بعد استقالة حكومة المهندس إبراهيم محلب لابد من الإقرار بأن القصور لا يكون في معظم الأحيان في شخص رئيس الوزراء وإنما دائما ما يكون العيب في وزراء بعينهم يتسم اختيارهم بعدم التوفيق. بناء علي ذلك يمكن القول بان بعض وزراء الحكومة المستقيلة كانوا عبأ خذلوا رئيسها. في هذه الحالة لايمكن ان ينفي احد ان الذي قام بهذه المهمة عليه ان يتحمل مسئولية سوء اختياره. وفيما يتعلق بهذه الاستقالة وتكليف شريف اسماعيل وزير البترول بالحكومة المستقيلة بتشكيل الحكومة الجديدة.. فإنه يبدو ان من دواعي هذا الاختيار النظر الي ان «وشه حلو» خاصة بعد اكتشاف بئر الغاز العملاق «شروق» خلال فترة اضطلاعه بمسئوليته الوزارية وهو مايدل علي الكفاءة وبعد النظر. هنا لابد من الاشارة الي ان عملية تشكيل اي حكومة بدءا من رئيسها حتي اعضائها من الوزراء.. اصبحت تمثل مشكلة عويصة في هذه الظروف الصعبة التي تتعاظم فيها أزمة عدم الثقة في الأداء الوزاري. ان كثيرا من الكفاءات وفي مواجهة هذا الجو العام سوف تتردد مرة ومرتين وثلاثة بالقبول باي منصب عام باستثناء الشخصيات التي تسعي لهذه المناصب والذين هم من ماركة «عبده مشتاق» المفتقدة للكفاءة والمؤهلات رغم ما تحيط به نفسها من دعاية وترويج. في شأن حكومة المهندس محلب فإن العدالة تقتضي القول بأنه لا عيب فيه كرئيس للوزراء حيث انه كان هو نفسه في حكم «الفواعلي» في تحمله مسئولية هذا المنصب وانه أداه بما يرضي الله. ان كل ما يؤخذ عليه هو ضعف بعض وزرائه وعدم تقديرهم للمسئولية وكذلك عدم قدرتهم علي القيام بها وهو ما يمثل وضعا سلبيا ينعكس علي الحكومة كلها. كما ان بعضهم الآخر كان يعاني من نقص الكفاءة واهتزاز الشخصية وهو ما كان وراء تراجع الأداء والإنجاز وبالتالي تعاظم الشكوي منهم. يضاف الي ذلك ما يحيط ببعضهم- وهم قلة- من افتقاد للشفافية واطلاقهم لأيدي المشبوهين من المقربين منهم في تصريف شئون الوزارة. يجب ونحن نخطو نحو تشكيل حكومة جديدة مراعاة ان تتميز شخصية رئيسها بالقوة والقدرة علي متابعة ومراقبة اداء اعضائها وتوجيههم وكذلك تحذيرهم من المكابرة بشأن بحث اي شكوي او حديث عن خلل يتعلق بسير العمل في اي وزارة. وفيما يتعلق بالوزراء فإنه مطلوب كفاءات وخبرات تتمتع بالامانة والشفافية والشجاعة والجرأة في اتخاذ القرارات التي تحقق الصالح العام. يجب علي هذا الوزير ان يكون قادرا علي مواجهة المشاكل وايجاد الحلول المناسبة والمقبولة لها دون تنازل عن اي عنصر يؤثر علي المصلحة العامة. ليس مطلوبا من هذا الوزير الجنوح الي العند والمكابرة والوقوع فريسة لنزعة الاستقلال . يجب علي هذا الوزير ان يتجنب تصريحات التلميع الاعلامي التي تعتمد علي اسلوب «ابولمعة» ايمانا بأن كل شيء سوف ينكشف إن عاجلا أو آجلا. انني وكما سبق واشرت إليه في مقال يوم الجمعة «امس الاول» فإنني اكرر بأن اوضاعنا لا تحتاج لحكومة عادية ولكن لابد ان يكون كل الوزراء كتيبة من الفدائيين الأطهار المنتمين لتراب هذا البلد ولديهم القدرة علي الاستجابة لآمال وتطلعات الشعب.