باقة من الفل هي شعره الذي يظلل جبهة عنيدة وصلبة، عينان مطمئنتان يصيعان الي لغة من وجد.. أنف طيب. وشفتان محملتان بتحيات طازجة، وبشرة من الطمي البشري من أجود المساحات الانسانية المزروعة بالبشري. في أعماق الجنوب كنوز كثيرة، كل يوم نفاجأ باكتشاف كنز جديد .. هناك في الجنوب لا ينضب الوادي فأرضه الخصبة، تجلب لنا كل يوم من خيرها الوفير.. أدبا وإبداعا، ولم لا وهي تشهد علي نقاء وعطاء النيل . من هناك جاء طه حسين والعقاد وأمل دنقل ويحيي الطاهرعبدالله وبهاء طاهر وغيرهم من مبدعي الجنوب المتميزين ، وشاعرنا محمود مغربي أحد شعراء الجنوب ،ساكن قنا ، المهموم بالإبداع والكتابة. في رحلة طويلة وعميقة مع الشعر يأتي ديوانه السادس " صدفة بغمازتين " الصادر عن بورصة الكتاب ، بعد " صمت الوقت مشترك ، و" أغنية الولد الفوضوي "، و" العتمة تنسحب رويدا "، و" تآملات طائر " و" ناصية الأنثي " ليؤكد المغربي علي عبقرية الكلمة عندما تتجسد في صورة شعرية لا مثيل لها .وحده ينفرد بالعذوبة التي تغلف اشعاره وتشعرك بأنها كتبت من أجلك !! .. في قصيدة " صدفة بغمازتين " كتب يقول : صُدفةٌ تمطرُ بنتًا بغمازتين وأفتحُ عينيَّ.. علي صُدفةٍ تتجلّي نهارا لتمطر بنتًا بغمّازتين.. بنتًا.. تلوّحُ لي وتقولُ: هنالك في كرم جدّي.. ولدتُ وعشتُ طفولةَ تسع سنين تحت ظلِّ السماء كم غفوتُ هنا.. أراني أجري هناااااااااااااك.. وأقطفُ ما يحلو لي من كروم العنب؛ كنتُ صبيّة تشاكسُ أقرانها.. تتزيّنُ للريح وتكحّل عينين نضّاحتين بحقل شقاوة وكرم غناء!! أدوّخ كلّ شباب القبيلة.. كلّما سرتُ من جدولٍ إلي دوحة.. جميزة إلي شجر التين إلي حَبَق حنون.. وكلّما فتّحتُ شبّاك بيت أبي علي الناصيةِ.. اشرأبّت عيونٌ؛ تبحلقُ في الشمس.. تغفو هنا تحت هدبي وتسكر. هاااااااااااا أنا في البلاد البعيدة.. يظلّلُ روحي غيمٌ كثيفٌ وثلجٌ وشمسٌ خجول ثلاثة شهور سكينة ! هاااا أنا يا رفيقي.. أطلُّ علي كل شيءٍ علي كل شيء أطل معك؛ بعينيك أدخل كرم جدودي بشغبي وفوضاي أقفزُ أسوار بيت أبي في الظهيرة.. أطالعُ عشقًا لأمي / أبي.. سرًّا وجهرًا واضحًا كشموس الغجر! وفي قصيدة " بستاني ينتظر الشمس " كتب يقول : أيتها المهرةُ يا امرأة أساطير الجن ضُميني لمي شَعْثَ حروفي فأنا بستانيٌّ يعشقُ كل تراب أزاهيرك ويذوب يذوبُ كدرويشٍ في كل تفاصيلك! ضميني يا مهرة لن يرهبني الحراس هنا وهناااااااااااك ! ضميني فأنا الناسكُ.. في حضرتك.. وإن داهمك غياب ! ضميني يتبدد جيش عنائي ضميني تنفرط عذاباتي ضميني فأنا منذ زمانٍ غابرٍ بستانيٌّ يتسلَّحُ بالصبر وينتظر شروق الشمس !