القدس: خاص ل"مصر الجديدة" - كلّف رئيس الحكومة "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، الجهات المسؤولة في حكومته، مساء الثلاثاء، بتحويل 250 مليون شيكل لخزانة السلطة الفلسطينية، وهو دفع مقدم لعون السلطة تجاوز فترة اقتصادية حرجة. ولكن أزمة السلطة تبقى صعبة للغاية خصوصا أن ميزانية السلطة تعتمد بمعظمها على مِنح دولية. وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة اقتصادية حادة تطول القطاعين، الخاص والعام. هذا بعد نمو اقتصادي ملحوظ في النصف الأول من عام 2011. وهي تعجز في الوقت الراهن عن دفع الرواتب للموظفين الفلسطينيين بشكل منتظم، أما القطاع الخاص فيشهد تراجعا في الاستثمارات والتنمية ويحتج المواطن الفلسطيني ضد غلاء الأسعار وضيق المعيشة. وقال مطلّعون على الشأن الفلسطيني إن "إسرائيل" تخشى تفاقم الأزمة الاقتصادية في الضفة الغربية وانزلاق العنف إلى حدودها، وقرار العون "الإسرائيلي" في هذا الوقت بالذات جاء لدعم السلطة في ظل الانقسام الفلسطيني، ففي الوقت الذي تفلس به السلطة الفلسطينية الأوضاع في غرة تزدهر. واستمرت أمس احتجاجات الشارع الفلسطيني ضد حكومة فياض، وتجمّع المتظاهرون في مدن عدة في مناطق الضفة الغربية، وطالبوا برحيل رئيس الوزراء الفلسطيني، متهمين فياض بأنه المسؤول عن ضعف الحال في السلطة. ولكن دور فياض محدود في أزمة معظم أسبابها خارج سيطرته.
وتولى فياض رئاسة الحكومة الفلسطينية عام 2007، مركزا مجهوده على معافاة الاقتصاد الفلسطيني بعد خبرة اكتسبها أثناء عمله في صندوق النقد الدولي. ووصف "الإسرائيليون" فياض بالساحر، وأشاد كثيرون بإنجازاته الاقتصادية وأهمها مكافحة الفساد في المكاتب الحكومية، وجلبْ الاستقرار للضفة الغربية بعد حالة فوضى استغرقت طويلا. ولكن فياض، السياسي المستقل، الذي لم يأتِ من صفوف حركة فتح أو حماس، لم يكسب ثقة المواطن الفلسطيني.
وتعود الصعوبات الاقتصادية لأسباب أعظم من دور فياض، إذ تعتمد ميزانية السلطة الفلسطينية بشكل كبير على أموال خارجية تقدمها دول مانحة معظمها دول أوروبية, وبعضها دول عربية. وسبّب تراجع الاقتصاد العالمي، خاصة في الدول التي تقدم المنح للسلطة الفلسطينية، عجزا لدى هذه الدول عن تقديم المنح مثلما فعلت في السابق. وناشد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرارا الدول العربية التي وعدت بتقديم المساعدات أن توفي وعودها وأن لا تماطل. ويقترن الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي بشكل وثيق، بحكم بروتوكول باريس الذي ينظم العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، منذ ابرام اتفاقية أوسلو عام 1994. وتقوم الحكومة الإسرائيلية بموجب الاتفاق بجباية الضرائب من الفلسطينيين وتحويل ما يقارب 100 مليون دولار لخزانة السلطة شهريا. ويعني الاتفاق أنه حين ترتفع أسعار السلع في "إسرائيل"، مثلا: سعر البنزين في "إسرائيل" تجاوز ال8 شواكل، ترتفع بالمقابل الأسعار في السلطة الفلسطينية. بالإضافة، تدفع السلطة الفلسطينية رواتب الموظفين في غزة، ويبلغ عددهم حوالي 70 ألف عامل، هذا رغم استئثار حماس بالأموال التي تدخل غزة عبر اقتصاد الأنفاق. وأصبح الانقسام يخدم حركة حماس المدعومة من إيران. وحين تضطر السلطة إلى رفع سعر المحروقات في الضفة الغربية، تخفض حماس السعر في غزة، وهذا لأنها قادرة على "استيراد" المحروقات بسعر أرخص. والسائل أين أبو مازن أثناء الاوضاع الصعبة التي تسود السلطة، سيقرأ في الصحف أن رئيس السلطة يقوم بزيارة للنهد لمشاورات سياسية واقتصادية، وإن كانت أولويات الشعب الفلسطيني الوضع الاقتصادي فإن أبو مازن ما زال متمسكًا بالذهاب إلى الاممالمتحدة.