جامعة أسيوط تنظم ورشة عمل بعنوان "مهارات القيادة"    إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    محافظ الغربية يوجه بالدفع بعدد سيارات إضافي لنقل المواطنين لمنازلهم بعد سقوط الأمطار    دول الاتحاد الأوروبي تسعى إلى تشديد القواعد الخاصة بطالبي اللجوء    حزب المؤتمر: لقاء السيسي وحفتر يؤكد ثبات الموقف المصري الداعم لليبيا ورفض التدخلات الخارجية    اتهامات تجسس تهز التعاون العسكري.. توتر غير مسبوق بين واشنطن وتل أبيب داخل قاعدة كريات جات    أمير قطر: مباحثات الرياض فرصة لاستعراض آفاق الشراكة الاستراتيجية    هل يعود زيدان لتدريب ريال مدريد؟    إنجاز أممي جديد لمصر.. وأمل مبدي: اختيار مستحق للدكتور أشرف صبحي    التعاون الإسلامي تُنظّم منتدى "تطوير التكنولوجيات في مجال الثقافة" ضمن فعاليات أسبوع باكو الإبداعي 2025    منزل عبد الحليم يفتح أبوابه رقميا.. موقع جديد يتيح للزوار جولة افتراضية داخل إرث العندليب    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الصحة يبحث مع الأوروبي للاستثمار إطلاق مصنع لقاحات متعدد المراحل لتوطين الصناعة في مصر    وزير إسكان الانقلاب يعترف بتوجه الحكومة لبيع مبانى "وسط البلد"    رابطة الأندية تكشف عقوبات مباراة بتروجت وبيراميدز    فرانكفورت يستعيد نجمه قبل مواجهة برشلونة    : تأجيل قضية سارة خليفة وطلب فحص نفسي    وزير الزراعة يكشف تفاصيل جديدة بشأن افتتاح حديقة الحيوان    بعد ساعتين فقط.. عودة الخط الساخن ل «الإسعاف» وانتظام الخدمة بالمحافظات    مدرب إنتر ميلان: ليفربول قادر على تعويض صلاح وسيحافظ على مستواه العالي    وزير العدل يترأس الاجتماع الثالث عشر للجان الوطنية العربية للقانون الدولي الانساني    عرض كامل العدد لفيلم غرق بمهرجان البحر الأحمر السينمائى    الكواليس الأولى من مسلسل «على قد الحب» ل نيللي كريم في رمضان 2026 | صور    نتنياهو يجتمع بترامب في 29 ديسمبر خلال زيارته إلى الولايات المتحدة    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    السيدة زينب مشاركة بمسابقة بورسعيد لحفظ القرآن: سأموت خادمة لكتاب الله    سعر الذهب عيار 21 مستهل التعاملات المسائية    وزير الصحة يتابع تطورات الاتفاقيات الدولية لإنشاء مصنع اللقاحات متعدد المراحل    أمين الأعلى للمستشفيات الجامعية يتفقد عين شمس الجامعي بالعبور ويطمئن على مصابي غزة    حدث في بريطانيا .. إغلاق مدارس لمنع انتشار سلالة متحولة من الإنفلونزا    فرقة القاهرة للعرائس المصرية تكتسح جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي ال15 للتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية    نادي قضاة المنيا يستعد لتشييع جثامين القضاة الأربعة ضحايا حادث الطريق الصحراوي    وكيل تعليم بني سويف تبحث استعدادات امتحانات نصف العام لسنوات النقل والشهادة الإعدادية    تداول 5801 شاحنة للبضائع والحاويات في ميناء دمياط    قطاع الأخبار بموسكو يرصد تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس النواب    «القومي للمرأة» يعقد ندوة حول حماية المرأة من مخاطر الإنترنت    بسام راضي يشرح موقف مصر من سد النهضة أمام المؤتمر الدولي للمياه بروما    رئيس جامعة كفر الشيخ: ندعم مهارات طلاب الجامعة الأهلية لمواكبة التطورات    مصدر بالزمالك: تصريحات وزير الإسكان تسكت المشككين.. ونسعى لاستعادة الأرض    تعليق ناري من محمد فراج على انتقادات دوره في فيلم الست    البورصة تخسر 14 مليار جنيه في ختام تعاملات اليوم    حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية    محافظ جنوب سيناء وسفراء قبرص واليونان يهنئون مطران دير سانت كاترين بذكرى استشهاد القديسة كاترينا    موجة تعيينات قضائية غير مسبوقة لدفعات 2024.. فتح باب التقديم في جميع الهيئات لتجديد الدماء وتمكين الشباب    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    أمطار شتوية مبكرة تضرب الفيوم اليوم وسط أجواء باردة ورياح نشطة.. صور    وزارة العمل تحتفي باليوم العالمي لذوي الإعاقة بجمعية المكفوفين    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    كامل الوزير يوجه بإنشاء محطة شحن بضائع بقوص ضمن القطار السريع لخدمة المنطقة الصناعية    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    هويلوند: نصائح كونتي قادتني لهز شباك يوفنتوس مرتين    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رهان الأمل
نشر في أخبار اليوم يوم 23 - 06 - 2012

في زيارته للولايات المتحدة سأل الضيف الإنجليزي مرافقه الأمريكي: كيف يمكن أن تتحمل أن تحكم بواسطة أناس لا يمكنك أن تحلم بدعوتهم إلي العشاء؟ فجاء رد الأمريكي: وكيف يمكنك أن تتحمل أنت أن تحكم من قبل أناس لا يمكن أن تتصور انهم يدعونك إلي العشاء؟ ذاك الحوار ذكره عالم الاجتماع البريطاني الشهير، »انتوني جيدنز«، في اطار تأكيده ان الديمقراطية، بوصفها نسقا ينطوي علي المنافسة الفعالة بين الأحزاب، لا تعتمد علي فكرة الكل أو اللاشيء، بمعني ان المنظومة الديمقراطية محكومة بضرورة الاعراض عن التفكير في ممارسات الهيمنة، والاستحواذ، والاحتكار، وكل تصور يقوم علي آليات الاقصاء، التي تعد من ثوابت محظورات المنظومة الديمقراطية، ويشكل خرقها معني اندحارها.
ويؤكد الفيلسوف الفرنسي المناهض للشمولية »كلود لوفور«، ان السلطة الديمقراطية غير قابلة للامتلاك، انطلاقا من ان الدستور المعرفي للمنظومة الديمقراطية، يؤكد ان مهمة ممارسة السلطة السياسية الديمقراطية يقيدها التداول، وترتهن بزمن مؤقت، وبموجب هذا الاعتبار، فهي ليست امتيازا وراثيا، أو امتلاكا شخصيا لمن يمارسها، لذا فإن الأحزاب الديمقراطية تسعي إلي الحكم، لكنها لا تسعي إلي امتلاكه. ان رهان الشرط المبدئي الذي لا يمكن استبداله، ويستوجبه المعني الجوهري للديمقراطية، انها تنتظم وتتأسس علي قاعدة »سيادة الشعب«، المسكونة بتفعيل صيغة الحياة السياسية الديمقراطية، التي في ظلها يمارس المواطنون حرياتهم المكفولة، لذا لا يخال أحد ان من الممكن للديمقراطية وفقا لشرطها الجوهري اللازم لوجوبها، كما يؤكد كلود لوفور ان تستند إلي هيئة تجسد مصدر سلطتها، علي غرار ما يجري عليه الأمر في ظل نظام »الحكم الفردي«، اذ يضطلع بهذه المهمة »الملك«، أو »الحاكم بالوراثة«، وذلك ما يؤكد ان ثمة حدودا حاسمة، تتطلبها طبيعة النظام الديمقراطي تفعيلا لحرية مجتمعه، الذي يصفه »كلود لوفور« بأنه المجتمع غير القابل للاستحواذ، أو الحجر عليه، بل غير القابل لأن تتحكم به يد عليا واحدة، كما ان الدولة بمؤسساتها كافة التي تؤمن اختصاصاتها وثيقة الحقوق والضمانات، تتبدي بوصفها مؤسسة رمزية، تستعصي علي الامتلاك من قبل حزب واحد، أو فرد واحد، لأنها تعني الجميع بدوام احتضانها ارادات أفرادها، وضمانتها لحرياتهم، بمدلول العمومية، وهي الخاصية الجوهرية للدولة، وأية محاولة للخلط بين الحزب والدولة، تعد انقلابا علي الديمقراطية، التي تشكل مبادئ المواطنة محركا لها، ولا تزحف علي امتدادها السياسي نزاعات أهلية، أو دينية، أو طائفية، أو عرقية تفكك مكونها الوطني.
ان »انتوني جيدنز« قد اتخذ مسافة نقدية من حالات النكوص الديمقراطي عالميا، مستقرنا أوضاعها، مستنطقا أسبابها العامة، لذا راح يسأل: كيف يمكن الحفاظ علي الديمقراطية؟ وتدبر الرجل إجابة سؤاله، التي تبدت عند تأملها انها تنطلق من ضرورة اخصاب الواقع، بالتصدي للأعراض النافية لفعالية الديمقراطية، وذلك بتعميق ممارسة الديمقراطية نفسها، وقد أطلق علي وصفته تلك مصطلح »دمقرطة الديمقراطية«، حيث تقتضي التأسيس لمعايير وقائية، تعدل من دعائم معمار المنظومة الديمقراطية المأزومة. وقد طرح الرجل مجالات متعددة، نذكر منها مثلا، ما أشار إليه من ان مفهوم دمقرطة الديمقراطية، يعني وجود توزيع فعال للقوة، وأيضا يعني وجود اجراءات حاسمة للشفافية السياسية، واجراءات مضادة للفساد عند المستويات كافة، حتي وان تطلب ذلك اصلاحا دستوريا، وكذلك يعني رعاية ثقافة مدنية تواجه التنميط والنكوص، وتؤسس لوعي إنساني بالحقوق، كما يعني احياء ثقافة المجتمع المدني، فضلا عن تفعيل ايجابية تواصل الأحزاب السياسية مع مجتمعها، جذبا للجماعات، والتعاون معها تحقيقا للمصالح العامة. لكن الرجل يدين الظاهرة الإعلامية في علاقتها بالديمقراطية، وكأنها علاقة ملغومة، خاصة التليفزيون الذي يتهمه بتدمير مجال الحوار العام، من خلال التقليل من قيمة القضايا السياسية، واضفاء الطابع الشخصي، مشيرا إلي ايجابية تأثير تطور وسائل الاتصالات الجماعية، الذي أدي إلي نمو شبكة العلاقات البشرية علي المستوي العالمي، ونشوء مجتمع المعلومات الكوني، بتدفقاته المتجددة لمعارف، ومعلومات، وسعت نطاق الممارسات الديمقراطية، غير ان الرجل يري في نمو شركات الإعلام المتعددة الجنسيات منزلقا جارفا، يسمح لأرباب الأعمال الكبار غير المنتخبين بامتلاك القدر الكبير من القوة، المقترنة بتحكمهم في مدارك الناس، بالمخالفة للممارسات الفعلية للسياسات الديمقراطية، التي تفترض وجود مجتمع قومي محكوم ذاتيا، وقادر علي صياغة السياسات التي تهمه، والرجل بذلك يكشف اختراقات الشركات المتعددة الجنسيات وليدة العولمة، التي تحت تأثيرها، أصبحت سيادة الدولة غير واضحة، حيث تتبدي تلك الشركات بوصفها شريكا جامحا لشرعية الدولة القومية في صنع قراراتها، لذا فهو يري أمام هذا التناقض الصارخ ضرورة ألا تكون مواجهة هذه القوة أمرا متروكا لسياسة الدولة القومية وحدها. ولأن الرجل لا تحكمه آليات التفكير الحدي، فهو من جانب، لا يقبل بزوال الحكومات الوطنية، لكنه من جانب آخر علي يقين بأن الدولة القومية ستقوي وتدوم في ظل العولمة، بتطويرها لمعالم، ومسالك إعادة بناء هويتها، لذا فإنه يري ان تلك التناقضات الاجرائية تتجلي أهم محاور مواجهتها في استمرار توالي دمقرطة الديمقراطية، التي رهانها ان اتساع نطاق الديمقراطية مرتبط بالتغيير البنائي في المجتمع العالمي. ان الرجل لا يهرب من الاختلافات والتناقضات، بل بمواجهتها في سياق إيمانه العميق بضرورة توسيع نطاق الديمقراطية علي المستويات كافة، وهو ما يراه أمرا يستحق النضال ويستوجبه، بل انه مستوف لممكنات تحقيقه، اذ ان عالمنا المنفلت كما يقرر الرجل لا يتطلب قدرا أقل من الحكم، بل يتطلب مزيدا من الحكم، ولا يمكن ان يقوم بهذا العبء إلا مؤسسات ديمقراطية. تري هل صحيح القول بأن يجب: »ألا يكذب الأمل في العالم، أمر يتوقف علينا«؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.