منذ البداية.. كان المطلوب أن يكون تدخل حلف الناتو في ليبيا هو المقدمة لتحويلها إلي قاعدة لعصابات الإرهاب لتكون خنجراً مصوبا لصدر مصر، ولتكون عاملا داعما لمخطط أمريكا لاستيلاء «الإخوان» علي حكم مصر وسيطرتهم علي مصير تونس، ومنع ثورات الشعوب العربية من أن تكتمل بحكم الشعب ونهضة الأمة وبناء الدول المدنية التي تتحصن بالعدل والحرية. ما حدث في 30 يونيو أجهض المخطط، وكشف الجريمة التي تم ارتكابها في ليبيا (وغيرها من الدول العربية) بتدمير الدولة وإشاعة الفوضي، وفضح أكذوبة أمريكا وحلفائها وأذنابها عن إمكانية وجود إرهاب معدل(!!) راهنوا عليه في مصر حتي سقط، ومازالوا يدعمونه حتي وهو يكشف عن وجهه القبيح، وتكتشف الشعوب أنه هو مصدر كل إرهاب لأنه نشأ قبل ثمانين عاماً وحتي الآن! ومنذ البداية كان تأكيد مصر علي أن الإرهاب ملة واحدة، وأن الحرب ضده لابد أن تكون شاملة، بينما كانت أمريكا وحلفاؤها يحصرون حربهم علي «داعش العراق» ويتركون الإرهاب يتمدد في باقي الوطن العربي! ولقد صنعت مصر الفارق وكشفت خطايا تجزئة القضية حين تصدت للإرهاب بجميع جماعاته، ومنعت تحويل سيناء إلي قاعدة لهذه العصابات كما كان مخططا. ورفضت التهاون مع كل إرهاب حتي لو ادعي الاعتدال، أو احتمي بإدارة أمريكية فاشلة أو بدعم مالي من عملاء أمريكا في المنطقة ومن أجهزة مخابراتها التي لم تتوقف عن التآمر علي العرب جميعا! الآن ورغم كل الجهود لإنقاذ ليبيا فإن داعش تتقدم هناك وتسيطر مع حلفائها من الميليشيات الإجرامية التي تدعي الإسلام علي منطقة «سرت» وتقيم المذابح وتهدد الأمن في كل المنطقة حولها بما في ذلك شواطئ أوروبا.. ومع ذلك مازال الرفض قائما علي مد الحكومة الشرعية في ليبيا بالسلاح، ومازال الجيش الليبي مطالبا بالتصدي لهذا الإرهاب المدعوم دوليا دون أن يحصل علي الإمدادات العسكرية المطلوبة. ومازال الشعب الليبي يدفع الثمن ويتعرض لأبشع الممارسات الداعشية. في يوم واحد أعدموا في «سرت» أكثر من مائتي مواطن ليبي، وصلبوا 12 من قبيلة واحدة، وأحرقوا عشرات الجرحي أحياء وهم قيد العلاج في المستشفي المركزي. تستغيث حكومة ليبيا بالمجتمع الدولي لكي يصحح الخطيئة التي ارتكبها حين ترك ليبيا في يد عصابات الإرهاب، وبالدول العربية لكي تقوم بمسئولياتها وهي التي سبق أن فتحت الباب لحلف «الناتو» للتدخل في ليبيا، فكان إسقاط الدولة وليس النظام، وتحويل ثورة شعب إلي مقدمة لاستباحة ليبيا وتحويلها إلي قاعدة للإرهاب. كما كانوا يريدون أن يفعلوا في سيناء لولا رعاية الله وانتفاضة شعب مصر وانحياز الجيش لإرادة الشعب.. ثم تولي عبء استئصال الإرهاب رغم كل ما يتلقاه من دعم لم تعد مصادره تخفي علي أحد. في كل الأحوال.. مصر تعرف مسئولياتها جيداً، وتعرف حجم المخاطر التابعة من ليبيا، وتدرك أن مخطط محاصرة مصر بقواعد للإرهاب شرقا وغربا وجنوبا كان هو المخطط الأصلي.. وتدرك أنهم يسعون لفتح جبهة في الغرب للتخفيف عن بقايا الإرهاب في سيناء قبل استئصالهم تماما، وجريا وراء وهم أن إحياء الموتي ممكن، وأن ما انتهي للأبد في 30 يونيو يمكن أن يعود، وأن المزيد من الإرهاب يمكن أن يعطل مسيرة شعب يبني وطنه من جديد. مصر لن تسمح بهذا العبث، وكما قضينا علي خطر الإرهاب القادم من الشرق سنقضي علي هذا الإرهاب القادم من الغرب، ما دام الأغبياء لايفهمون أن الدرس قد انتهي!