كم أرجو ألا تمثل قضية القبض علي وزير الزراعة بتهمة الفساد وما ترتب عليها من تقديم وزارة المهندس إبراهيم محلب استقالتها.. إرهابا وسيفا مصلتا علي أعضاء الوزارة القادمة التي يرأسها المهندس شريف اسماعيل وما سوف يتبعها من وزارات أخري. ان ما اخشاه ان يتعاظم خوف الوزراء من الوقوع في أي خطأ وهو الأمر الذي يجعله يصاب بداء «ارتعاش الأيدي» الذي كان يعاني منه معظم الوزراء ما بعد ثورة 25 يناير وكانت محصلته تعطيل الكثير مما يجب انجازه من أعمال. هنا أقول إن داء الايدي المرتعشة ليس وحده ما يمكن ان يؤدي إلي الجمود في الاداء وفي اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق التقدم المنشود.. وانما هناك ايضا معاناة بعض هؤلاء الوزراء من أزمة عدم الثقة في امكاناتهم وكفاءتهم. هذا الأمر يجعلهم فريسة للتردد وعدم اتخاذ القرارات وزيادة الاعتماد علي المعاونين الذين قد يكونون من ضعاف النفوس القابلين للسقوط في مصيدة الفساد وهو ما يوقع بهم في نفس المستنقع. من المؤكد أن مثل هذه الحوادث وما تحيط بها من تبعات كان عاملا سلبيا في إحجام البعض عن القبول بالمنصب الوزاري رغم إغراءات السلطة والمنجهة. الوسيلة الوحيدة لمعالجة هذا الموقف الذي ولا شك يؤثر علي مسيرة الصالح العام.. هو سرعة حسم قضايا الفساد والمتورطين فيها قضائيا. من ناحية أخري فإنه لابد من مراعاة الدقة والبعد عن المجاملات في اختيار هؤلاء الوزراء وأن تتسم المعلومات المقدمة حولهم بالأمانة والشفافية والالتزام بالضمير. ليس هذا فحسب الذي يمكن ان يجنبنا أمثال أزمة وزير الزراعة وإنما يتحتم أيضا الاحتكام إلي الكفاءة والقدرة علي حسن الاداء والانجاز وتحمل المسئولية. وإذا كانت احداث تغيير وزارة محلب وما صاحبها من ضجيج قد أشاعت مناخا سلبيا فيما يتعلق بدائرة المسئولية الوزارية.. إلا أن ذلك له جانب إيجابي أيضا مضمونه تحذير كل مسئول كبير بمراعاة الله والضمير في ممارسته لمسئولياته. ان عليه ان يكون دقيقا في أداء مهام الوظيفة وان يلتزم الحرص الشديد في اختيار من يعملون بجانبه وأن يعاملهم في الحدود التي لا تساعدهم علي الانفلات. علي ضوء هذه الملاحظات لا جدال أن مراعاة مضمونها سوف يحمل كل من يكلف بأي تشكيل وزاري عبئا ثقيلا يجعله يواجه صعوبة كبيرة في انهاء هذه المهمة. ومع بدء حكومة المهندس شريف اسماعيل لمسئولياتها التي من المفروض أن تستمر حتي تشكيل مجلس النواب الجديد.. لا يسعنا سوي أن نقول له ولاعضائها الله معكم وهو القادر علي أن ينجيكم من مصيدة الاتهام بالفساد.