ليس هناك ما يدعو لزيارة هذا المكان إلا إذا كنت من الرحالة المغامرين الذي يعشق إستكشاف الغابات الكثيفة ويجيد حماية نفسه من المفاجأت غير السارة التي ترتبط بالأحراش .. غير أنه لا يمكنك حماية نفسك من نسبة رطوبة تصل إلي 80 ٪ ودرجة حرارة خط الإستواء! .. ولكن هناك مبرر آخر قد يقودك إلي جويانا الواقعة علي الساحل الشرقي لأمريكا اللاتينية لتخوض مغامرة من نوع آخر وانت تتابع لحظة بلحظة العد التنازلي لإطلاق القمر الصناعي المصري نايل سات 201 من قاعدة كورو التي تبعد عن كيان عاصمة جويانا 70 كلم ، هذه التجربة التي لاتتكرر إلا كل 15 عاما عندما يقرب العمر الإفتراضي للقمر الأول علي الانتهاء فهي الثالثة في تاريخ مصر منذ توقيع الإتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات الفضائية عام 1977 حجزت مصر لنفسها بهذه الإتفاقية موقعاً في الفضاء ولكنها ظلت حبراً علي ورق خاصة أن تنفيذها يحتاج قراراً سياسياً وسيادياً في ظل تكلفة المشروع الكبير »نايل سات 201 تكلف 237 مليون دولار تصنيعاً وأطلاقاً وتأميناً« وأن مسألة التراجع بعد إطلاق القمر الأول أمر غير وارد وجاء قرار الرئيس حسني مبارك في عيد الإعلاميين عام 1995 ببدء تصنيع القمر الصناعي المصري بمثابة إشارة بث لدخول مصر عصر الفضاء وتم توقيع عقد تصنيع النايل سات 101 في 15 أكتوبر في نفس السنه مع شركة متر ماركوني الفرنسية ولم تنتظر مصر حتي تطلق قمرها الأول ولكنها إستأجرت قنوات علي أقمار دولية والقمر الصناعي العربي حتي ظهر قمرها الأول عام 1998 وتم إطلاق الثاني عام 2000 لتصبح مصر أول دولة أفريقية وشرق أوسطية تمتلك قمراً صناعياً مخصصاً للإتصالات والبث الفضائي، اما اليوم وبعد 12 عاماً فقد أصبحت مصر أيضاً هي الدولة الوحيده إفريقياً وعربياً التي تمتلك ثلاثة أقمار صناعية ساعة الصفر كانت ساعة الصفر محددة لإطلاق المولود المصري الجديد الأربعاء الماضي في الساعة السادسة إلا ربع بتوقيت جويانا الثانية عشرة إلا ربع بتوقيت القاهرة .. وكانت لحظات صمت تسود مركز جوبيتر للتحكم والمراقبة الذي يتم من خلاله مباشرة عمليات الإعداد والتحضير للإطلاق الا أن إطلاق الصاروخ أريان 5 تأخر عن موعده 15 دقيقة ليضبط نفسه علي منتصف ليل القاهرة ، وعندما سألت جون إيف لوجال عن سبب التأخير بإعتبار رئيس مجلس إدارة شركة أريان سبيس المصنعة للصاروخ وعدد الحالات التي لم تنجح شركته في إطلاق الأقمار قال وكله ثقة وهو يحتفل بنجاح الإطلاق : طرأت بعض المشاكل أثناء التأكد من الوصلات الأرضية بين غرفة التحكم وبين الصاروخ وهي وصلات إحتياطية وليست أساسية وكلها أمور عادية يمكن أن تحدث ولايؤثر ذلك علي عملية الإطلاق التي تأجلت دقائق لأننا نريدها محكمة ووفق حسابات دقيقة وأضاف لوجال في تصريحات خاصة لأخباراليوم : نحن من أكبر الشركات لتصنيع صواريخ حاملة لأقمار صناعية في العالم وأطلقنا 38 صاروخاً منذ عام 2000 وحتي الأن ولم يفشل واحد في أداء مهمته . وقال : أن مصر بالنسبة لنا ليست مجرد زبون ولكننا شركاء نجاح عمره 12 عاما ونحن شركة عريقة نختار من نتعاون معه ومصر دوله لها مباردة لإطلاق أقمار صناعية وحققت سبقاً في العمل بالنظام الرقمي الذي يعد مطابقاً لأحدث التقنيات العصرية ، مؤكداً أن التواصل سيظل مستمراً وأنه زار اللواء أحمد انيس رئيس الشركة المصرية للأقمار الصناعية مرتين خلال العام الماضي إستعادا لاطلاق النايل سات 201 وزار الأهرامات التي ربطته بها عشق خاص ، وأشار لوجال أن تكلفة الصاروخ أريان 5 الذي ينفجر ويسقط في المحيط الأطلانطي بعد أداء مهمته يصل 100 مليون دولار واستغرق تصنيعه وإعداده عامين ونصف بمواصفات خاصة تمكنه من إطلاق قمرين دفعة واحده وهو ما تم بالفعل مع القمر المصري ثم القمر الأفريقي ، وابدي لوجال سعادة بالغة بنجاح إطلاق الرحلة 196 لكنها سعادة لن تمتد أكثر من ثلاث ساعات لأنه علي حد قوله سيبدأ في اليوم التالي مهمة جديده لإطلاق قمر جديد. الأمان الفضائي وصف اللواء أحمد أنيس دخول مصر بالجيل الثاني من الأقمار الصناعية بأنه حالة من الأمان الفني والفضائي لمدة 15 عاماً خاصة أن المولود الجديد يتمتع بصحة جيدة وقدرات فنية تفوق قدرات القمرين 101 و102 مجتمعين . وإعتقد أنه إضافة للمشاهد العربي حيث نصل بالفعل لحوالي 80 مليون مشاهد ونتوقع مضاعفة العدد مع مضاعفة عدد القنوات علي نايل سات 201 والتي تبلغ طاقته أكثر من ألف قناة بتقنيات عالية ولدينا طلب متزايد من القنوات للبث علي أقمارنا وبالفعل هناك اتفاقيات كثيرة مع جهات مختلفة للاستفادة من القمر الجديد وسوف نبدأ في نقل عملائنا تدريجياً من نايل سات 101 إلي 201 ، وأضاف أن اطلاق نايل سات 201 ليس مسألة إعلامية فقط ولا يمكن إختزال الأمر في البحث عن عائدات اقتصادية وأن هناك أقمارا أقل في إمكانياتها تكلفت 300 مليون يورو بينما القمر المصري لا تتجاوز تكلفته 237 مليون دولار وهذه التكلفة سددناها بالفعل من مواردنا بعيداً عن موازنه الدولة وليس علينا ديوناً سوي فوائد القروض التي تسدد علي سبع سنوات بواقع قسطين في العام ورغم ذلك لن نرفع التأجير علي أقمارنا ، وصرح أنيس أنه مع بداية عام 2013 سيبدأ تخطيطا شاملا لتقييم أنفسنا وتحديد موقعنا الفضائي وذلك بالاجابة عن سؤالين ماذا بعد201 وهل نحن في حاجه لاطلاق قمر جديد آخر بديلاً عن 102 الذي سيخرج من الخدمه عام 2015 فرحة أول إشارة العضو المنتدب لشركة النايل سات المهندس صلاح حمزة .. كان يجلس داخل غرفة التحكم أثناء الاطلاق وغمرت وجهه سعادة كبيرة بعد نجاحها لكن كان أكثر فرحاً بتبقي أول إشارة من القمر الوليد في تمام السابعة إلا عشر دقائق وقال حمزة : إن الارسال عبر القمر يمكن أن يستقبله طبق صغير لا يتجاوز قطره »60 سم« وبذلك تسهل عمليات الاستقبال لنصل لأكبر عدد من المشهدين في المنطقة .. وعن خط سير القمر المصري قال: أنه في طريقه إلي المدار حيث يتم تثبيته علي بعد 37 ألف كيلو متر من الأرض وقد قطع المسافة بواقع 6 كيلو في الثانية ، ومن المفترض أن يصل لمدارة بعد غد الأثنين وسوف تبدأ عمليات الاختبار والتشغيل علي مدي 35 يوماً ليدخل بعدها مباشرة إلي نطاق الخدمة والتشغيل.