الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    تراجع عيار 21 الآن.. سعر الذهب في مصر اليوم السبت 11 مايو 2024 (تحديث)    زيادات متدرجة في الإيجار.. تحرك جديد بشأن أزمة الإيجارات القديمة    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن قمح    «القومية للأنفاق» تعلن بدء اختبارات القطار الكهربائي السريع في ألمانيا    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو بالدعوة لإنشاء إدارة مدنية لقطاع غزة    بلينكن يقدم تقريرا مثيرا للجدل.. هل ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في غزة؟    يحيى السنوار حاضرا في جلسة تصويت الأمم المتحدة على عضوية فلسطين    مجلس الأمن يطالب بتحقيق فوري ومستقل في اكتشاف مقابر جماعية بمستشفيات غزة    سيف الجزيري: لاعبو الزمالك في كامل تركيزهم قبل مواجهة نهضة بركان    محمد بركات يشيد بمستوى أكرم توفيق مع الأهلي    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    الاتحاد يواصل السقوط بهزيمة مذلة أمام الاتفاق في الدوري السعودي    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن حالة الطقس اليوم: «أجلوا مشاويركم الغير ضرورية»    أسماء ضحايا حادث تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    إصابة 6 أشخاص إثر تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    النيابة تأمر بضبط وإحضار عصام صاصا في واقعة قتل شاب بحادث تصادم بالجيزة    عمرو أديب: النور هيفضل يتقطع الفترة الجاية    حظك اليوم برج العقرب السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    حظك اليوم برج العذراء السبت 11-5-2024: «لا تهمل شريك حياتك»    بتوقيع عزيز الشافعي.. الجمهور يشيد بأغنية هوب هوب ل ساندي    النجم شاروخان يجهز لتصوير فيلمه الجديد في مصر    رد فعل غريب من ياسمين عبدالعزيز بعد نفي العوضي حقيقة عودتهما (فيديو)    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    تفاصيل جلسة كولر والشناوي الساخنة ورفض حارس الأهلي طلب السويسري    مران الزمالك - تقسيمة بمشاركة جوميز ومساعده استعدادا لنهضة بركان    نيس يفوز على لوهافر في الدوري الفرنسي    على طريقة القذافي.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة (فيديو)    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    انخفاض أسعار الدواجن لأقل من 75 جنيها في هذا الموعد.. الشعبة تكشف التفاصيل (فيديو)    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    الطيران المروحي الإسرائيلي يطلق النار بكثافة على المناطق الجنوبية الشرقية لغزة    الخارجية الأمريكية: إسرائيل لم تتعاون بشكل كامل مع جهود واشنطن لزيادة المساعدات في غزة    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 11 مايو 2024    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    حج 2024.. "السياحة" تُحذر من الكيانات الوهمية والتأشيرات المخالفة - تفاصيل    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الخليل .. الشبّان والشابات يتنافسون على تغسيل الأموات
نشر في الشعب يوم 22 - 09 - 2011

زاد عدد المغسلين والمكفنين للأموات في محافظة الخليل الفلسطينية ، في السنوات الخمس الماضية، وقد كان اللافت أن معظمهم ينتمي لجيل الشباب من الفئتين على حدّ سواء، ومن بينهم نظمي عبد الرؤوف السيوري 36 سنة ، والذي بدأ تغسيل وتكفين الأموات منذ أربعة سنوات، حين طلب من جده الشيخ عبد الرزاق السيوري(والذي يُعد أشهر وأبرز مغسل للأموات في الخليل لعقود) أن يعلمه الأمر، وذلك قبل أربعة أشهر من وفاته، فقد كانت أمنية الشيخ السيوري أن يسير أحد أبناؤه على خطاه، وبعد أسبوع على طلبه ذلك، دعاه جده لمرافقته "حين طلب جدي أن أرافقه، أحسست أن هناك ميتا، وأنه يريدني ان أحضر عملية التغسيل،وفعلا هذا ماكان، حيث حال وصولنا باشرت بعملية تغسيل المتوفي وفق إرشاداته، و كان الميت المسن قد توفي في طريق عودته من رحلة العلاج في الأردن، وأتذكر وقتها أنني لم أنام تلك الليلة! فكلما حاولت وضع راسي على المخدة، كنت أتذكر مشهد الميت! وأخذت تراودني الكثير من الأحلام والكوابيس، لكن الأمور عادت إلى طبيعتها بعد عدة أيام".
نظمي، الذي يعمل في تركيب الكرميد، أكد أن المحيطين به من الأقرباء والأصدقاء أحاطوه في باديء الأمر بالعديد من الأسئلة، والتي تمحورت حول كيف أمكنه فعل ذلك؟خاصة وأن عمره صغير، ولكن تشجيع البعض الآخر، وعلى رأسهم زوجته ساعده في المضي في المسيرة التي بدأها جده، ودون أي أجرمادي أيضا، وقد كفّن للآن ما يفوق عن 300 شخص من أبناء المحافظة، ومن بينهم جده الذي علمه تغسيل وتكفين الأموات!".
معتز الشريف36 سنة، شاب آخر تتلمذ على يد الشيخ الجليل السيوري(رحمه الله) حيث أوضح يقول" قبل عشر سنوات تعلمت تغسيل وتكفين الأموات على يد الشيخ السيوري، حيث كانت أول حالة أباشر العمل عليها لطفل عمره أيام، وفي باديء الأمر إرتعبت! لكنني إعتبرت الأمرمثل درس الدين الذي أعمل على تنفيذ ما جاء فيه، فتشجعت عقب ذلك، وبعد فترة بسيطة، قمت بتغسيل وتكفين جد ذات الطفل، ثم قريب لي فعمي فوالدي.. وهلم جر"
معتز الذي يعمل في التجارة الحرة، والذي يغسل ويكفن الأموات لوجه الله، يقول أنه إستمد جرأته في هذه المهنة من أيام مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994، حيث كان يقوم بربط الشاش مكان إختراق الرصاصة في بدن الشهداء، قبل أن يساهم في دفنهم، فمن وقتها ما عاد الخوف يدخل قلبه ".
وعن بعض أصعب المواقف التي واجهته في تغسيل أو تكفين أو دفن الأموات قال للحال"في إحدى المرات دخلت أحد القبور لأتفحص مكان ميت نود دفنه، فلم يكن هناك متسع لدفنه في القبر، نتيجة أن والده وجده وعمه، يغطون أرضية القبر، ولم تتحلل جثثهم بالكامل بعد!، مما إضطرني لنقل قطع من احد الميتين قطعة قطعه! لخلق مساحة أضع فيها الميت الجديد! وكانت كل قطعه لا تزال ملتصقة بالأرض كإلتصاق الشمع!! فتخيل كيف يكون شخص كامل وتقوم بسحب أجزاءه قطعه قطعة لنقله!!!"
الشيخ سليمان الأدهمي هو الآخر تعلم تغسيل وتكفين الأموات، وفق الطريقة الشرعية على يد الشيخ الجليل"رحمه الله" منذ كان عمره 31 سنة، وذلك حين توفي والده قبل أكثر من ثمانية سنوات، والذي كان قد أوصاه على أن يعمل على تغسيل الأموات، إحتسابا لوجه الله.
الحافظ لكتاب الله الشيخ سليمان غسّل وفق قوله ، ما يزيد عن 200 شخص كما تحدث هو الآخر عن بعض أصعب المواقف" قبل 5 سنوات قام أحد العمال بالمرور من تحت"مزليك" ليشرف على كمية من الحديد المرفوعه، فسقط على رأسه أكثر من5 طن حديد، ما أدى إلى سحق رأسه تماما!! فاضطررت أن أعبيء منطقة الرقبة بالقطن مكان الرأس! وقد كان أمرا وشعورا صعبا للغاية خاصة مع تدفق الدماء الغزيرة، وفي حادثة أخرى، أذكر أنه طلب مني تغسيل احدهم، ولم يكن لذوية أي رغبة في أن يشاركوا بهذه المراسم الدينية لأنه قتل على خلفية تعاونه مع إسرائيل، مما إضطرني لطلب مساعدة أصدقاء لي للمشاركة في تغسيله، ناهيك عن تغسيلي لأربع حالات قتل، يكون شعور التغسيل فيها مختلفا".
الشيخ الأدهمي، والذي يعمل إماماً لأحد المساجد، ُيغسل الموتى بلا مقابل، فيكفيه أجر الله كما قال " للأسف، ان هناك أناس يمتهنون تغسيل الأموات ويأخذوا المال مقابل هذا العمل، فمن بين ال5 أو 7 أشخاص في المدينة الذين يغسلون الأموات، أقدر أن أكثر من نصفهم ، يتقاضون أتعابا جرّاء عملهم هذا! بل إن بعضهم يُحضروا بأنفسهم الكفن وحوائجه لأهل الميت، ُبغية زيادة الربح، أما أنا فلا أتقاضى الأجر مطلقا فيكفيني أجري عند الله".
فيما دافع الشيخ محمد زياد جابر، عن من يتقاضون الأجر قائلا"أنا لا أحدد مبلغا مقابل تغسيلي وتكفيني للأموات، وإنما أقول لأهل الميت أعطوني ما يخرج من نفسكم، خاصة أنه ليس لدي مهنة أخرى، علما أن المتعارف عليه ما بين 100 إلى 150 شيقل، وعادة ما أسأل أهل الميت إن كانوا يرغبون في ان أحضر لهم الكفن وحوائجه، فأحيانا يكون الميت بنفسه قد جهز كفنا لنفسه، وأحيانا يُطلب مني إحضار الكفن فإتقاضى عليه 200 شيقل غير أجرة التكفين، في حين أن البعض الآخر من المُغسلين يتقاضون 500 شيقل اعلى التغسيل والتكفين!!"
الشيخ جابر الحاصل على الدبلوم في الشريعة الإسلامية، بدأ في تغسيل وتكفين الأموات منذ كان عمره 30 عاما، وجاوز للآن ال18 سنة في هذه المهنة، وقد كان قبل إمتهانه لتغسيل الأموات وكتابة الكتب الإسلامية، يبيع الكتب الإسلامية، وعن بداية إمتهانه للتغسيل قال " بعد أن توفي عدد من أكبرالمغسلين المعروفين في الخليل وهم من آل أبوسنية والخطيب والدحنوس، لم يبقى في الخليل حينها سوى الشيخ عبد الرزاق السيوري (رحمه الله)، وبالتالي كانت البلد بحاجة لمُغسّلين، فتوسم الناس بي الخير،لأنني كنت أسير في الجنازات وأعظ على القبور، وأساهم في دفن الموتى، وعليه تعلمت على يدي الشيخ السيوري (رحمه الله) كيفية تغسيل وتكفين الميت، وفي أول مرة راقبت طريقته في تغسيل خال والدي، حيث شرح لي ذلك بالتفصيل، ورغم معاناتي لأيام بعدها من أحلام مزعجة وعدم الرغبة في الأكل، إلأ أنني تغلبت على ذلك لاحقا وأتقنت المهنة، وأصبحت أحل مكان الشيخ وأستلم مكانه كلما غاب نتيجة مرضه أو كلما كان يسافرإلى الأردن".
وقد تحدث الشيخ جابر أيضا عن بعض أصعب الحالات ممن ماتوا وقام بتغسيلهم " قبل أكثر من عقد، قمت بتغسيل رجل كهل لم يكن له إذن أو أنف! حيث كانت الجرذان والعرس قد أكلت منه لعدة أيام!! بسبب إهمال أولاده له،لأنهم كانوا يضعونه في تسوية البيت! ولم يكتشفوا أنه ميت إلا بعد عدة أيام!!، كذلك أذكر ُمسّن آخر لم يكن له أولاد، وكان يبيت في محله، وحين إشتمّ الجيران رائحة عفنة ونتنة من داخل المحل، قاموا بفتح المحل ليتبين أنه ميت منذ عدة أيام هو الآخر! وأنه قد بدأ بالتعفن والتحلل! وحين وصلت كان المشهد مرعبا بحق، حتى أنني ولشدة التعفن، لم أستطع تغسيله، مما إضطرني للإكتفاء بإجراء التييم له! علما أنني أيضا وفي أي حالة وفاة أشك فيها فإنني لا أغسلها، خاصة إن كان ذلك ليلا، فأذكر أنه في إحدى المرات تم طلبي لتغسيل رجل تبين بالكشف الأولي عليه أنه مطعون بآله حادة في صدره، فرفضت تغسيله".
الشيخ جابر والذي غسل وكفن للآن ما يزيد عن 1500 شخص بحسبه، يرى أن هنالك تراجعا كبيرا في عدد من يُغسلهم ليس لقلة الوفيات وإنما لما قال أنها ظاهرة بدأت تسري بين الشباب لتغسيل وتكفين الموات" هذا العام غسلت 30 شخص بينهم 6 أطفال فقط ، أما العام الماضي فقد غسلت وكفنت قرابة 60 شخص، وأما العام الذي سبقه فما يزيد عن ال80 شخص، وبالتالي فإن التناقص ليس لقلة الموتى ولكن لكثرة المغسلين الجدد ! ففي مدينة الخليل وحدها هناك قرابة 10 مغسلين من جيل الشباب!، ورغم أنني كنت عامل مشجع لذلك، لكون أنني بنفسي كنت ولفترة أحث وأشجع الشباب في المساجد والمنابرعلى ذلك، بسبب وجود نقص في المغسلين قبل أكثر من عقد من الزمان، وتحديدا في الفترة التي كنت والحاج السيوري(رحمه الله)الوحيدين في المدينة، وبالتالي فإني أعاني الآن من تدهور في وضعي المالي، جراء كثرة المغسلين الشباب هذه الأيام، وتناقص من باتوا يلجأون لي وتنكرهم لي، في الوقت الذي غيري يعملون أكثر من مهنة! لكل ذلك ولوجود فوضى تغسيل الأموات ، أفكر بجدية للسفر والإقامة في السعودية، مع ذلك أطالب الجهات الرسمية، بإيجاد هيئة لتغسيل الموتى، للعمل تحت مظلتها، بحيث يكون أهل الخبرة موظفين رسميين فيها، ويتقاضون الأجرمنها".
وإلى ذلك الحين، فإنني أود أن أسأل المٌغسلين الجد، من منهم أخذ إجازة في تغسيل وتكفين الأموات؟ وأليس الواجب أن تعمل الجهات الرسمية كوزارة الأوقاف أو غيرها إختبارات شفوية وأخرى مكتوبة مثلا، للتثبت من أن المغسلين الجُدد يُغسلون الميت وفقط الطريقة الشرعية الصحيحة؟ خاصة إذا ما أخبرتكم أن الكثير من الناس في السنوات الأخيرة، أخذوا يُحدثوني عن العديد من الحوادث لتغسيل الموتى التي تتم بطريقة غير صحيحة أو شرعية من خلال المُغسلين الجدد!! وبالذات تعصير البطن للميت، فكثيرا ما استمعت لشكوى من بعض الأقارب أو مواطنين في المستشفى بعد دفن أقاربهم، حول ان من كفن فقيدهم من بعض الشباب يلفون الكفن عليه دون تعصير بطنه!! بمعنى انه يبقى غير نظيف ، خاصة إن كان الميت قد توفي قبل يوم، حيث يكون الطعام قد تعفن في معدته،واحواله بالتالي سيئة وبحاجة لنظافة أكثر!! ".
وأتبع قائلا" أضف إلى ذلك أنه قد تكون هناك حالات غير طبيعية لبعض المتوفين، وبالتالي فإن ما يُستخدم للتغسيل قد يختلف، فمثلا قمت في مرتين مختلفتين بتغسيل طفلين صغيرين أكبرهما عمره خمس سنوات، وكانا قد سقطا في زيت القلي المغلي وأصبحوا كالفحمه! ففي هذه الحالات مثلا لا نستخدم ليفة في تغسيله البدن، وإنما إسفنجه لأن جلده يكون ذائبا، ومثال آخر، أنني غسّلت رجلا مات جراء حادث سير، وكان رأسه مفتوح تماما ومخه خارجا، ففي هذه الحالة أيضا لا يمكننا إستخدام الماء الساخن أو (الفاتر) لأن ذلك يزيد في فتح الجرح، فهنا مثلا علينا إستخدام الماء البارد، وهكذا.."
بدوره أكد مغسل الموتى أحمد محارمه "وهو في نهاية العقد الثالث من العمر، ويعمل في العلاج الطبيعي" ولا يتقاضى أي أجر نتيجة تغسيله للموتى بحسبه، أن هناك عدد من المغسلين دون ذكرهم لا يتبعون الطريقة الصحيحة في غسل أو تكفين الموتى، وأنه عطفا على ذلك، ولتزاحم عدد كبير من الشباب والفتيات على تغسيل وتكفين الأموات، ونظرا لأن قرابة 10 أشخاص في الخليل معظمهم من الشباب ينافسون بعضهم على تغسيل وتكفين الأموات، فقد طلبت منه وزارة الأوقاف، إعطاء دروس لرواد المساجد المهتمين من الفئتين وفق السنة النبوية ، للتأكيد على الطريقة الصحيحة، وذلك من خلال دمية مخصصة لذلك، خاصة وأنه تعلم طريقة الغسل وفق الطرق الشرعية بناء على قراءة الكتب وتنفيذ وتطبيق ما يقرأ عمليا، فكانت آخر دورة نفذها بحسبه في شهر تموز الماضي، وأضاف" لاحظت فعلا أن نسبة الشباب الذين يتعلمون طريقة غسل الأموات كانت هي النسبة الكبرى من بين المتدربين، الذين كانت تراوح أعدادهم في كل مرة بين 100 و400 مشارك، كما كان عنصر النساء والفتيات كبيرا".
زوجة الشيخ زياد جابر"أم جابر الشويكي" إحدى قرابة 7 نساء في الخليل يُغسلن ويكفنّ الأموات من النساء ، وفق تقديرات عدة مصادر، وقد قالت للحال أنها بدأت بذلك منذ كان عمرها 27 سنة، حيث غسلت وكفنت على مدى 12 سنة مرت ما يزيد عن 150 إمرأه، أما عن البداية فقالت" من يأتون طالبين من زوجي تكفين الرجال باتوا يسألونه عن مُكفنة للنساء، ونظرا لشح عدد المغسلات من النساء تلك الفترة، كانوا يرجونه كي أغسل موتاهم!! وبعد بعض التردد في البداية، إلا أنني تعلمت الطريقة الشرعية من إحدى المغسلات (رحمها الله)، وأصبحت كلما أطلب لتغسيل إحداهن، ألبي في كل مرة أطلب فيها، على أن تأتي لأخذي إثنتين من النساء زيادة في الحرص، وإلى حدّ ما فلا زال لدينا للآن نقص في عدد المُغسلات من النساء، فعادة نحتاج لمساعدات لنا أثناء العمل أثناء التغسيل، ولكن،لقلة جرأة المرأة، كالإبنة أو الأخت للمتوفيه، لا نجد مفرا من طلب مساعدة أحد أبناء المتوفية، الأمر الذي غالبا ما يكون مُحرجا لنا، لأننا نضطر لأن نرفع عن أكمامنا أثناء العمل".
رغم ذلك فإن المُغسلة (أم ناصر) والتي لها ما يزيد عن ثمانية سنوات في تغسيل وتكفين الأموات من النساء، والتي قالت أنها غسلت ما يزيد عن 150 إمرأة حتى الآن، والتي تتقاضى مقابل ذلك ما يخرج من نفس ذوي الفقيدة هي الأخرى كما قالت، رأت أن هناك جيل جديد من الفتيات يتجه إلى تغسيل الأموات، وأن هنالك تزاحم على التغسيل والتكفين".
من جانبه رحب مفتي محافظة الخليل الشيخ محمد ماهر مسوده، بزيادة عدد من يتطوعون ويتطوعن لتعلم تغسيل وتكفين موتى المسلمين، لكنه شدد في ذات الوقت على ضرورة إتقان آداب وأحكام وأركان غسل الميت، إلى جانب تنفيذ شرط الأمانة، وأشار إلى أن تغسيل وتكفين الأموات عموما فرض كفاية، بحيث إذا ما قام به شخص، سقط ذلك عن البقية، وأنه إذا ما كان خالصا لوجه الله ودون مقابل مادي فلا مانع في هذا الأمر، وأضاف " أرى أن من أسباب زيادة الإقبال على تغسيل الموتى من جيل الشباب من الجنسين، حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال وبما معناه( من غسل ميتا وأدى فيه الأمانة وستر ما كان منه غفر الله ما تقدم من ذنبه)صدق رسول الله".
كما جدد مقتي الخليل مطالبته للبلدية ووزارة الأوقاف، بضرورة أن يكون هناك هيئة خاصة، لتغسيل وتكفين وتجهيز ونقل الأموات والصلاة عليهم في المساجد مقابل رسوم رمزية "هذا الأمر مطبق في الكثير من البلدان العربية و الإسلامية كدول الخليج والسعودية على سبيل المثال، إذ أن هناك هيئات خيرية تكون بها فئة مختصة من أناس دارسين هذا الأمر، ويتقنونه ولديهم خبره كافية في إعداد الأموات، تحت إشراف العلماء وبالتعاون مع وزارات الأوقاف، وعليه أيضا فإنني أدعو بالذات طلبة العلم الشرعي للتطوع والعمل في ذلك، حيث أنه ورغم أعداد الشباب الذين يقبلون على هذه المهنة، إلا أن نظرة المجتمع بشكل عام، لا تزال هي نظرة الإشمئزاز والإنتقاد لمن يقومون بهذا العمل".
وقد رد مدير مديرة الأوقاف في محافظة الخليل زيد الجعبري، على مطالب إيجاد جهة أو هيئة رسمية لتغسيل وتكفين الموتى بقوله"لدينا توجه لأن لنخصص مكانا في مسجد حمزة بن عبد المطلب لتغسيل الأموات، تحت إشرافنا، خاصة وأنه للأسف هناك مغسلين بعضهم يأخذوا مبالغ كبيرة، بدل تغسيلهم للميت، وهذا الأمرغيرمقبول أو صحيح، حيث أن الأصل في هذا الأمر أن يكون لوجه الله ".
كما أكد مدير مديرة الأوقاف في محافظة الخليل، أن الوزارة قامت وبالتعاون مع عدد من الواعظات التابعات لدار القرآن الكريم في مسجد الشيخ علي البكاء، بدورات لمغسلات الأموات في ذات المسجد، وفي الحرم الإبراهيمي الشريف، وذلك من خلال التطبيق على إحدى الدمى، كما بين أن عددا من المتدربات صغار السن أصبحن يساعدن في تغسيل الأموات.
وقد إعتبرأستاذ علم الإجتماع في جامعة بير زيت الدكتور مجدي المالكي، أن توجه شباب وفتيات الخليل لتغسيل الموتى وتكفينه، ظاهرة محلية، وأنها أمر ملفت بحق، وأضاف" قد تكون من بين الأسباب التي دفعت بالشباب للقيام بذلك أنه لا احد يُقبل على العمل فيها، أو ان أحد الشيوخ حث الناس على ذلك لأنها بدأت بالتراجع، مع ذلك فإن من أهم الدوافع بلا أدنى شك الدوافع الدينية من باب كسب الثواب، بدليل أن هذا العمل في مجمله عمل طوعي ".
يبقى ان نشير إلى أن الحاج عبد الرزاق السيوري(رحمه الله)، والذي تتلمذ على يديه معظم المُغسلين المعاصرين، قد توفي منذ قرابة 4 سنوات بعد ان جاوز الثمانين من العمر، وأنه قضى أكثر من نصف حياته في تغسيل الأموات خالصة لوجه الله، حيث غسل وكفن ما يقارب 6 آلاف شخص، بحسب لقاء أجريناه معه عام 2006.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.