نعلم أن مصر تمر الآن بظروف سياسية واقتصادية صعبة وتحاول في نفس الوقت وضع استراتيجية واضحة لحل العديد من مشاكل الدولة المزمنة وعلي رأسها مشكلة الطاقة الكهربائية، التي لم يسلم من انقطاعها أحد في مصر في السنوات الأربع الماضية. هذا بخلاف متطلبات الطاقة الكهربائية لمشروعات التنمية التي أعلن عن أنها ستنفذ في المستقبل القريب. وتحت هذه الظروف الملحة ... فإنه يجب علينا جميعاً أن نكون مدركين لحجم المشكلة وما يجب اتخاذه من قرارات فورية ومن حلول عاجلة وحلول استراتيجية. وكذا يجب علينا - علي الأقل - المساهمة في نشر الوعي للمساهمة في الحلول المطلوبة. ولكن للأسف قرأت بإحدي صحف الصباح مقالة وتابعت في برنامج ممكن للإعلامي خيري رمضان، ووجدت بعض الأشياء التي يجب عليّ كعالم متخصص أن أوضحها تتعلق بالطاقة الشمسية ومنها ما يلي: 1- تكلفة إنتاج واحد ك. وات ساعة من الخلايا الشمسية يعادل أكثر من سبعة أضعاف تكلفته من الطاقة النووية ..... وهذه معلومات قديمة مضي عليها أكثر من 8 - 10 سنوات، حيث إن التطور الحديث في تكنولوجيا الخلايا الشمسية قد أدي إلي خفض التكلفة لتكون أقل من الضعف بالنسبة للطاقة النووية. ومازالت البحوث جارية لزيادة خفض التكلفة مع رفع نسبة الكفاءة. 2- مساحة الأرض المطلوبة لمزرعة خلايا شمسية بطاقة 20 ميجاوات هي 400 فدان، وهذه المساحة تزيد علي أربعة أضعاف المساحة المطلوبة. علماً بأن المساحة الفعلية للخلية الخاصة بإنتاج واحد ك. وات هي أقل من 2 متر مربع، وباقي المساحة للممرات والطرق وغرف التحكم وخلافه. 3- يقول د. العسيري إنه لا يجب تصنيع الخلايا الشمسيه لأنه ينتج عنها نفايات تؤثر علي البيئة عندنا ثم نصدر الكهرباء نظيفة إلي أوروبا. ولم يتعرض د. العسيري لنفايات الطاقة النووية وخطورتها المباشرة ليس علي البيئة فقط ولكن علي صحة الإنسان مباشرة. علماً بأن تصنيع الخلايا ووضعها في الصحراء ثم تصدير الكهرباء مباشرة لأوروبا سوف يضاعف الأرباح. كذلك نجد أن تصنيع الإلكترونيات كان وراء التطور للدول التي كانت متخلفة وسبقتنا في الخمسين سنة الماضية مثل ماليزيا وكوريا وتيوان ... مضاف إليهم الصين الآن ... كذلك يجب العلم بإنه تتم معالجة جميع نفايات تصنيع الإلكترونيات في داخل خطوط الإنتاج. 4- لم تتعرض الحلقة لصيانة محطات الطاقة النووية وما يتطلبه ذلك من مهارات عالية جداً بالإضافة للتكلفة العالية. ويجب أخذ ذلك في الإعتبار لأهميته القصوي، حيث إن محطة الطاقة الشمسية الحرارية في الكريمات تعمل بكفاءة أقل من 30 ٪ بسبب مشكلة القصور الفني في إمكانية الصيانة، فما بال محطات الطاقة النووية. 5- ذكر أثناء البرنامج أن العمر الإفتراضي للخلايا الشمسية يتراوح بين 15 إلي 20 سنة ولكن عمر محطات الطاقة النووية 60 سنة. وفي الحقيقة أن العمر الإفتراضي للخلايا الشمسية قد أصبح الآن يزيد علي 30 سنة، بحيث لا تقل كفاءة الحقل عن 80٪ بعد نهاية العمر الإفتراضي. وجار الآن تطوير صناعة الخلايا الشمسية لزيادة (ومضاعفة) العمر الإفتراضي باستخدام تكنولوجيا النانو إلكترونيكس، التي لم تستخدم بعد. وكذلك لم يذكر أثناء البرنامج أن تكلفة تكهين محطة الطاقة النووية بعد 60 سنة للتخلص من النفايات الضارة جداً ... تكاد تساوي تكلفة إنشاء محطة جديدة. 6- في الختام، لا أحب هنا أن أعدد مميزات محطات الطاقة الشمسية الفوتوفولتية وهي كثيرة جداً، وخاصة أن مصر مركز الإشعاع العالمي للطاقة الشمسية، مع توافر السيليكا النقية في رمال الصحراء المصرية. كذلك فإن التطور المستمر في تصنيع الخلايا الشمسية سوف يؤدي حتماً إلي استمرار انخفاض السعر، بعكس باقي مصادر الطاقة الأخري، مع زيادة كفاءة الإنتاج من المتر المربع وزيادة العمر الإفتراضي لها. ولا يجب أبداً التقليل من مميزات مصادر الطاقة الشمسية الفوتوفولتية لتذكية إنشاء المحطات النووية. فالأولي مميزاتها في وضوح الشمس أما الثانية (النووية) فإن البعد السياسي الإستراتيجي يجب أن يكون الحكم الأول والأخير في قرار إنشائها من عدمه.