المنطقة الصناعية بوادى النطرون طادرة للاستثمار رغم تأسيسها منذ 15 عام تصوير: «ياسر مسلم» المنطقة الصناعية بوادي النطرون بالبحيرة «مدينة الأشباح»..هكذا يصفها المستثمرون ، فرغم ان عُمرها اكثر من 15 عاما، الا انها مازالت شبه فارغة من المرافق والخدمات لتصبح طاردة للاستثمار وهذا الحال عكس ما ترفعه الحكومة من شعارات بتشجيع الاستثمار والمشروعات المتوسطة وفوق المتوسطة لدفع الانتاج ودعم الاقتصاد المصري، فالمياه التي تم توصيلها للمنطقة في انقطاع مستمر مما يتسبب في تعطل الانتاج للمصانع بنسبة كبيرة وعند الشكوي يكون الرد « روحوا اشتكوا»، بينما مازالت الطرق تحت التجهيز رغم بدء العمل منذ عدة سنوات ولم يتم رصفها حتي الآن ،كذلك الصرف الصناعي لم يتم الانتهاء منه والنتيجة هي اضطرار بعض المصانع لصرف مخلفاتها بالاراضي الخالية المجاورة لها والمخصصة في نفس الوقت لانشاء مصانع جديدة بها. انتقلت «الاخبار» إلي المنطقة الصناعية بوادي النطرون والتي تحتوي علي مشروعات في مختلف المجالات وتقع علي مسافة 120 كيلو تقريبا من القاهرة بطريق الاسكندرية الصحراوي. قررنا مقابلة عدد من المستثمرين واصحاب المصانع لانهم الفئة الاكثر تضررا من تدني الخدمات في المنطقة، كان اول من التقينا به هو المهندس محمد نصر صاحب شركة للصناعات البلاستيكية، ليروي لنا قصته من البداية، قال انه كان يعمل مهندسا كيميائيا في عدد من المصانع لعدة سنوات، حتي استطاع ان يدخر مبلغا ماليا بسيطا وقرر و4 شباب آخرين يعملون في نفس المجال ان يؤسسون مصنعا للصناعات الكيمياوية، فاتفقوا جميعا علي الفكرة ،وبقيت قطعة الارض التي سينشئون عليها المصنع هي المشكلة التي تقف عائقا امامهم، واضاف انه اختار المنطقة الصناعية بوادي النطرون ليقيموا بها مصنعهم الصغير،نظرا لانخفاض سعر الارض بها مقارنة بالمناطق الصناعية بالمدن الاخري، مشيرا انه تقدم بطلب تخصيص قطعة ارض الي مجلس المدينة في بداية عام 2013، وتم تخصيص قطعة الارض، مشيرا ان بنود العقد الموقع بينه وبين مجلس المدينة ينص علي مسئولية المجلس عن توفير جميع المرافق بالمنطقة، واستطرد المهندس محمد نصر انه بعد ان استلم قطعة الارض، قرر وشركاؤه الشباب بناء المصنع علي الفور، مشيرا انه قبل انتهاء العام كانوا قد استكملوا بناء المصنع وتشغيله وهذا يعتبر وقتا قياسيا، حيث يظل بعض المستثمرين بعد تخصيص الارض في بناء مصانعهم في فترة تتراوح ما بين 3 إلي 4 سنوات، ولأننا مستثمرون جادون قررنا بعون الله بناء المصنع وتشغيله في اقل من عام، مشيرا إلي ان توفير المرافق هي ابسط حقوق اصحاب المصانع والمستثمرين ،ولكن سوء الادارة وفساد المحليات بوادي النطرون ادي إلي هذه النتيجة وعندما نسأل اي من المسئولين بهذه الجهات يقولون لنا «احنا مش مسئولين «روحوا واشتكوا « فاذا كان هؤلاء ليسوا كذلك، اذن فمن المسئول؟،حيث اصبحت المنطقة الصناعية في الحقيقة مدينة «اشباح» طاردة للاقتصاد والصناعة. وأكد انه تقدم بشكاوي واستغاثات لاكثر من 3 جهات حكومية وفي مقدمتها مجلس الوزراء ووزارة الاستثمار ووزارة الصناعة والتجارة، لتنظر الدولة إلي هذه المنطقة ووجود حلول للمشكلات التي يعاني المستثمرون الشباب منها ،ولكن لم ترد عليه اي جهة منهما حتي الان . فساد المحليات الحاج سعد امين عبد الراضي وشهرته «سعد البصيلي» نموذج يحتذي به وقصة كفاح ، عمل منذ نعومة اظافرة في مهنه « مبلط»، ثم سافر للعمل إلي احدي الدول العربية وعاد بعد ان قضي من عمره 10 سنوات بها مدخرا مبلغا من المال، ليقرر العمل يه في المهنة التي يتقنها والتجارة فيها وهدفه هو ان يمتلك مصنعا للادوات الصحية، وبالجهد والصبر والعمل قرر الحاج سعد انشاء المصنع ،واختار المنطقة الصناعية في وادي النطرون لانشائه بها، وقال انه في عام 1999 اشتري قطعة ارض بالمنطقة بعد ان اتبع جميع الاجراءات المطلوبة ، مشيرا إلي انه اول من أنشأ مصنعا بهذه المنطقة والتي كانت عبارة عن صحراء ، وما شجعه لاختيار هذه المدينة وقتها انخفاض سعر الارض بها بالنسبة إلي مستثمر حديث في المجال، فضلا عن وعود مجلس المدينة ومحافظة البحيرة بتوصيل جميع المرافق والخدمات للمنطقة خلال اشهر قليلة ، واشار إلي انه انتهي من انشاء المصنع وكان جاهزا للتشغيل في عام 2001 وكان يحتوي علي معدات وآلات تقدر وقتها بعشرة ملايين جنيه،ولكن لم يستطع تشغيله بسبب عدم توصيل اي مرافق بعد للمنطقة، حيث تم توصيل الكهرباء للمنطقة في عام 2005، بينما تم توصيل المياه في عام 2010 معلقا «ويارتها ما وصلت» في اشارة إلي عدم الاستفادة منها بسبب استمرارية انقطاعها، واكد الحاج سعد انه ظل لمدة 10 سنوات تقريبا لم يستطع تشغيل المصنع لاسباب عديدة، منها عدم توصيل المرافق والخدمات للمنطقة، البيروقراطية والفساد الادراي الذي كان متغلغلا داخل جميع المصالح والجهات الحكومية قبل ثورة 25 يناير. علي حساب المستثمر التقينا ايضا خلال جولتنا بالمهندس محمد نصار المدير الاداري لمصنع للصناعات الكيماوية الزراعية والتي تعتبر من اول المصانع الموجودة بالمنطقة الصناعية، ليحكي لنا المأساة التي يعانون منها كمستثمرين، وقال ان المصنع بدأ انشاؤه وتشغيله منذ 15 عاما، ولكن تواجهنا مشكلات وعوائق كثيرة ولها دور وتأثير كبيران في تعطل حركة الانتاج، وهذه المشكلات سببها الفساد الاداري وسوء الادارة والتنظيم وكل شئ، فبعد ان فقدنا الامل في توصيل المياه للمصنع بسبب انقطاعها المستمر من ناحية والزام شركة المياه علي جميع اصحاب المصانع الذين يرغبون في توصيل المياه بدفع مبلغ 15 جنيها (تم تخفيضها إلي 6 جنيهات)علي كل متر لكل طابق باي مبني يتم انشائه في المصنع وهو مايسمي ب« مساهمة اضافية » غير تكلفة المقايسة، قررنا الاستعانة بخزانات مياه وشراء المياه من العرب، واضاف ان اغلب المرافق قاموا بادخالها علي حسابهم الخاص كخط التليفون، حيث قام المصنع بشراء الكابلات والمعدات اللازمة وانهاء الإجراءات المطلوبة في المحافظة رغم ان هذا دور مجلس المدينة، اما بالنسبة للصرف الصحي فاتفقوا مع سائق سيارة «كسح» أن يأتي كل اسبوع لشفط مياه الصرف نظير مقابل مادي رغم ان مواسير الصرف الصحي موجودة في المنطقة الصناعية منذ 2012الا انها لم تدخل الخدمة حتي الآن، فضلا عن الطرق وانقطاع الكهرباء بشكل دائم، فالحقيقة هذه المدينة ترفع شعار» اخدم نفسك بنفسك».بعد ان رصدت «الأخبار» اهم المشكلات والمعوقات التي تعوق مستثمري مدينة وادي النطرون وعلي رأسها ازمة الصرف الصناعي، تحدثنا مع المهندس ماهر عدوي رئيس الجهاز التنفيذي لمشروعات الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي بالبحيرة، وهو الجهاز المسئول عن الاشراف علي هذا المشروع، وأكد لنا ان الجهاز وقع بروتوكولا مع المحافظة بتاريخ 25 اغسطس عام 2014 لتنفيذ الصرف الصناعي للمنطقة الصناعية بوادي النطرون «بفلوس المحافظة» ،حيث ان الهيئة القومية لا تنفق علي الصرف الصناعي بالمناطق الصناعية ودورها يقتصر علي خدمة المواطنين بتوصيل الصرف الصحي الآدمي لمنازلهم وتوصيل المياه، مشيرا إلي انه قبل توقيع هذا البروتوكول كانت هناك موافقة من قبل مجلس الوزراء بتاريخ 1/7/2014 لتنفيذ هذا المشروع، واضاف ان البرتوكول الموقع بين الجهاز والمحافظة هو الاشراف علي المشروع والذي تنفذه شركة المقاولين العرب بتكلفة 90 مليون جنيه ومدة تنفيذه 18 شهرا، اي انه من المفترض ان يدخل الصرف الصناعي الخدمة في 24 فبراير 2016، ولكن المشكلة تكمن في تدبير الاعتمادات المالية المطلوبة من محافظة البحيرة ، مشيرا إلي انه منذ توقيع البروتوكول حتي الوقت الحالي لم يتسلم الجهاز التنفيذي من المحافظة سوي مبلغ 15 مليونا ونصف المليون فقط، نفي محمود ابو بكر مسئول المنطقة الصناعية بوادي النطرون عن وجود اي مشكلات يقابلها المستثمرون، وعند سؤاله عن سبب انقطاع المياه المستمر للمنطقة، قال انه توجد آبار مياه خاصة بقرية«بني سلامة « بجوار المنطقة الصناعية وهذه الابار يخرج منها خط مواسير خاص لتغذية المنطقة الصناعية فقط، بينما سكان المدينة لهم خط مواسير خاص، وسبب انقطاع المياه هو قيام بعض الاهالي بغلق «محبس» المياه بهذا الخط لتوصيل وصلات عشوائية لهم بالمخالفة للقانون، وأكد محمود أنه طالب المهندس المسئول بشركة المياه بوادي النطرون بتعيين خفير لحراسة خط مواسير المياه المغذي للمنطقة الصناعية وحمايته من الغلق او عمل وصلات عشوائية من قبل الاهالي، واكد محمود ابو بكر ان ما تم انجازه خلال العامين الماضيين لم يتم انجازه خلال ال20 عاما الماضية والمستندات الموجودة خير دليل علي ذلك، حيث ان جميع الطرق بالمرحلة الصناعية الاولي والثانية ممهدة للرصف حاليا، كما انه تم الانتهاء من توصيل الكهرباء والغاز الطبيعي. حسام عبد العليم