مظاهرة داعمة للقضية الفلسطينية فى باريس يسود خوف داخل الأوساط الاقتصادية في الدولة العبرية من أن تضغط موجة العنف التي انطلقت في الأسابيع الماضية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة علي السلطة الفلسطينية وتدفعها إلي الحافة. ولو انهار الحكم الفلسطيني فسوف ينتقل العبء السياسي والأمني والاقتصادي إلي كاهل اسرائيل وهو عبء لاتحتمله الدولة العبرية الآن. لذلك تساءلت الأوساط الاقتصادية الإسرائيلية عمن سيتحمل تكاليف أجور أكثر من 150 ألفا يعملون في المكاتب الحكومية الفلسطينية. فضلاً عن الموظفين المدنيين والمسجونين الذين يشكلون جميعا حوالي مليون مواطن فلسطيني ومن سيدير المكاتب الحكومية ناهيك عن التكلفة الأمنية العالية الناتجة عن اتساع انتشار قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي؟ هذا في الوقت الذي تبلغ ميزانية الحكومة الفلسطينية حوالي 16 مليار شيكل أي ما يناهز 4 مليارات دولار يأتي معظمها من التبرعات الخارجية والمنح الدولية. وبمقارنة الوضع قبل عشرين عاماً تقريباً حين نقلت اسرائيل السيطرة علي الأراضي المحتلة للسلطة الفلسطينية كان هناك أقل من 10 آلاف شخص فقط يعملون في المؤسسات الحكومية الفلسطينية معظمهم في المؤسسات التعليمية والصحية تحت اشراف عدد طفطف من الطواقم الإسرائيلية المتخصصة. ويقول المحلل الاقتصادي بمجلة كاكاليست الاقتصادية العبرية دورون پاسكين ان الدولة العبرية ربما تنظر إلي الرئيس الفلسطيني محمود عباس باعتباره زعيماً ضعيفاً فقد السلطة والتأثير علي الشارع الفلسطيني وبالتالي فلم يعد مناسباً لموقعه. ومع ان المحلل الإسرائيلي يتفق جزئياً مع هذه النظرة إلا انه يقدم رؤية مختلفة نحو ابو مازن فيقول انه مع ذلك يمتلك قدراً هائلاً من النفوذ من خلال تحكمه في الصندوق الوطني الفلسطيني الذي يصفه المحلل بأنه أهم جهاز اقتصادي يتبع السلطة الفلسطينية ويحتوي علي مليارات الدولارات ولم ينس المحلل وهو يتهم السلطات المالية والقيادات الفلسطينية بالفساد وإهدار أموال الشعب الفلسطيني ان ينبه إلي ان الصندوق يقوم بتمويل معارك منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية في الخارج ضد اسرائيل وتتهم المجلة الحركات الشعبية الأوروبية الداعمة للقضية الفلسطينية بتمويل النشاطات المناهضة لإسرائيل. رغم هذه المليارات يقول الكاتب داني روبنشتاين في الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت ان الاقتصاد الفلسطيني يعتمد بشكل أساسي علي الاقتصاد الإسرائيلي ويدلل علي ذلك بوجود أكثر من الف مصنع اسرائيلي تعمل بالضفة الغربية من خلال 14 منطقة صناعية مستفيدين من وفرة الأيدي العاملة الفلسطينية ورخصها. كما ان هناك الاقتصاد الباطني وهو الناتج عن عمل الفلسطينيين لصالح اسرائيل فلو أضفنا 100 ألف فلسطيني يعملون داخل اسرائيل - سواء كان ذلك بترخيص أم لا - سنجد ان هناك 200 الف فلسطيني يجنون دخولهم من العمل المرتبط بإسرائيل وهذا الرقم يشكل حسب التقديرات الإسرائيلية أكثر من 25% من قوة العمل الفلسطينية وينتج حوالي 20% من الناتج الفلسطيني. ويحذر روبنشتاين من الإجراءات الأمنية الإسرائيلية ضد الضفة الغربية بما يتسبب في حصار الأراضي الفلسطينية وتحويل الضفة الغربية إلي قطاع غزة آخر. ويزعم الكاتب أن الأوضاع الاقتصادية ضمن الأسباب التي تمنع الرئيس الفلسطيني ابو مازن من تنفيذ تهديده بحل السلطة الفلسطينية والتخلي عن اتفاقات أوسلو وإعلان فلسطين تحت الاحتلال. وفي ذلك يتجاهل روبنشتاين حقيقة مهمة هي حجب اسرائيل لمستحقات السلطة الفلسطينية من عوائد الضرائب التي تقوم بتحصيلها نيابة عنها الأمر الذي ساهم بشكل رئيسي في حصار وخنق الاقتصاد الفلسطيني.