عمي وتاج راسي كامل الشناوي لا أستطيع أن أنسي زياراته لنا ونحن أطفال صغار وكنا في حقيقة الحال شياطين في ثوب بريء نبدو أطفالا ولكننا كنا نحفظ كل قاموس حارة رابعة وربما ساهمنا في إضافة الكثير إليه بفضل تشجيع السعدني الكبير لنا.. هالة شقيقتي الكبري وأنا.. وكان عم كامل الشناوي يتقي شر لساني فإذا زارنا يحمل معه هدايا ولعبا لا مثيل لها.. كنت أحتفظ بلبس المقاتل الروماني الذي كان أجمل هدية تلقيتها في كل سنوات طفولتي وعندما جاء عم كامل ليمنحني هذه الهدية التي هبطت إليّ من السماء قال: أنا جبت لك الهدية دي بشرط.. انك تحلف عمرك ماح تشتمني تاني.. ولكن لأن الطبع يغلب التطبع فقد اندفع مدفع رشاش تجاه عم كامل فسقط من الضحك هو والولد الشقي.. وقال العم كامل الواد ده عامل زي فلان الفلاني.. وذكر اسم كبير في عالم الصحافة.. بس فلان تدي له قرش يسكت.. لكن الواد ده تدي له قرش يشتم.. وذات يوم سحبني الولد الشقي لكي نسلم علي عمي كامل الشناوي في قصر العيني ونحن في عربة السعدني الفولكس فاجن الزرقاء ونصحه العم صلاح بأن يتركني معه.. وكان عم كامل قد ذهب للقاء ربه.. ومع انني كنت صغيرا في السن إلا ان كلماته لاتزال ترن في أذني.. فقد كان يركب معنا سيارة السعدني الصغير وذات يوم قال: يا محمود ابقي امسح ازاز العربية يا أخي انت بتسوق وهو بالوساخة دي ازاي؟!.. فضحك السعدني وقال: الازاز أصلا مش موجود ياعم كامل. فضحك كامل الشناوي وقال.. يبقي امسح الهوا يا أخي.. وذات مرة رفض كامل بيه ان يركب سيارة السعدني وهو يقول: حد يركب صفيحة زبالة برغبته.. وهو يستدرج عم كامل قال السعدني: ح أنفضها بس اركب ياعمنا.. وبعد ان نزل عم كامل من السيارة أمسك بورقة ولصقها علي الزجاج الخلفي للسيارة الفولكس.. مكتوب عليها.. ممنوع التبول.. بأمر الحكومة!! وكان عم كامل كلما أراد ترويضي يقول.. انت بتحب مين أكتر مني.. فأقول عبدالحليم حافظ.. فيفيدني بأنه هو الذي يكتب أجمل أغانيه.. وأعود لأعدد أحبائي.. فأذكر سلوي حجازي.. فإذا به يقول للسعدني الست دي من كتر أدبها.. بتخبط علي درج مكتبها قبل ما تفتحه.. وسألته سؤالا أخيرا: تحب تتجوز مين من الممثلات فقلت دون أي تفكير سعاد حسني فضحك عمي كامل قبل ان يمدحني بوصلة من الشتائم والسباب وهو يقول للسعدني الواد مش ح يفهم الكلام ده.. البنت دي ليس لعينيها جفنان ولكن شفتان.. تبتسمان!! ولم يكن العم كامل يدري أنني أسمع وأخزن الكلام فإذا استمعت إلي شيء حفظته.. وإذا حفظت شيئا شأني في هذا الأمر - فقط - شأن أبي العلاء لا أنساه أبدا.. وكان من أجمل ما قال في عبدالحليم وقد بلغت كلماته ورأيه أسماع حليم.. انه يصدق فقط حين يغني!!.. لقد كان عمنا وتاج راسنا كامل الشناوي أحد زعماء دولة الكلام في هذه الأمة.. ومنه تعلم السعدني الكبير.. وعنه حكي الشيء الكثير ويبقي أخطر ما حكي به السعدني من نوادره.. الحوار الذي جري بين كامل بيه والرئيس عبدالناصر في السنوات الأولي لحكمه.. وهو اللقاء الذي كان فيه كامل الشناوي علي طبيعته وعلي راحته وحكيت معه النكتة وهو جالس مع عبدالناصر فكان اللقاء.. هو الأول.. والأخير!! وللحديث بقية.