اسم اللوحة: التفكير فى الماضى الفنان: جون اسبنسر استانهوب تاريخ رسمها: 1859 المدرسة الفنية : ما قبل الرفائيلية بنظرة واحدة إلي عيني فتاة فنان ما قبل الرفائيلية الإنجليزي جون اسبنسر استانهوب "1829 1908" أجدها كأنها تتمثل بصريا لدفق تيار الوعي بدرجة ما بما يتقابل وحس تداخل الزمن وروايات تيار الوعي.. اللوحة رسمها الفنان عام 1859 أي منذ مائة وستة وخمسين عاماً ولا زالت الفتاة علي هذا الوضع مُعلقة بين ماضيها وحاضرها ومستقبلها الذي أصبح الآن ماضياً فزمنها مازال في تحول.. اللوحة تحمل عنوان "التفكير في الماضي"..وأري في هذه اللوحة تداعيات زمنية تتداخل بين أطراف ثلاثة شريكة المشهد الواحد وليس فقط الماضي الذي قصده الفنان..فأري الفنان يرسم هذه الفتاة الجميلة في الحاضر بالنسبة اليه واليها في ذلك الوقت..ثم أري الفتاة تعود بوعيها عبر نظرتها إلي زمن ماض..ثم نراها ونحن ننظر اليها الآن في زمن مستقبل لزمنها وزمن الفنان ولزمن المشهد ذاته بعد مائة وستة وخمسين عاماً. هذه اللوحة كتبت عنها الناقدة الإنجليزية لوسيندا هوسكلي في زمن آخر برؤية اجتماعية تصف اللوحة قائلة : "اللوحة تمثل فتاة لها ماض لعوب تعيش حالة تأنيب ضمير لحظة تأملها بإمعان لخطايا حياتها الماضية. وأنا أري المشهد نفسه الموجود داخله الفتاة بكل عناصره ترجمة لتداخل الأزمنة واختلاطها وعياً داخل عقل الفتاة وليس مجرد عرض لتوالي الزمن فقط كما ذكرت أعلي..فمن منظور اسم اللوحة ونظرة الفتاة اليائسة ذات الوجه البريء الشاحب في رقة..ومظهر الضعف والوهن حتي أن كف يدها اليُمني تقلصت حول شعرها وامتقع وجهها واتكأت بجسدها حتي لا تسقط إلي منضدة صغيرة خلفها فوقها أدوات زينتها الرخيصة..بينما في رمزية عنيفة تناثرت زهور ميتة فوق أرض الغرفة..ربما هذا الشحوب وموت الزهور أراد أن يكشف به الفنان عن ماضي الفتاة كعنوان اللوحة. وأري في المشهد ما يُعادل تلك النظرة اليائسة في عيني الفتاة بوجود مشهد المراكب والكوبري نراها عبر النافذة إلي يسار اللوحة حيث اختلطت الرمزية بالتعبيرية الشديدة..فالكوبري يوحي بالانتقال من حال إلي حال..والمراكب توحي بأكثر من بُعد مكاني حيث الانتقال من مكان لآخر أي للانتقال المستقبلي..وهذه الرؤية المُستقبلية تتعادل بشكل عكسي لما تعكسه عينا الفتاة بالارتجاع للماضي.. هكذا برؤية أدبية خلال لوحة ندركها بصرياً نجد أن مقدمة اللوحة ترجع بنا بوجود الفتاة من الحاضر إلي الماضي..وخلفية اللوحة بوجود المراكب تندفع بنا من الحاضر إلي المستقبل.. وهنا أجد ثراء اللوحة بصرياً بذلك اللا مرئي خلف عدستي عيني الفتاة حيث ذلك التداخل في الأزمنة والمعادل للمشهد الخارجي. أما الجانب الجمالي البنائي في اللوحة فأراه ينسجم ورمزية الأزمنة الثلاثة..فنجد هنا خطا رأسيا يقسم اللوحة إلي نصفين طولياً والفتاة هي الحد الفاصل كرمزية للحاضر..والي اليمين الجانب المظلم لغرفة الفتاة وملابسها وحليها وقد أعطت هذا الجانب ظهرها كرمزية للماضي..بينما الجزء الأيسر الذي تتجه اليه الفتاة بجسدها وهو الجانب المضيء في اللوحة نشاهد منه عبر النافذة مراكب وكوبري وأصيص الزهر كرمزية للمستقبل..وبين هذين المقطعين نجد عقدتي حزام رداء الفتاة معقودتين بإحكام وأيضاً عقد يد الفتاة لشعرها بما يوحي بأن هناك مشكلة تعصف بها..ونلاحظ ظهور قدم الفتاة اليسري ممتدة للأمام لكنها لا تتحرك وقد جمدت مكانها وارتكن جسدها في إستسلام..إيحاءً ببقاء الوضع علي ما هو عليه..والذي بقي عليه بالفعل منذ مائة وستة وخمسين عاماً.