الشيخ حسنى الجبرونى : الكفن أنواع حسب الإمكانيات «وحدوووه..كلنا لها» جملة تلخص حياة شخص بكل تفاصيلها السعيدة والشقية، تنتهي حياته بلحظة يتساوي فيها الغني والفقير ،فلأول مرة يعيش كلاهما نفس الطقوس، يرتدي نفس الملبس، يضع نفس العطر، يسكن نفس المكان بنفس المساحة، حين يسرع من كان احب الناس لإكرامك بالدفن ،تغادر كل عنفوانك وتتجرد من مناصبك وتخلع ثوب الحياة لتبقي طريحا علي الألواح يسكبك خرير ماء الغسل ، لا تسمع سوي اصوات عالية بعضها صراخ وبعضها دعاء وبعضها همهمات غير مفهومة، لحظة ربما تعيشها مرة بعمرك وربما اكثر إن فقدت عزيزا وحضرت غسله، تظل كلما تذكرتها ضئلت بعينك الدنيا الواسعة لتراها ارق من جناح البعوضة ،إنها لحظة الموت التي نودع فيها احباءنا علي خشبة الغسل يوارينا كفن ابيض قبل ان نحمل علي الأعناق مساقين إلي اللحد ،فماذا إن تحولت هذه اللحظة القاسية إلي مهنة يخوض صاحبها هذه الطقوس يوميا وربما اكثر من مرة في اليوم .. مغسل الموتي او كما يطلق عليه البعض « الحانوتي» المقترن ذكره بهادم اللذات ،فما لك ان تذكره إلا ويستعيذ السامعون ،مهنته مليئة بأسرار مرتبطة بعالم محاط بالغموض لايجيد التعامل معه إلا هو ، يتعامل مع الموتي اكثر من الاحياء فبالرغم من صعوبة مهنته التي دائما مايتحدث عنها الجميع بخيفة وحذر، إلا انه يفخر بها بل ويعتبرها مهنة سامية ورسالة إنسانية تستحق الجهد والعناء، الشيخ حسني الجبروني احد حنوتية السيدة زينب يعمل بغسل الموتي منذ اكثر من 45 عاما ،ورث مهنته عن والده وجده، بدأ حياته عاملا في مشرحة زينهم ،عاصر العديد من الحكايات المثيرة التي شاب لها رأسه ، ثم قرر الانفصال عن المشرحة واستكمال حياته في غسل الموتي وتكفينهم استعدادا للقاء ربهم، تحدث عن مهنته قائلا «اعترف ان مهنتي قد تكون مخيفة للكثيرين فأنا شخصيا يخشاني البعض ويتشاءمون من ذكري في مجالسهم، بينما اعتبر مهنتي احد نعم الله علي فهي تخرج الدنيا من قلبي يوما بعد يوم ،جعلتني لا اركض وراء الحياة وملذاتها بل اعلم جيدا ما نهاية ايامنا ،وربما كان يدب الخوف في قلبي قديما حين كنت اعمل مع والدي وحينها كنت ارفض تغسيل موتي الحريق او الحوادث ،بينما الأن فلا ارفض اي حالة مهما كان وضعها ، فقد أُمرنا بستر الميت ولا مجال للخوف في مهنتنا ،مضيفا من اصعب الحالات التي تمر علي في الغسل والتكفين هي حالات الحوادث بكل انواعها حيث تكون الجثة عبارة عن اشلاء قد يصعب تجميعها في كثير من الأحيان ،وكذلك موتي الفشل الكبدي حيث صعوبة توقف المتوفي عن النزيف ،موضحا قد يخلط البعض بيني وبين «التربي» او دافن الموتي فأنا يتوقف عملي عند تسليم المتوفي للتربي الذي يقوم بحفر القبر ولحد الميت ،واشار الجبروني إلي ان غسل الميت يبدأ بالوضوء ثم التغسيل كما يغسل الحي نفسه ،ثم لفه بالكفن من اليسار إلي اليمين، اما عن كرامات الميت فقد تتمثل في سهولة غسله ورائحة عطرة في المكان وابتسامة راضية علي وجه المتوفي . سحر شيبة