ما قام به محافظ الشرقية د. رضا عبد السلام بمداهمة وتشميع 3 مراكز للدروس الخصوصية في مدينة الزقازيق، وفرض غرامة علي كل مركز بواقع 50 ألف جنيه وإحالة المسئولين عن المراكز للشئون القانونية يستحق الإشادة، فد تكون المبادرة الأولي بعد قرار وزبر التعليم بإحالة الأمر للمحافظين لاتخاذ اللازم بشأن هذه المراكز، وقد يكون ما فعله المحافظ سيجر عليه الكثير من المشاكل والهجوم من مافيا تجزرت وانتشرت مثل النار في الهشيم لعقود طويلة، بعد أن فاقت المتاجرة بالتعليم كل الحدود المتعارف عليها للتكسب والتربح من دماء التلاميذ وأسرهم. المثير في الأمر أن هذه المراكز أصبحت مدارس مضادة ساهمت في تدني العملية التعليمية في المدارس الحكومية، ناهيك عن انتشار المدارس والمعاهد والجامعات الأجنبية في السنوات الأخيرة، ليقضي كل ذلك علي أي فرصة لمحاولة النهوض بالتعليم وإعادة الإعتبار لمدارس الدولة التي تعلمنا فيها وأخرجت كبار العلماء والمفكرين في العهود الماضية، وساهمت في ترسيخ الإنتماء الوطني الذي افتقدناه لدي الكثير من شبابنا في الآونة الأخيرة. أعود لما فعله محافظ الشرقية وهو وإن كان يثير الإعجاب إلا أنه جزء يسير من الحل، ولابد أن تثار هذه القضية للنقاش المجتمعي، فما الذي يدفع المدرسين لترك مدارسهم وقت الدراسة، ومنهم من يأخذون إجازات سنوية للعمل في هذه المراكز؟، بالقطع هي المادة والتربح والجشع الذي ملأ النفوس، ولم يعد يُنظر للمعلم كما كان منذ سنوات بكل التبجيل والإحترام لمهنة من أشرف المهن، التعميم غير وارد ولكن صغار النفوس أخذوا في أرجلهم مدرسين شرفاء تمتلئ بهم مدارسنا قل أن نسمع عنهم، القضية في شقيها ترتبط بالقضاء علي مافيا مراكز الدروس الخصوصية كما ترتبط بإعادة الهيبة للمدرس وتحسين أحواله المعيشية، لتنهي عملية إبتزاز المواطن الذي يصرف من دخله ما لا يقل عن 50 % للدروس الخصوصية، فإما أن نعيد الإعتبار للعملية التعليمية وإما أن نكون أمة في خطر، الإصلاح ليس بالسهل وقد يحتاج لسنوات، المهم أن نبدأ ونستمر وألا يكون إغلاق بعض هذه المراكز كالزوبعة في الفنجان، وعلي بعض أولياء الأمور الذين ثاروا علي هذا القرار بحجة أن أبناءهم لايستفيدون من المدارس، أن يشاركوا في إعادة الإعتبار للتعليم الحكومي ففي الأول والآخر سيصب ذلك في مصلحتهم ومصلحة أبنائهم. عادةً ما تفرز الثورات أسوأ ما في المجتمعات من انحدار في الأخلاق وانتشار الشرور، وهو ما حدث في جميع الثورات الشعبية في العالم، ولكن نحمد الله أن مصر بأخلاق شعبها المتأصل فيها كجذور الأشجار في أعماق الأرض قد تخطت هذه المرحلة بسلام، وهو ما شاهدناه في العديد من القضايا الإجتماعية التي تثار من حين لآخر، وآخرها قضية الفتاة الرائعة القوية سُمية الشهيرة بفتاة المول، التي رفضت التحرش بها وضربها في مكان عام وتعرضت بسبب ذلك لأعنف ما يمكن أن تتعرض له فتاة من تشويه سمعتها، والذي جاء للأسف من إعلامية بقناة تليفزيونية المفروض أنها تبث مكارم الأخلاق وتحافظ علي الأعراض، ما يهمني في هذه القضية شيئان، الأول رفض المجتمع المصري بأكمله لما قامت به هذه الإعلامية والوقوف بجانب الفتاة التي تعرضت للتحرش وانتهاك حياتها الخاصة، والثاني قوة شخصية سُمية وإصرارها علي الوصول لحقها المشروع في عدم التحرش بها حتي لو كان ذلك سيؤدي لانتهاك حياتها الخاصة، بُوركت أيتها الفتاة الرائعة.