أمين اتحاد دول حوض النيل يدعو للاستثمار في أفريقيا |خاص    حزب الإصلاح والنهضة: نؤيد استقرار النظام النيابي وندعو لتعزيز العدالة في الانتخابات المقبلة    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة: لا عودة للمستشفيات دون ضمانات أممية    عمرو أدهم :الزمالك أرسل رده للمحكمة الرياضية بشأن شكوى بيراميدز بسبب لقاء القمة    موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد عدة أيام.. الأرصاد الجوية تحذر وتكشف التفاصيل    بين الفرص والمخاطر| هل الدعم النفسي بالذكاء الاصطناعي آمن؟    القاهرة 36 درجة.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد غدًا    مروة ناجي تُجسد «الست» في عرض بصري مبهر يعيد سحر أم كلثوم للقاهرة    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    إيفاد قافلتين طبيتين لمرضى الغسيل الكلوي في جيبوتي    تقديم الخدمة الطبية ل 1460 مواطنًا وتحويل 3 حالات للمستشفيات بدمياط    ندوة توعوية موسعة لهيئة التأمين الصحي الشامل مع القطاع الطبي الخاص بأسوان    وزير الشؤون النيابية يهنئ وزيرة البيئة بأمانة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    انتهاء الاختبارات العملية والشفوية لطلاب كلية العلوم الرياضية    مسؤولة أوكرانية تدعو لإعداد الأطفال لحرب طويلة مع روسيا    جوارديولا: مواجهة فولهام معقدة.. وهدفنا حسم التأهل الأوروبى    ترامب يهدد بفرض 25% رسوما جمركية على منتجات آبل في هذه الحالة    توجيهات بسرعة الانتهاء من تطوير شارع «سوهاج- أسيوط» بنهاية الشهر الجاري    ماريسكا: لا أشك في قدرتنا على التأهل لأبطال أوروبا    المشاط: الاستقرار الاقتصادي ضرورة لدفع النمو لكنه لا يكفي بدون إصلاحات لتمكين القطاع الخاص    ننشر مواصفات امتحان العلوم للصف السادس الابتدائي الترم الثاني    بدون خبرة.. "الكهرباء" تُعلن عن تعيينات جديدة -(تفاصيل)    قصور الثقافة تعرض مسرحية تك تك بوم على مسرح الأنفوشي    "طلعت من التورتة".. 25 صورة من حفل عيد ميلاد اسماء جلال    الكيلو ب 225 جنيها.. طرح خراف حية قبل عيد الأضحى بالأقصر    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    بينها عيد الأضحى 2025.. 13 يوما إجازة تنتظر الموظفين الشهر المقبل (تفاصيل)    ضبط مدير مسئول عن شركة إنتاج فنى "بدون ترخيص" بالجيزة    فيديوجراف| 3 أسرار تكشف حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    عاجل حماس ترحب ببيان قادة بريطانيا وفرنسا وإسبانيا: خطوة نحو كبح العدوان الصهيوني على غزة    شرطة الاحتلال تعتقل 4 متظاهرين ضد الحكومة بسبب فشل إتمام صفقة المحتجزين    أسعار الحديد والأسمنت اليوم فى مصر 23-5-2025    استمرار تدفق الأقماح المحلية لشون وصوامع الشرقية    أرني سلوت ينتقد ألكسندر أرنولد بسبب تراجع مستواه في التدريبات    وفد الصحة العالمية يزور معهد تيودور بلهارس لتعزيز التعاون    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة وسط استعدادات مكثفة (صور)    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    المشروع x ل كريم عبد العزيز يتجاوز ال8 ملايين جنيه فى يومى عرض    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    وزير التعليم العالى يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين جامعتى إيست لندن إيست كابيتال    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    الهلال يفاوض أوسيمين    مصادر عسكرية يمينة: مقتل وإصابة العشرات فى انفجارات في صنعاء وسط تكتّم الحوثيين    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    شاكيرا تتصدر تريند جوجل بعد سقوطها المفاجئ على المسرح في مونتريال وتعاملها المبهر مع الموقف    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    يرغب في الرحيل.. الزمالك يبحث تدعيم دفاعه بسبب نجم الفريق (خاص)    موعد نهائي كأس أفريقيا لليد بين الأهلي والزمالك    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رهان الأمل
نشر في أخبار اليوم يوم 23 - 06 - 2012

في زيارته للولايات المتحدة سأل الضيف الإنجليزي مرافقه الأمريكي: كيف يمكن أن تتحمل أن تحكم بواسطة أناس لا يمكنك أن تحلم بدعوتهم إلي العشاء؟ فجاء رد الأمريكي: وكيف يمكنك أن تتحمل أنت أن تحكم من قبل أناس لا يمكن أن تتصور انهم يدعونك إلي العشاء؟ ذاك الحوار ذكره عالم الاجتماع البريطاني الشهير، »انتوني جيدنز«، في اطار تأكيده ان الديمقراطية، بوصفها نسقا ينطوي علي المنافسة الفعالة بين الأحزاب، لا تعتمد علي فكرة الكل أو اللاشيء، بمعني ان المنظومة الديمقراطية محكومة بضرورة الاعراض عن التفكير في ممارسات الهيمنة، والاستحواذ، والاحتكار، وكل تصور يقوم علي آليات الاقصاء، التي تعد من ثوابت محظورات المنظومة الديمقراطية، ويشكل خرقها معني اندحارها.
ويؤكد الفيلسوف الفرنسي المناهض للشمولية »كلود لوفور«، ان السلطة الديمقراطية غير قابلة للامتلاك، انطلاقا من ان الدستور المعرفي للمنظومة الديمقراطية، يؤكد ان مهمة ممارسة السلطة السياسية الديمقراطية يقيدها التداول، وترتهن بزمن مؤقت، وبموجب هذا الاعتبار، فهي ليست امتيازا وراثيا، أو امتلاكا شخصيا لمن يمارسها، لذا فإن الأحزاب الديمقراطية تسعي إلي الحكم، لكنها لا تسعي إلي امتلاكه. ان رهان الشرط المبدئي الذي لا يمكن استبداله، ويستوجبه المعني الجوهري للديمقراطية، انها تنتظم وتتأسس علي قاعدة »سيادة الشعب«، المسكونة بتفعيل صيغة الحياة السياسية الديمقراطية، التي في ظلها يمارس المواطنون حرياتهم المكفولة، لذا لا يخال أحد ان من الممكن للديمقراطية وفقا لشرطها الجوهري اللازم لوجوبها، كما يؤكد كلود لوفور ان تستند إلي هيئة تجسد مصدر سلطتها، علي غرار ما يجري عليه الأمر في ظل نظام »الحكم الفردي«، اذ يضطلع بهذه المهمة »الملك«، أو »الحاكم بالوراثة«، وذلك ما يؤكد ان ثمة حدودا حاسمة، تتطلبها طبيعة النظام الديمقراطي تفعيلا لحرية مجتمعه، الذي يصفه »كلود لوفور« بأنه المجتمع غير القابل للاستحواذ، أو الحجر عليه، بل غير القابل لأن تتحكم به يد عليا واحدة، كما ان الدولة بمؤسساتها كافة التي تؤمن اختصاصاتها وثيقة الحقوق والضمانات، تتبدي بوصفها مؤسسة رمزية، تستعصي علي الامتلاك من قبل حزب واحد، أو فرد واحد، لأنها تعني الجميع بدوام احتضانها ارادات أفرادها، وضمانتها لحرياتهم، بمدلول العمومية، وهي الخاصية الجوهرية للدولة، وأية محاولة للخلط بين الحزب والدولة، تعد انقلابا علي الديمقراطية، التي تشكل مبادئ المواطنة محركا لها، ولا تزحف علي امتدادها السياسي نزاعات أهلية، أو دينية، أو طائفية، أو عرقية تفكك مكونها الوطني.
ان »انتوني جيدنز« قد اتخذ مسافة نقدية من حالات النكوص الديمقراطي عالميا، مستقرنا أوضاعها، مستنطقا أسبابها العامة، لذا راح يسأل: كيف يمكن الحفاظ علي الديمقراطية؟ وتدبر الرجل إجابة سؤاله، التي تبدت عند تأملها انها تنطلق من ضرورة اخصاب الواقع، بالتصدي للأعراض النافية لفعالية الديمقراطية، وذلك بتعميق ممارسة الديمقراطية نفسها، وقد أطلق علي وصفته تلك مصطلح »دمقرطة الديمقراطية«، حيث تقتضي التأسيس لمعايير وقائية، تعدل من دعائم معمار المنظومة الديمقراطية المأزومة. وقد طرح الرجل مجالات متعددة، نذكر منها مثلا، ما أشار إليه من ان مفهوم دمقرطة الديمقراطية، يعني وجود توزيع فعال للقوة، وأيضا يعني وجود اجراءات حاسمة للشفافية السياسية، واجراءات مضادة للفساد عند المستويات كافة، حتي وان تطلب ذلك اصلاحا دستوريا، وكذلك يعني رعاية ثقافة مدنية تواجه التنميط والنكوص، وتؤسس لوعي إنساني بالحقوق، كما يعني احياء ثقافة المجتمع المدني، فضلا عن تفعيل ايجابية تواصل الأحزاب السياسية مع مجتمعها، جذبا للجماعات، والتعاون معها تحقيقا للمصالح العامة. لكن الرجل يدين الظاهرة الإعلامية في علاقتها بالديمقراطية، وكأنها علاقة ملغومة، خاصة التليفزيون الذي يتهمه بتدمير مجال الحوار العام، من خلال التقليل من قيمة القضايا السياسية، واضفاء الطابع الشخصي، مشيرا إلي ايجابية تأثير تطور وسائل الاتصالات الجماعية، الذي أدي إلي نمو شبكة العلاقات البشرية علي المستوي العالمي، ونشوء مجتمع المعلومات الكوني، بتدفقاته المتجددة لمعارف، ومعلومات، وسعت نطاق الممارسات الديمقراطية، غير ان الرجل يري في نمو شركات الإعلام المتعددة الجنسيات منزلقا جارفا، يسمح لأرباب الأعمال الكبار غير المنتخبين بامتلاك القدر الكبير من القوة، المقترنة بتحكمهم في مدارك الناس، بالمخالفة للممارسات الفعلية للسياسات الديمقراطية، التي تفترض وجود مجتمع قومي محكوم ذاتيا، وقادر علي صياغة السياسات التي تهمه، والرجل بذلك يكشف اختراقات الشركات المتعددة الجنسيات وليدة العولمة، التي تحت تأثيرها، أصبحت سيادة الدولة غير واضحة، حيث تتبدي تلك الشركات بوصفها شريكا جامحا لشرعية الدولة القومية في صنع قراراتها، لذا فهو يري أمام هذا التناقض الصارخ ضرورة ألا تكون مواجهة هذه القوة أمرا متروكا لسياسة الدولة القومية وحدها. ولأن الرجل لا تحكمه آليات التفكير الحدي، فهو من جانب، لا يقبل بزوال الحكومات الوطنية، لكنه من جانب آخر علي يقين بأن الدولة القومية ستقوي وتدوم في ظل العولمة، بتطويرها لمعالم، ومسالك إعادة بناء هويتها، لذا فإنه يري ان تلك التناقضات الاجرائية تتجلي أهم محاور مواجهتها في استمرار توالي دمقرطة الديمقراطية، التي رهانها ان اتساع نطاق الديمقراطية مرتبط بالتغيير البنائي في المجتمع العالمي. ان الرجل لا يهرب من الاختلافات والتناقضات، بل بمواجهتها في سياق إيمانه العميق بضرورة توسيع نطاق الديمقراطية علي المستويات كافة، وهو ما يراه أمرا يستحق النضال ويستوجبه، بل انه مستوف لممكنات تحقيقه، اذ ان عالمنا المنفلت كما يقرر الرجل لا يتطلب قدرا أقل من الحكم، بل يتطلب مزيدا من الحكم، ولا يمكن ان يقوم بهذا العبء إلا مؤسسات ديمقراطية. تري هل صحيح القول بأن يجب: »ألا يكذب الأمل في العالم، أمر يتوقف علينا«؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.