قررت مراراً ألا أكتب نقداً، أو أوجه لوماً للحكومة والمسئولين.. فهم لا يقرأون، وان قرأوا لا يستجيبون للنصح والارشاد.. يعتقدون، أنهم علي صواب وان من ينقدهم، لا يفهم شيئاً.. لا يعلمون الحقائق التي تعلمها الحكومة.. وان الناقدين لا يبغون سوي كشف عورات الحكومة فقط.. ولذلك لا تلتفت الحكومة إلي نقد ولا تستمع إلي نصيحة.. ولكنني أمام تصرفات الحكومة المستفزة لا أستطيع أن أسكت أو امتنع عن النقد حتي وأن صمت الحكومة أذنيها، أو أغمضت عينيها. منذ أيام خرج علينا وزير التربية والتعليم معلنا بكل ثقة، انه لا تسريب لامتحانات الثانوية العامة هذا العام.. وان الوزارة وضعت الترتيبات اللازمة للقضاء علي هذه الظاهرة.. وذلك لضمان عدالة النتيجة بين الطلاب.. فالتسريبات تخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.. ورغم كل ذلك فشلت الوزارة في مجابهة التسريبات.. ولانه من الواضح ان التسريبات اقوي من الوزراة بل من الحكومة.. لن أخوض كثيراً في تفاصيل الفشل.. حتي لا يقال أنني أكشف عورات الوزارة وضعفها. ولكن ما أثارني تعهد الوزير الهمام بشأن انقطاع الكهرباء في لجان الثانوية العامة وانها خط أحمر وأنه وضع خطة «متخرش المية»، بالاتفاق مع وزارة الكهرباء لضمان عدم انقطاع الكهرباء عن اللجان.. خاصة وأن الطلاب يمتحنون في فصل الصيف، والامتحان يمتد إلي رمضان..هذه التصريحات التي تحمل في طياتها شيئا من الرحمة بالطلاب الغلابة.. إلا أنه حتي هذا الشيء لم يتحقق.. ففي أول يوم امتحان الأحد الماضي وكان يوما شديد الحرارة، انقطعت الكهرباء عن لجنة مدرسة المعرفة الرسمية للغات بفيصل الجيزة لمدة نصف ساعة كاملة.. وتزامن مع ذلك امتحان اللغة العربية، والذي أشهد لواضعه بالذكاء الشديد وبالعبقرية وتمكنه من اللغة.. فهو السهل الممتنع.. امتحان صادم، يصيب الطلاب بالحيرة والتشتت ويفقدهم الثقة.. مما كان من نتيجته وفاة طالبة واصابة عدد من الطلاب. ولا أعلم لماذا كل ذلك.. هل هي الحرب؟ أم أنه توجه لحرمان الطلاب من استكمال تعليمهم الجامعي.. وأن حبوا يدفعوا في الجامعات الخاصة.. ما هي الحكومة مابتفتحش جامعات تانية.. كفاية اللي موجود. ياسيادة الوزير إذا لم تكن تستطيع منع التسريبات.. ووقفت عاجزاً عن تطوير التعليم.. كما أن هناك رغبة في اذلال الطلاب واولياء الأمور.. وعدم استكمال الطلاب مسيرة التعليم.. فكان عليك ان تفي بعهدك، بعدم انقطاع الكهرباء عن اللجان.. فإذا لم تكن قادراً علي الوفاء بعهدك فلترحل غير مأسوف عليك. مر عام مر عام علي تولي السيسي سدة الحكم.. وملأت الصحف والقنوات التليفزيونية الدنيا ضجيجا بانجازات الرئيس.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ليه الغلابة مش حاسة بالانجازات؟ صحيح أن الرئيس له رصيد كبير في قلوب المصريين.. وان حبه يجعلهم صابرين.. وان عامه الأول شهد كثيراً من الانجازات.. ووضع حجر اساس العديد من المشروعات القومية العملاقة.. والتي سوف يفتتح أهمها خلال أيام.. وهي قناة السويس الجديدة. لكن الحكومة لم تكن علي مستوي طموحه.. فلم تستطع ملاحقته.. ولم تضع خططا تمس حياة الناس.. ولذلك لم نلاحظ تحسن خدمة العلاج والصحة.. ولم نستشعر بأمل في تطوير التعليم، الذي اقتصر علي بناء المدارس وتعيين المدرسين.. ولم يطرأ جديد علي الأحوال الاقتصادية والاجتماعية.. بل مزيد من ارتفاع الاسعار. حكومة كل همها ارضاء المستثمرين ورجال الاعمال،حكومة لا تملك قدرا من المغامرة.. كل ما تفعله انها تستجيب لتعليمات البنك الدولي برفع اسعار الطاقة.. رغم ان الظروف الداخلية لا تسمح بذلك.. حكومة أكتفت بالتواجد في الشارع.. دون ان تستجيب لرغبات الشارع. والدليل علي ذلك، تدخل الرئيس شخصيا لصالح الفقراء والغلابة.. واصداره تعليمات للحكومة بعدم زيادة اسعار الكهرباء وتحديدا للشرائح الثلاث الأولي.. أي من يستهلك حتي 200 ميجاوات في الشهر.. أليس هذا خير دليل علي ان الرئيس يشعر بالمواطنين أكثر من حكومة الشارع.. وان تفكيره يسبق الحكومة بمسافة كبيرة. هذا ما يجعل الغلابة لا يشعرون بأي تحسن في حياتهم.. المطلوب حكومة مغامرة شجاعة.