بدأ قانون تنظيم الجامعات يدخل في حالة من الشد والجذب بين كثير من القوي المختلفة قد تؤدي إلي حالة من الصدام بينها خاصة أن بعض هذه القوي بدأ في إستعراض عضلاته أمام الآخرين ليفرض مشروع قانون جديد لتنظيم الجامعات بدلا من القانون الحالي الذي صدر منذ 04 عاما ولم يعد صالحا لهذا الزمان. حدث هذا بعد أن أعلن د.محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة ومرشح حركة الإخوان المسلمين لمنصب رئيس الجمهورية في جامعة المنصورة يوم الأحد الماضي أننا سنسعي إلي إقرار قانون تنظيم الجامعات الجديد، وأكد أن قانون تنظيم الجامعات يتم تداوله بعد أن تم تشكيل لجنة علي مدار 7 أشهر لإقرار القانون، مشددا علي أن 70٪ من أعضائها ليسوا من الإخوان، وتضم كوكبة من الأساتذة الكبار، واثنين في اللجنة من أساتذة الجامعة الأمريكية يشاركون في لجنة التعليم. وهو نفس ماأكده د . شعبان عبد العليم رئيس لجنة التعليم في مجلس الشعب "حزب النور" لكن هناك مسودة أخري لنفس القانون ومبادئه قامت وزارة التعليم العالي بإرسالها للجامعات بعد أن وضع مسودة هذه المبادئ مجلس إستشاري شكله وزير التعليم العالي وكان يضم عددا من رؤساء نوادي هيئة التدريس بالجامعات وكان يجتمع برئاسته في معظم الأحيان لكن حدث جدل كبير حول هذا المشروع بين أعضاء هيئة التدريس، وفوجئت الوزارة بأن مواقع التواصل الإجتماعي تشير إلي أن الوزارة قد انتهت من إعداد مشروع قانون لتنظيم الجامعات دون أن يعرف الكثيرون عنه شيئا مما دفع بالدكتور حسين خالد وزير التعليم العالي ليصرح بأن ما تردد مؤخراً علي مواقع التواصل الاجتماعي وما نشرته بعض وسائل الإعلام بشأن الانتهاء من قانون تنظيم الجامعات غير صحيح. وأكد الوزير أنه عند الانتهاء من مسودة القانون ومبادئه سيتم عرضه علي أعضاء هيئة التدريس والمعيدين والمدرسين المساعدين بالأقسام العلمية بجميع الكليات، وكذلك علي أندية أعضاء هيئة التدريس والحركات الجامعية الناشطة والمجلس الأعلي للجامعات لإبداء الرأي فيها ثم يتم عمل التعديلات والمقترحات المطلوبة عليه ورفعها إلي وزارة التعليم العالي لمراجعتها واعتمادها تمهيداً لإحالتها لمجلس الشعب. وأعلن د. حسين خالد أنه حريص علي أن يكون هذا القانون ملبياً لتطلعات أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة وبما يدعم استقلال الجامعات ونهضتها وتطورها. مؤتمر بجامعة عين شمس أما في جامعة عين شمس فقد نظمت كلية الحقوق بها مؤتمرا حاشدا حضره د.علاء فايز رئيس الجامعة ود.حسين عيسي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب وطالبت فيه نوادي اعضاء هيئة التدريس بالغاء المجلس الاعلي للجامعات ووضع قانون جديد موحد للجامعات سواء خاصة او حكومية - كما يجب أن ينص القانون الجديد علي إستقلال الكامل للجامعة سواء مادياً أو إدارياً وأن يقر إتباع الانتخاب الحر المباشر في اختيار وتعيين القيادات الجامعية بالاضافة الي السعي نحو رفع دخول أعضاء هيئة التدريس. كما أكد المشاركون أنه لا فائدة من قانون جديد لتنظيم الجامعات في بيئة غير ديمقراطية، وطالبوا بضرورة النص علي إنشاء صندوق للمشاركة المجتمعية لتوفير تمويل ذاتي للجامعة، وتمديد سن المعاش للاستاذ الجامعي الي 65 بدلا من 60 عاما والغاء منصب الاستاذ غير المتفرغ. وإنشاء نقابة لاعضاء هيئة التدريس لمراقبة الاداء الجامعي والارتقاء بالمهنة. كما دعا د.علاء فايز رئيس الجامعة في كلمته أمام المؤتمر الي عدم الاستعجال في وضع قانون لتنظيم الجامعات وعرضه علي مجلس الشعب لاقراره خلال شهرين مؤكدا علي ضرورة ان يحصل القانون الجديد علي الوقت الكافي لدراسته بشكل واف خاصة ان الكل لا يسعي للتغيير من أجل التغيير بل يعمل علي وضع نظام دستوري للجامعة يساعد علي تحقيق نظام تعليمي جيد وهو الدور الموكل لأساتذة الحقوق بالجامعات. وأضاف أن التعديلات المقترحة لقانون تنظيم الجامعات ينبغي ألا ترتبط فقط بدخل الاساتذة فهناك أمور أكثر أهمية تتعلق باستقلال الجامعات سواء مادياً أو إدارياً وكرامة أعضاء هيئة التدريس بالاضافة إلي الجوانب المتعلقة بقواعد البعثات والإعارات والترقيات والتعيينات وأوضاع الاساتذة فوق السبعين مضيفاً أن الجدل الذي تشهده الجامعات حالياً لصياغة قانون خاص بها يماثل الجدل المطروح حول وضع الدستور ولكن ما يميز الجامعات هو المستوي العلمي لأعضاء هيئة التدريس الذي يسمح لهم بصياغة قانون يتوافق مع أوضاعهم. 3 آليات لإفساد الجامعات لكن المؤتمر شهد نقاشا وجدلا حادا حول نصوص قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 والجوانب التي ينبغي ان يتم تعديلها او المواد التي يجب اضافتها علي القانون وقد عرض حسن نافعة أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة العلاقة بين النظم السياسية وقوانين تنظيم الجامعات مؤكداً استحالة وجود جامعات تقوم بدورها الحقيقي في غياب نظام ديمقراطي يدعم استقلالها وحريتها الاكاديمية حتي إذا تم صياغة قانون جديد للجامعات، مشيراً إلي أن دور الجامعة هو إعداد خريج علي درجة عالية من الكفاءة و دعم الانتماء للوطن والقيم الانسانية العليا واتسام النظام السابق بالفساد والاستبداد أدي إلي الفشل في تحقيق الدورين وتحويل الجامعات إلي مجرد بوق للنظام. اما الآلية الثانية فتتعلق بتحكم أجهزة الأمن ليس فقط في تعيين القيادات الجامعية بل في إدارة الجامعة من الداخل مما انعكس علي النشاط الطلابي وانتخابات الاتحادات الطلابية بل وصل الامر للتحكم في النشاط الاكاديمي داخل الجامعة بمنع شخصيات من دخول الجامعة او الحديث في المؤتمرات والندوات. والآلية الأخيرة هي عدم الشفافية في النظم المالية والإدارية مما فتح منافذ جديدة للفساد واتاح سبل الثراء غير المشروع للقيادات الجامعية سواء من خلال برامج التعليم المفتوح والذي اصبح بوضعه الحالي بابا جانبيا لدخول الجامعة يهدر تكافؤ الفرص ويقدم خريجا لا تتوافر فيه الكفاءة المطلوبة ويزاحم خريجا مؤهلا في سوق العمل أو من خلال المراكز البحثية والعلمية التي تتلقي تمويل من الخارج بما اوجد مصادر مالية لاتخضع لاي رقابة او متابعة. الإستقلال التام للجامعات وأكد د.نافعة أن أهم مانحتاجه في القانون الجديد هو تحقيقه للاستقلال التام للجامعات عن طريق اختيار القيادات الجامعية من خلال الانتخاب المباشر علي الرغم من ان هذه الطريقة ليست المطبقة في معظم دول العالم لكنها الانسب لواقعنا، بجانب الاستقلال المادي والاداري عن طريق تحكم إدارة الجامعة في مواردها بشكل كامل من خلال نظم ولوائح مالية تتسم بالشفافية تعتمدها الجامعة وتخضع للرقابة يضاف الي ذلك ضرورة تأكيد القانون علي عدم تدخل وزير التعليم العالي في الادارة الداخلية للجامعات ويتحول دوره لمجرد حلقة وصل بين الجامعات واجهزة الدولة والوزارات التي لها علاقة بالجامعة بما يضمن حدوث تناغم إداري. قانون غير مناسب وقدم د.محمد أمين دسوقي أستاذ الهندسة الالكترونية بكلية الهندسة جامعة عين شمس رؤية كلية الهندسة لتطوير القانون مشيرا الي ان قانون تنظيم الجامعات الحالي لا يتناسب مع الاوضاع الراهنة للتعليم العالي مما خلف سلبيات عديدة منها فتح باب الاعارات الداخلية والخارجية وزيادة مركزية القرارات وضعف مرتبات اعضاء هيئة التدريس وتحول البحث العلمي بسبب ضعف الامكانيات المادية وعدم ربطه باحتياجات المجتمع الي آلية تهدف لترقية اعضاء هيئة التدريس مما انعكس علي تدني مستوي الابحاث العلمية بالجامعات وانخفاض مستوي الخريج. واضاف ان القانون الجديد يجب ان يضمن الاستقلال المادي للجامعة من خلال اتاحة مصادر غير تقليدية للتمويل مشددا علي ضرورة إنشاء صندوق للمشاركة المجتمعية يمول بنسبة 2:1 ٪ من ارباح الشركات ومؤسسات المجتمع المدني المستفيدة من خريجي الكليات والتي تساعد الكليات في تحديد القدرة الاستيعابية لها بناء علي التخصصات التي تحتاجها علي ان تتولي تمويل هذا التخصصات. وفيما يتعلق بمرتبات أعضاء هيئة التدريس أكد علي ضرورة الاستعانة بشركات استشارية لتقييم المرتبات تتولي تحديد دخل عضو هيئة التدريس ليتساوي الدخل في الجامعات الحكومية. توفير الرعاية الصحية وتحدث د.سلامة العطار وكيل كلية التربية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة عن رؤية كلية التربية لتطوير القانون مشيرا إلي أن القانون الجديد يجب أن يراعي توفير رعاية صحية جيدة لعضو هيئة التدريس وتعديل مواد القانون المتعلقة بالاساتذة فوق السبعين لتمديد سن احالة عضو هيئة التدريس الي استاذ متفرغ الي سن 65 بدلا من 60 عاما والغاء منصب الاستاذ غير المتفرغ والابقاء علي منصب الاستاذ المتفرغ مع اعطائه كافة حقوق الاستاذ العامل باستثناء تولي المناصب الادارية ووضع ميثاق شرف للتعامل بين عضو هيئة التدريس والهيئة المعاونة. وأضاف أنه لابد من إنشاء نقابة لاعضاء هيئة التدريس علي مستوي الجمهورية خاصة في ظل تجاوز عددهم ال 65 ألف عضو علي أن تتولي مراقبة الاداء ووضع ميثاق شرف للمهنة والارتقاء بها. وتناول د.سيد أحمد محمود أستاذ ورئيس قسم المرافعات ووكيل كلية الحقوق جامعة عين شمس العقوبات التأديبية في القانون الحالي مؤكداً ضرورة وجود باب مستقل في القانون الجديد يجمع كافة العقوبات التأديبية، و يتم فيه استحداث عقوبات جديدة حيث إن القانون الحالي يتضمن عقوبتي اللوم والفصل فقط فلابد من وجود عقوبات تدريجية بينهما علي أن ينص القانون علي تشكيل لجنة بكل جامعة لفحص الشكاوي المقدمة ضد اعضاء هيئة التدريس قبل رفعها لرئيس الجامعة لاصدار الامر بالاحالة التأديبية وألا يستأثر رئيس الجامعة بقرار الاحالة التأديبية بل لابد من وجود تدرج مؤسسي يبدأ من مجلس الكلية ثم يعتمد من مجلس الجامعة ويليه اصدار رئيس الجامعة لقرار تنفيذي بذلك. وأضاف أن القانون الجديد يجب أن يوضح الاجراءات التفصيلية لعملية التحقيق وفترته الزمنية بالاضافة إلي النص علي امكانية الطعن علي قرار مجلس التأديب امام القضاء الاداري مما يكفل وجود درجتين للتقاضي حيث كان القانون الحالي يتم الطعن فيه مباشرة امام المحكمة الادارية العليا. الجامعة محكمة تأديبية وإختلف معه د.السيد نايل عميد كليه الحقوق سابقا مؤكداً أن الجامعة تعد محكمة تأديبية فليس هناك مبرر أن تنشئ درجة جديدة للطعن علي القرارات التأديبية.واستنكر استقطاع جزء من معاش الاستاذ في حالة استمراره في العمل بعد بلوغه سن الستين مؤكدا انه امر غير دستوري ولابد ان يضم القانون الجديد نصا واجبا يجمع به عضو هيئة التدريس الذي يستمر في العمل بعد الستين بين المعاش و الاجر الكامل. كما دعا الي ضرورة ان ينص القانون الجديد علي اقتصار دور المجلس الاعلي للجامعات علي الجانب التنسيقي فقط ولا تكون له قرارات ملزمة للجامعات مؤكداً علي ضرورة اهتمام كل جامعة بايجاد مراكز تميز تنافس بها الجامعات الاخري. وشاركه في الرأي د.رمضان بطيخ استاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة عين شمس مؤكداً أن وجود المجلس الأعلي للجامعات يقف كحجر عثرة في طريق استقلال الجامعات فهو تجاوز اختصاصاته مؤكداً أن المطلب الرئيسي لنوادي اعضاء هيئة التدريس هو الغاء المجلس الاعلي للجامعات. وأضاف أن القانون الجديد لابد أن يتواجد فيه نص يتعلق بتحديد اختصاصات واضحة لوكلاء الكليات، كما ان اللجان العلمية للترقيات تحتاج لاعادة النظر في تشكيلها واختصاصتها وايضاً مجالس التأديب لكي تؤدي دورها كما يجب بضمانات حقيقية تكفل النزاهة والحيادية. نحن الأولي أما د.أبوالعلا النمر أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي الخاص بكلية الحقوق جامعة عين شمس فأكد أن الجهة الشرعية الوحيدة الموكل لها تقديم مقترح بقانون جديد لتنظيم الجامعات يجب أن تتشكل من أعضاء هيئة التدريس مشيرا إلي أن هناك مشاريع مقدمة من جهات وتيارات سياسية مختلفة مما يستوجب تواجد استجابة حقيقية من أعضاء هيئة التدريس لوضع قانون معبر عنهم مؤكدا أن إصدار قانون بدون دراسة قد يأتي غير معبر عن نبض أعضاء هيئة التدريس مما يمثل خطورة بالغة. وأضاف إن هناك لجنة تم تشكيلها بقرار من وزير التعليم العالي لتقوم بالربط بين الوزارة وأعضاء هيئة التدريس وأن هذه اللجنة بعد دراسة استغرقت عدة أشهر وجدت أن هناك صعوبة في إعادة النظر في قانون تنظيم الجامعات بصورة شاملة وإصدار قانون جديد وأنه من الأفضل تعديل بعض المواد ذات الأولوية الملحة ومن أهمها ما يتعلق بتعديل مرتبات أعضاء هيئة التدريس حيث تم اقتراح أن ترتبط بالحد الأدني للأجور في الدولة علي أن تبدأ من 4 أضعافها للمعيدين. كما أن هناك تعديلا مرتبطا بوضع أعضاء هيئة التدريس فوق السبعين وآخر متعلقا بوضع المعيدين والمدرسين المساعدين سواء فيما يتعلق بوضعهم المادي أو مهام عملهم. بالاضافة الي وضع نصوص تدعم فكرة الاستقلال المادي وحرية الجامعات في اتخاذ القرار ومواد متعلقة بانتخاب القيادات الجامعية عن طريق الانتخاب الحر المباشر. حل مؤقت وإختلف معه مرة أخري هاني مصطفي الحسيني الاستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة مؤكداً أن التعديل الجزئي يعتبر حلا مؤقتا يحقق عددا من الاهداف قصيرة الاجل وأنه يجب ان يستمر النقاش داخل وخارج الجامعات حول التغيير الذي ننشده لاصدار قانون جديد لتنظيم الجامعات. وشددت د. هناء كريم الاستاذ بكلية الحقوق جامعة القاهرة علي ضرورة أن يتم وضع قانون جديد موحد للتعليم العالي يتضمن القواعد عامة المنظمة للعمل العلمي والبحثي بالجامعات سواء كانت جامعات خاصة او حكومية او دولية ويفرع منه تشريعات نوعية وفقا لطبيعة كل تخصص جامعي مع التوسع في انشاء الجامعات الاهلية والتي ستوفر موارد مالية للجامعات تساعد علي تحديث البنية الاساسية بها.