؤجل تسليم السلطة إلى حين حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية. وهل سندخل من جديد فى دوامة الخلافات القانونية، والمطالب الحزبية واختلاف القوى السياسية أم أن مصر ستطوى صفحة الماضى وتنطلق نحو العمل الجاد برئيس جديد وبعقلية جديدة يمكنها أن تنطلق بمصر الجديدة إلى آفاق المستقبل؟ كل هذه الاسئلة التى تشغل بال وفكر الغالبية العظمى من المصريين حملتها «الوفد» إلى الفقهاء والقانونيين والساسة للتعرف منهم على رؤاهم تجاه هذه المشاكل. من جهته قال أحمد عودة - أستاذ القانون وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد - إن القاعدة الأساسية توضح أن الرئيس المنتخب يؤدى اليمين الدستورية أمام البرلمان، ولكن لا يوجد دستور.. ولا يوجد برلمان أيضًا، ولم يتم حتى الآن وضع دستور للبلاد بعد سقوط دستور 1971، وأضاف أن مجلس الشعب المنتخب صدر حكم المحكمة الدستورية بحله ولم يعد قائما وأوضح أن المجلس العسكرى أراد أن يتدارك هذا النقص بإصدار الإعلان الدستورى التكميلى والذى ينص على أن الرئيس المنتخب يؤدى اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، وقال إن هذا النص هو الأولى بالتطبيق لأنه قائم حتى يلغي، ويتعين تطبيقه احترامًا للسلطة الشرعية الآن فى البلاد، ونظرًا لعدم وجود دستور ولا برلمان، ووصف أداء الرئيس المنتخب اليمين فى الشارع أو فى ميدان التحرير بأنه ينطوى على مزايدة لا داعى لها. وأشار «عودة» إلى أن البيان الذى أصدره المكتب التنفيذى لحزب الوفد منذ ثلاثة أيام يشير إلى ضرورة احترام الشرعية والحفاظ على البلاد، وعدم تعريضها لأزمات أو مخاطر أو انقسامات لا داعى لها. وأشارت الدكتورة فوزية عبدالستار - أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة القاهرة - إلى أنه لا يمكن لأى رئيس دولة يعيش فى دولة قانون أن يؤدى اليمين الدستورية أمام جهة أخرى غير التى حددها الإعلان الدستورى المكمل وهى المحكمة الدستورية العليا، وإذا حدث غير ذلك فإن اليمين تعتبر فى حكم «المنعدمة» ولا يترتب عليها أى أثر يسمح للرئيس بأن يمارس اختصاصاته، وأضافت القرارات التى تصدر عن الرئيس تكون باطلة فى نظر القانون، وقالت لا نريد إطلاقا تشويهًا دستوريًا ينقلنا إلى صراع جديد بين دولة القانون ودولة اللا قانون. حسين عبدالرازق القيادى بحزب التجمع قال: إذا خانه ذكاؤه - يقصد مرسى - ورفض أداء اليمين القانونية أمام المحكمة الدستورية تنفيذا للإعلان الدستورى الذى يحكم البلاد فإنه يغامر بإدخال البلاد فى أزمة حقيقية نتيجة اصطدامه ليس بالمجلس العسكرى فقط وإنما اصطدامه مع الأسس الدستورية التى تحكم البلاد سواء كنا نوافق عليها أو لا. وأشار إلى أن مرسى ليس رئيسا رسميا لمصر وإنما هو رئيس منتخب حتى أداء اليمين القانونية ليصبح رئيسا رسميا. وأضاف: إن المجلس العسكرى يملك السلطة التأسيسية والتى هى سلطة شعبية لأن سلطة التشريع عادت إليه بعد حل مجلس الشعب وحتى إعلان الدستور الجديد. المستشار بهاء أبوشقة نائب رئيس حزب الوفد أشار إلى ضرورة التخلى عن الصراعات والمصالح وأن تعود البلاد إلى حالة الهدوء ونطوى صفحة الماضى حفاظا على المصالح الوطنية، وانقاذ اقتصاد البلاد الذى دخل منطقة الخطر. وطالب نائب رئيس حزب الوفد برفع شعار مصر فوق الجميع ومصر للجميع والابتعاد عن المصالح الخاصة من أجل مصر. وأشار أبوشقة إلى ضرورة احترام أحكام القضاء مضيفًا: لا يمكن أن نلتزم بما يتوافق مع أهوائنا ونرفض ما نختلف عليه وعلينا أن نطمئن الشعب بجميع فئاته وطوائفه حفاظا على مصالح البلاد. المستشار رفعت السعيد رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق ورئيس نادى قضاة أسيوط أوضح أنه سيتم تأجيل تولى مرسى رئاسة مصر حتى أداء اليمين القانونية، وسوف يبقى رئيسا مرشحا لمنصب رئاسة الجمهورية حتى أداء اليمين أمام المحكمة الدستورية. وعن أدائه اليمين أمام مجلس الشعب أوضح السعيد أن مجلس الشعب مات وأن زمن بعث الموتى لم يأت بعد. وأرجع رئيس نادى قضاة أسيوط البلبلة التى تعيشها البلاد إلى رجال القانون الذين يقولون الشيء ونقيضه، وعن الموقف من رفض تنفيذ أحكام القضاء قال: فى حالة امتناع أى موظف عمومى عن تنفيذ أحكام القضاء أو تعطيلها سيكون مصيره العزل من الوظيفة والحبس طبقا للقانون. اللواء فؤاد علام الخبير الأمنى قال لا يمكن لمرسى أن يؤدى عمله إلا بعد أداء اليمين القانونية طبقا للإعلان الدستورى وعليهم أن يطلبوا تفسيرا للحكم من المحكمة الدستورية وهذا أقصى ما يمكن عمله، وأن يكون الإعلان الدستورى محل تفاوض مع المجلس العسكرى فيما بعد. غير أن لعبدالمنعم عبدالمقصود محامى جماعة الإخوان والمستشار القانونى لحملة مرسى رئيساً وجهة نظر أخرى حيث قال إن الرئيس الجديد محمد مرسى سيتوصل إلى قرار نهائى بشأن اليمين الدستورية خلال اليومين القادمين وسيتم مناقشة الموضوع ومعرفة الموقف النهائى منه على ضوء الاحداث الجارية. وأضاف أن مجلس الشعب لم يحل ومنطوق حكم المحكمة الدستورية العليا ليس به حل البرلمان ولذلك فإن الاتجاه الغالب أن يحلف الرئيس الجديد أمام البرلمان طبقا لما ينص عليه الإعلان الدستورى نفسه، فالبرلمان المنتخب من الشعب قائم ولا يوجد ما يمنع من حلف اليمين أمام نوابه. وأشار الدكتور سعد الحسينى القيادى بحزب الحرية والعدالة إلى أن الرئيس المنتخب محمد مرسى سيقوم بحلف اليمين الدستورية أمام البرلمان وأنه لن يتنازل عن هذا المطلب خاصة أننا نرفض الإعلان الدستورى وأضاف نتيجة الانتخابات أسفرت عن إرادة الشعب وتطلعه نحو التغيير والديمقراطية التى أرستها عدالة القضاء المصرى. وأشارت المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية إلى أن الرئيس القادم سيكون فاقداً للأهلية الدستورية منذ اللحظة الأولى إذا لم يقم بحلف اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا وهو ما ينص عليه الإعلان الدستورى المكمل ولا يمارس صلاحياته إلا بعد حلف اليمين. وأكدت أنه وفقاً لقواعد دستورية وقواعد منظمة وشرعية دستورية قائمة ارتضى أن يدخل انتخابات الرئاسة من خلالها وعليه احترامها والا يكون فقد حدوده الدستورية وشرعيته رئيسا للجمهورية منذ اللحظة الأولى. وأكد الدكتور الشافعى بشير أستاذ القانون الدستورى بجامعة الإسكندرية أن الرئيس الجديد إذا لم يحلف اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا لن يتولى منصبه الرئاسى بشكل رسمى وستبقى السلطة فى يد المجلس العسكرى إلى أن يقبل الرئيس المنتخب بما جاء فى الإعلان الدستورى المكمل. وأشار إلى أن مجلس الشعب اصبح باطلاً بقوة القانون ولا عدول عن ذلك ونفس الأمر سينطبق على مجلس الشورى المطعون فى صحته ولا أظن أن مرسى سيتحمل مسئولية عدم تنفيذ القانون فهو عليه أن يخلع نفسه من عباءة حزب الحرية والعدالة وينفذ القانون ويترك رفض الإعلان المكمل لحزبه. وأكد أن المنصب الرئاسى لمرسى ملىء بالالغام وهو يسعى إلى تهدئة الأمور وليس اشعالها واليمين الدستورية أحد الالغام التى ستنفجر فى وجهه لو لم يستجب للقانون ويتسلم السلطة فى مراسم خاصة أمام المحكمة الدستورية. واعترض المستشار أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض السابق على الآراء السابقة مؤكداً أن من حق الرئيس حلف اليمين أمام البرلمان خاصة أن حله غير قانونى ويتطلب إجراء استفتاء على ذلك وتلك هى الثوابت الدستورية فمنطوق الحكم الذى اصدرته المحكمة الدستورية لم ينص على الحل الذى جاء من المجلس العسكرى اعتماداً على تفسير الحكم وهو أمر خاطئ فالعسكر حاولوا امتلاك السلطة ولا يجوز لسلطة أن تقوم على سلطة أخري. وقال الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون الدستورى إن مرسى لن يصبح رئيساً إلا إذا حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا وإذا لم يفعل ذلك لن يبقى رئيساً ولا يستطيع أن يمارس سلطاته الفعلية فالإعلان الدستورى المكمل سارٍ من لحظة صدوره وينص على ذلك وحتى لو كان هناك اعتراض عليه فلابد أن يلتزم به احتراما لدولة القانون والدستور. وأشار الناشط والمحامى عصام الإسلامبولى إلى أن حكم حل البرلمان صدر ونفذ بالفعل وأصبح البرلمان منحلا بحكم المحكمة الدستورية ولا يجوز أن يحلف مرسى اليمين أمامه وهو تحدٍ للإعلان الدستورى وربما تكون اليمين الدستورية هى بداية الصراع القائم بين الرئيس والمجلس العسكري. وأشار إلى أن اقتراح حلف مرسى اليمين فى التحرير اقتراح شعبى لكن يجب أن يلتزم مرسى بأحكام القضاء إلى أن يتم تعديل الحكم بموجب حكم آخر ولا يجوز بعد انتخاب رئيس جمهورية جديد أن يبدأ مهامه بمخالفة القانون وتلك بداية غير موفقة.