أستأذن القارئ العزيز في شغل هذه المساحة بهمّ يبدو فئوياً ومتعلقاً بالجماعة الصحفية. لكن له في رأيي ظلال وامتدادات تهم المجتمع بأسره لأن الأمر يتعلق بمنظومة قيم وسلوكيات ولغة خطاب قطاع من النخبة، بل هي نخبة النخبة. الحكاية بدأت بمناسبة انتخابات الصحفيين المقررة يوم الجمعة 6مارس القادم وارتفاع حرارة المنافسة علي منصب النقيب بين النقيب الحالي الأستاذ ضياء رشوان والنقابي المخضرم الأستاذ يحيي قلاش. بصرف النظر عن موقفي الشخصي إلا أنني أكاد أجزم أن هذه المرة من المرات النادرة التي ألمس فيها تشابهاً بين المرشحين المتنافسين لدرجة من شأنها إثارة الحيرة بين جمهور الناخبين. فكلا المرشحين يتمتعان بسمعة طيبة وهما من خريجي نفس الماعون الأيديولوچي ولا استبعد استشعار شيوخ هذا التيار الحرج من تنافس اثنين من أميز أبنائهما في انتخابات الصحفيين. لكن ما أثار قلقي بل واستيائي - إن اردتم الصدق - ما تابعته من عتاب الأصدقاء علي صفحات الفيس بوك من الزميل المحترم محمد منير باليوم السابع للسيد النقيب عما هو منسوب اليه بموقع «البوابة نيوز» من انطباعات أو آراء شخصية في منافسه الأستاذ قلاش ووصفه له بأنه « ليس له تاريخ نقابي ويردد شعارات فقط»!!، وبقوله: «انه قد يكون مقصراً في أداء بعض المجاملات الاجتماعية تجاه زملائه الصحفيين لكن الصحفي لم ينتخبه لكي يذهب ليعزيه او يزور «خالته العيانة»! صياغة الكلام أفزعتني ليس فقط لمعرفتي أنا وغيري بالتاريخ النقابي الطويل والناصع للأستاذ يحيي قلاش، ولا ليقيني بمعرفة السيد النقيب بهذا التاريخ النقابي الطويل لقلاش مقارنة بتاريخ النقيب نفسه، إنما للتجرؤ علي التفوه بمثل هذه المغالطة واستخدام التعبيرات المتعالية عن زملائه الذين أولوه ثقتهم وصوتوا له في المرة السابقة ولم يكن يليق بالأستاذ ضياء رشوان الانزلاق اليها في غمرة حماسه الانتخابي ووسط معركته الدعائية.. واستقر في ضميري بعضٌ من أمل في ألا يكون ضياء قد تورط فعلا في هذا الهراء. عدت إلي موقع البوابة نيوز للتيقن من دقة الكلام المنسوب اليه فوجدت ما هو أفزع. وجدت توضيحاً من الموقع بأن التصريحات المنسوبة للسيد النقيب ودية ولم تكن حواراً بالمفهوم الصحفي وتم نشرها بدون إذنه، وأن ضياء يقدر ويحترم جميع الصحفيين في الأسكندرية ولمجلس نقابتهم هناك!! هو اعتذار ضمني إذاً، لكنه عذر أقبح من ذنب ويكشف أكثر مما يستر ويغيظ أكثر مما يراضي ويطبطب. معني الكلام أن ضياء «باح» في كلامه المرفوع من النشر علي البوابة نيوز بما يمس زملاءنا في مجلس نقابة الأسكندرية أيضاً! يعني نقيب حالي ومرشح لفترة تالية علي رأس واحدة من أهم نقابات قيادة الرأي العام وهو فوق ذلك صاحب برامج نليفزيونية عديدة يقدم فيها النصائح للقيادة السياسية عن كيفية التصرف في المواقف والقضايا المختلفة، وكيفية تلافي المنزلقات والفخاخ السياسية وفوق هذا يفكر في الترشح لمجلس النواب أيضاً، ينزلق بنفسه في هذا المنعطف الخطيرخلال جلسة فضفضة مع صحابه وسط تناول المرطبات مثلاً؟ ولأني أعلم ان توجيه النصيحة أسهل بكثير من تطبيقها وأن التحذير من السقوط في حفرة أيسر من تجنب السقوط فيها فإنني قد ألتمس العذر في هذا الزلل لشخص عادي، لكن أن يكون مرشحاً علي مستويين نقابي وبرلماني، هنا يكون الانزلاق مكلفاً. لذلك أهيب بالزميل العزيز ضياء رشوان وبكل ما أكنه له من تقدير أن يبادر بتوضيح موقفه وأن يتحلي بجسارة الفرسان فيعتذر عما يستحق الاعتذار أو ينفي بوضوح ما قد يكون نسب اليه زوراً وبهتاناً، حتي لو كلفه ذلك فقدان بعض الأصوات فهو أفضل من أن يكلفه قسطاً من التقدير والاحترام اللذين يحظي بهما حتي بين مخالفيه.