زمان ومكان جاذبية سري لأكثر من مرة ظهور الشخوص فرادي إشارة لحدوث الوعي الذاتي انفعال الثورة .. اخترق اللوحات وخلخل هواءها الشرائطية اللونية لهيئة الشخوص أكدت الهيكلة المستقلة في إيجاز اعتمدت الفنانة علي إيماءات الجسد وليس تعبيرات الوجه فاطمة علي في السادس والعشرين من فبراير كان افتتاح معرض : "الزمان والمكان " لفنانة مصر الكبيرة جاذبية سري ..وهذا العنوان لمعرضها ليس بجديد علي رؤيتها لأعمالها التي كثيراً ما اسمت اعمال فنية " بالزمان والمكان" منذ الثمانينات وتحديدا منذ 1982 وكأن الزمان والمكان في فلسفتها لأعمالها تراهما فضفاضان وأنه ليس زمان كالزمان ولا مكان كالمكان فهما في الواقع متغيران ولا يتكرران. ولأنه ليس زمن كآخر ولو كان المكان مشترك سأحاول الرجوع بزمان لوحاتها النسبي من خلال لوحات التي أنجزتها بعد نكسة 1967 وأقابلها بزمان لوحاتها أنجزتها بعد ثورة 2011 والإنسان والمكان المصري هما العنصران المشتركان المتغيران. فالحدثان انكسار النكسة وانتفاضة الثورة فعلين متقابلين في تناقض عنيف وإن كان كلاهما يبلغان حالة الذروة للفعل الانساني والذي حتما سينعكس في اللوحات التي هي فعل انساني ليعبر الفن عن ذات درجة الانفعال مع مظهر مغاير لمخرج الإنفعال الآخر .. ومن خلال انفعال الفنانة بالحدثين. نجدها في زمن النكسة فوق الارض المصرية وفوق سطح لوحاتها رسمت منازل متكدسة انصهرت والبشر ساكنيها وقد حلت محل النوافذ والأبواب عيون بشرية محملق في خوف وترقب فجعلت المكان محتوياً للبشر وحاضناً لهم في حالة من الهلع وما تحدث حالة التكدس والتلاصق من توتر غطي لوحاتها .. وفي عام 67 رسمت لوحة اسمتها " بيوت من القاهرة " بدت لوحة شديدة الغموض ومنغلقة علي نفسها كإنغلاق متعمد علي سر خاص .. وعام 68 رسمت لوحة بعنوان " بيوت تشتعل رأسها ناراً " لتبدو بيوتها كأنها شخوص نابضة متنامية. أما لوحات 2011 والتي رسمتها تحت حماسة وقناعة الحالة الثورية التي عاشها شعب مصر ومازالت ممتدة في المكان - الأرض المصرية - نري وقد حدث لأعمالها الأخيرة حالة شديدة من خلخلة هواء اللوحة من جميع أركانها وانتشر لون الأرضية الأبيض في كثير منها كأن انفعال الثورة اخترق كل شئ ولم يعد هناك شيء مستقر وربما قصدت الفنانة المعني الرمزي للون الأبيض كدلالة حرية. وقد حققت الفنانة الي درجة ما أوهام الفضاء والحركة وربما استكشفت الفنانة الكبيرة العلاقات المكانية التي تولدها باللون المتناقض .. فقد نستشعر الألوان الدافئة متطايرة والألوان الباردة ندركها تنحسر مما يخلق وهم لتاثير من منظور الغلاف الهوائي .. وهذا التمييز في درجة حرارة اللون خدم اللوحات في وضع الشكل أو الشخصيات أمام الخلفية والتي هي مفرغة بيضاء ليحدث تحرك للون للأمام والخلف مما أنشأ علاقات مكانية لوناً ربما لهذا عمدت الفنانة الي التسمية الخاصة بالمكان بما أعطي المشاهد الشعور بأن خامة التوال تنبض عصبياً في ثلاثة أبعاد .. بينما سُحب اللون تسود دون خلق علاقات مكان في لوحاتها التي تلاصقت فيها الشخوص وتداخلت الوجوه بعناية في اختيار اللون. نلاحظ أن شخوص الفنانة جاذبية الذين طالما بدوا ممثلين لمناطق بصرية ذات كثافة كبيرة وأيضاً صامدين متكاتفين في مراحلها الفنية وقد تفرقوا الآن واستتبع هذا استشعار حالة من الصمت كأن شخوصها غرباء في أرض غريبة لكن تظل بينهم حالة من الوشائج الرابطة أو تفاصيل التكامل رغم الانفصال الجسدي تماماً كذلك التكامل بين سواحل غرب قارة أفريقيا وسواحل شرق أمريكا الجنوبية. ولهذا الانفصال الجسدي له وجه آخر رائع وهو ظهور مفهوم الفردية الذي يكشف عن حدوث وعي ذاتي فردي .. وأيضاً عمل الانفصال الجسدي علي تأكيد وإظهار عنصر مهما وهو " لغة الجسد " حيث اصبح الجسد واحداً قائماً بذاته وليس جزءاً من جدار أو بيت أو نافذة أي أصبح للجسد المستقل لغته التي أجادت الفنانة الكبيرة التحدث بها في أعمالها الأخيرة.. والتي جعلت للجسد رسائل لعبت دورا كبيرا في الكيفية التي تعاملت فيها شخوصها والآخرين وكيف أوحت إشارات الجسد بهويتنا وبكرامة شخوصها كما أرادت الفنانة في اعتمادها علي إيماءات الجسد وليس علي تعبيرات الوجه للتواصل الإنساني. في عدد من اللوحات الثلاثة عشر التي ضمها العرض بدا فيها بوضوح التطورات الأخيرة فقدمت الفنانة مادة بصرية موجزة فيما يتعلق بالتفاصيل وبالمقاطع اللونية الأقرب للشرائطية المتخذة لهيئة شخوصها وبها تأكدت الهيكلة المستقلة داخل البناء المكاني.