السيدة مادلين أولبريت التي اختارها الرئيس بيل كلينتون في الخامس من ديسمبر سنة 1996 لتكون أول امرأة تشغل منصب وزير الخارجية في التاريخ الأمريكي تمثل صفحة جديدة في سجل صعود المرأة لتتبوأ عرش المساواة مع الرجل وتضيف إنجازا خارقا بحق وأي إنجاز يفوق مسئولية السياسة الخارجية للدولة الأعظم والأقوي في العالم المعاصر؟! الأمر هنا لا يتطرق إلي تقييم التوجه الأمريكي في ذاته ذلك أن وجود رجل أو امرأة لن يغير شيئاً من ثوابت هذه السياسة لكن الدلالة الجديرة بالاهتمام والتأمل هي جدارة المرأة لتحمل المهام الصعبة وإدارتها كما يفعل الرجال وهو ما تكرر في عهد بوش الابن عندما آل المنصب إلي كونداليزا رايس ثم في ظل رئاسة أوباما حيث يظهر اسم هيلاري كلينتون. لا شك أن النصف الأول من القرن الذي نعيشه سيشهد صعود امرأة إلي مقعد الرئاسة الأمريكية ولا شك أيضا أن أقلاما عربية وإسلامية ستتباري في السخرية والتهكم وتتغافل هذه الأقلام نفسها حقيقة ساطعة قوامها أن العالم كله يتقدم بخطي جادة في درب المساواة والإفادة من كفاءة المرأة القادرة علي العطاء أما نحن فننشغل بالمعارك الوهمية التي يتوجها شعار مستهلك يؤكد أن البيت مملكة المرأة وأن الهدف الأسمي من حياتها هو رعاية الزوج والأبناء! لن يعرف المجتمع المصري نهضة حقيقية شاملة بمعزل عن المشاركة الإيجابية الفعالة للمرأة في شتي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولعل المعركة الانتخابية الأخيرة في مجلس الشعب قد برهنت علي حيوية النساء المصريات واهتمامهن بالشأن العام والمأمول أن تستمر التجربة الناجحة في انتخابات سنة 2015 فتنتهي الكوتة الاستثنائية بعد اكتساب خبرات تتيح لهن المنافسة في الدوائر المفتوحة مع الرجال ويختار الناخبون الأكفأ والأصلح دون نظر إلي الجنس. ما أكثر التحديات التي يواجهها المجتمع المصري وما أعظم الاحتياج لحشد كل الجهود للمواجهة ولن يتأتي ذلك إلا بمقاومة أشكال التمييز جميعا أما الذين يتمسكون بقيم العصور الوسطي فلا متسع لهم إلا في الكهوف والمتاحف.