تعودنا طوال عشرات السنوات الماضية، ان نصف كل الامور التي تمر بنا بأنها »تاريخية«، وكان كل خطاب يلقيه السيد الرئيس - بداية من الرئيس الملهم وحتي الرئيس المخلوع - نطلق عليه صفة »التاريخي« وكأن التاريخ كان يتوقف ليسجل إلهامات السيد الرئيس.. ولكن المؤكد ان مصر ستكون بعد ايام علي موعد حقيقي مع التاريخ، عندما يتوجه ابناء الشعب يومي الاربعاء والخميس القادمين للادلاء باصواتهم في اول انتخابات لاختيار رئيس الجمهورية، تحدد مصيرها ارادة الشعب، الذي سيختار رئيسه لاول مرة منذ آلاف السنين بارادته الحرة، ودون ان تتعرض هذه الارادة للسرقة والتزييف. ثلاثة عشر مرشحا من جميع الاطياف من اول »الفلول« وحتي هواة الشهرة، وبين هؤلاء يقف عدد من المخلصين ربما تختلف اطيافهم وانتماءاتهم، الا انهم يشتركون جميعا في حب مصر والاخلاص لها ولشعبها.. ومن هنا تأتي صعوبة الاختيار فيما بينهم، ولكن المهم ان نتوجه جميعا الي صناديق الانتخابات لندلي باصواتنا، فلا شك انها تجربة ممتعة ورائعة ان يختار المرء بملء ارادته رئيسه، دون ان يفرضه عليه احد، ودون ان يحكمنا شخص »غصب عنا«، فمصر ليست قطيعا وتستحق منا ان نسعي من اجل ان ترتقي بين الامم. وطوال الاسابيع الماضية، وانا اقارن بين برامج المرشحين، وبعض هؤلاء المرشحين من اعتز بصداقته وزمالته عبر عشرات الاعوام.. وكنت ابحث في هذه البرامج عمن يصون لي مصريتي وحريتي وديني، ويعتبرني شريكا له في الحكم.. وبالرغم من ان هناك اقلاما واصواتا جعلت كل همها ان تسيء الي تيار معين- وهو اشرف وانقي التيارات - وان تشكك في رجاله ونواياهم، فانها لم تستطع ان تخدع الشعب المصري الذي يعرف معادن الرجال، ويعرف الفرق بين من يريد له الخير ومن يضمر له الشر، ويعرف ان الحرية والعدالة لا بديل عنهما لبناء مصر المستقبل.. وليت اصحاب هذه الاقلام والاصوات قدموا لنا ما يقنعنا بمن يريدون ان يأتوا بهم إلي سدة الحكم في مصر ولكنهم لم يستطيعوا الا محاولة الإساءة للآخرين. واذا كان من حق كل مصري ان يختار مرشحه بملء ارادته وحريته.. فان الواجب علينا جميعا ان نلتف حول الرئيس الجديد سواء من اختاروه أو لم يختاروه.. ونحترم الارادة الشعبية.. وان نبدأ رحلة البناء بعيدا عن الشقاق والخلاف، ولكن دون ان نتخلي عن الديمقراطية، وان يكون هدف المعارضة - التي لا يجب ان تخبو- هو مصلحة مصر فقط.