يُعدّ "الإمام محمد عبده" واحدًا من أبرز المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث، وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة ، فقد ساهم بعلمه ووعيه واجتهاده في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لعدة قرون، كما شارك في إيقاظ وعي الأمة نحو التحرر، وبعث الوطنية، وإحياء الاجتهاد الفقهي لمواكبة التطورات السريعة في العلم، ومسايرة حركة المجتمع وتطوره في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية. في دراسة بحثية لفكر الإمام محمد عبده صدر عن الهيئة العامة للكتاب كتاب جديد للدكتور عبد العاطي محمد أحمد تحت عنوان (الفكر السياسي للإمام محمد عبده ) يتناول فيها الربط بين الفكر المصري والفكر الغربي الاوروبي ، كما ميز الباحث بين العقيدة والفكر الاسلامي، فالفكر الاسلامي هو نتاج القراءة البشرية لنصوص العقيدة التي لا تتغير، ففي الأبواب الثلاثة التي يحتوي عليها الكتاب، يتناول الباب الأول الإطار الاجتماعي والفكري حيث كانت القضية الأساسية في فكره هي تجديد الفكر الاسلامي باعتباره المصدر الرئيسي للنظام الفكري الذي ساد مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية في مصر. بمعني إحداث نمط جديد من التفكير يستند إلي العقل وفهم الأصول الدينية للإسلام علي عكس ما ساد من جمود وتقليد نتيجة لقفل باب الاجتهاد والحجر علي الحرية الفكرية. أما الباب الثاني يتحدث فيه عن الفكر السياسي للإمام محمد عبده وظاهرة السلطة وطبيعتها والحكم في الإسلام ، وهل رأي الإمام وجود سلطتين في الإسلام أحداهما دينية وأخري دنيوية أم لا؟ ومن البحث يتوصل الإمام إلي القول بأن مبادئ الإسلام كما جاءت بها الرسالة تفرض التزاما بتطبيقها من جانب من يملك حق الحكم والسيطرة والنفوذ ولكنها لا تكون أبدا ذريعة لقيام حكم ثيوقراطي، وعلي الحكومة أن تسعي إلي تطبيق هذه المبادئ من خلال الظروف السائدة والواقع القائم في المجتمع، أي أن تصطبغ أعمالها بالطابع المدني. بمعني آخر أن الحكومة في الإسلام ليس لها طابع ديني وإنما لها وظيفية دينية تتحدد في الحفاظ علي القيم والمبادئ العامة للإسلام. و في الباب الثالث يتناول المؤلف تقييم أفكار الإمام حيث بين الانسجام الداخلي فيما بينها، وإنها تشمل علي جانبين أساسيين هما الجانب التجديدي والثاني باب اجتهاد. حيث زاوج الإمام بين الجانبين مما أثار جدلا واسع النطاق بين المفكرين. مذكراته وعلي صعيد السلاسل الادبية صدر ايضا عن هيئة الكتاب تحت سلسلة "أدباء القرن العشرين " كتاب عن الامام محمد عبده" وهو عبارة عن مذكرات الامام محمد عبده بتقديم للكاتب الصحفي الكبير طاهر الطناحي، وهو الكتاب الثالث من مجموعة كتب لتراث الامام محمد عبده قدمها الطناحي عنه والذي عني فيه بحياته الوطنية والسياسية وإصلاحه الديني والاجتماعي وهي مكتوبة بقلم الامام ولذا فقد اعتبرت مذكرات وليست كتابات عنه وإنما هي مذكراته التي خطها بقلمه ، جاء في الفصل الأول سيرة الامام منذ ولادته الي اول لقاء له مع الثائر الوطني جمال الدين الافغاني مرورا بالحديث عن سيرته ونشأته وتربيته الازهرية وتأتي في سطور كتابه الاولي كلمات تلخص فكره حيت كتب يقول: ارتفع صوتي بالدعوة الي أمرين عظيمين.. الاول تحرير الفكر من قيد التقليد وفهم الدين علي طريقة سلف الأمة، واعتباره من ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله لتتم حكمة الله في حفظ العالم الانساني . اما الأمر الثاني فهو اصلاح اساليب اللغة العربية في التحرير. ويقول الامام محمد عبده وهناك أمر ثالث كنت من دعاته والناس جميعا في عمي عنه وهو: التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة علي الشعب، وما للشعب من حق العدالة علي الحكومة. اما الفصل الثاني من الكتاب يحتوي علي حياته السياسية في عهد الخديو محمد توفيق في اول عهده ثم ضعف توفيق ونفوذ الاجانب، ووزارة مصطفي رياض وأعماله الوطنية وإصلاح الاستاذ الامام بالجريدة الرسمية. وإصلاح نظام العسكرية من التعليم والمعرفة. ثم جاء الفصل الثالث يحمل تاريخ فترة حكومة توفيق قبل الثورة ورياض باشا بمحاسنه ومآخذه ثم اعمال توفيق التي ادت للثورة العرابية التي يفرد لها الفصل الرابع من مذكرات الامام محمد عبده موضحا فيه اسبابها ونتائجها والدسائس التي ادت الي فشلها.. ان كتابة مذكرات الامام محمد عبده تعني تاريخ مصر في تلك الفترة التي عاشها مناضلا واعيا يدعو الي الاصلاح وتحرير العقول والفكر.. ان هذه المذكرات صورة صادقة للحياة الوطنية والسياسية لهذا الامام الكبير كما يقول الكاتب الصحفي طاهر الطناحي في مقدمة الكتاب ولان من حق هذا الجيل ان يقف علي حياة هذا الامام العظيم الذي احدث في بلادنا العربية والإسلامية عدة مدارس في الاصلاح الديني والسياسي والاجتماعي وأيقظ الامة الاسلامية من غفلتها ودفعها في طريق الوعي القومي والرقي الانساني خطوات الي الامام.